للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرُّكَ إِلَيَّ صَاعِدٌ , فَلا يَزَالُ مَلَكٌ كَرِيمٌ , يَصْعَدُ إِلَيَّ مِنْكَ بِعَمَلٍ قَبِيحٍ , يَا ابْنَ آدَمَ، مَا تَكُونُ إِلَيَّ وَأَقْرَبُ مَا تَكُونَ مِنِّي إِذَا كُنْتَ رَاضِيًا بِمَا قَسَمْتُ لَكَ , أَبْغَضُ مَا تَكُونَ إِلَيَّ وَأَبْعَدُ مَا تَكُونَ مِنِّي إِذَا كُنْتَ سَاخِطًا بِمَا قَسَمْتُ لَكَ.

يَا بْنَ آدَمَ، أَطِعْنِي فِيمَا أَمَرْتُكَ، وَلا تُعْلِمْنِي مَا يُصْلِحُكَ , إِنِّي عَالِمٌ بِخَلْقِي , إِنَّمَا أُكْرِمُ مَنْ أَكْرَمَنِي , وَأُهِينُ مَنْ هَانَ عَلَيْهِ أَمْرِي , لَسْتُ بِنَاظِرٍ فِي حَقِّ عَبْدِي , حَتَّى يَنْظُرَ الْعَبْدُ فِي حَقِّي.

وَقَالَ وَهْبٌ: لَقِيَ رَجُلٌ رَاهِبًا، فَقَالَ: يَا رَاهِبُ، كَيْفَ صَلاتُكَ؟ فَقَالَ الرَّاهِبُ: لا أَحْسِبُ أَحَدًا سَمِعَ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ تَأْتِي عَلَيْهِ سَاعَةٌ لا يُصَلِّي فِيهَا , قَالَ كَيْفَ ذِكْرُكَ الْمَوْتَ؟ قَالَ: مَا أَرْفَعُ قَدَمًا وَلا أَضَعُ أُخْرَى إِلا رَأَيْتُ أَنِّي مَيِّتٌ.

فَقَالَ الرَّاهِبُ: كَيْفَ صَلاتُكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: إِنِّي لأُصَلِّي وَأَبْكِي حَتَّى يَنْبُتَ الْعُشْبَ مِنْ دُمُوعِ عَيْنِي.

فَقَالَ الرَّاهِبُ لِلرَّجُلِ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ تَضْحَكَ وَأَنْتَ مُعْتَرِفٌ بِخَطِيئَتِكَ خَيْرًا لَكَ مِنْ أَنْ تَبْكِي وَأَنْتَ مُدِلٌّ بِعَمَلِكَ , فَإِنَّ الْمُدِلَّ لا يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ , فَقَالَ الرَّجُلُ لِلرَّاهِبِ: فَأَوْصِنِي فَإِنِّي أَرَاكَ حَكِيمًا.

قَالَ: ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا وَلا تُنَازِعْ أَهْلَهَا فِيهَا , وَكُنْ فِيهَا كَالنَّحْلِ إِنْ أَكَلْتَ أَكَلْتَ طَيِّبًا , وَإِنْ وَضَعْتَ وَضَعْتَ طَيِّبًا , وَإِنْ وَقَعْتَ عَلَى عُودٍ لَمْ تَكْسَرْهُ , وَانْصَحْ لِلَّهِ نُصْحَ الْكَلْبِ لأَهْلِهِ يُجِيعُونَهُ وَيَطْرُدُونَهُ , وَيَأْبَى إِلا أَنْ يَنْصَحَ لَهُمْ.

وَكَانَ وَهْبٌ إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: وَاسَوْأَتَاهُ إِذَا كَانَ الْكَلْبُ أَنْصَحَ لأَهْلِهِ مِنْكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>