للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ يَقُولُ: قَتَلَنِي الْعِلْجُ أَوْ قَالَ: قَتَلَنِي الْكَلْبُ، وَكَانَ مَعَ الْعِلْجِ سِكِّينٌ ذَاتُ طَرَفَيْنِ لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا، فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، قَالَ: وَتَنَاوَلَ عُمَرُ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فَأَمَّا مَنْ يَلِي عُمَرَ فَقَدْ رَأَوْا الَّذِي رَأَوْا، وَأَمَّا مَا فِي نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَدْرُونَ إِلَّا أَنَّهُمْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ وَهُمْ يَقُولُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ، قَالَ: فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِالنَّاسِ صَلَاةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي؛ فَجَالَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَبْدٌ لِمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، فَقَالَ: الصنع؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ، لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَيْتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ، وَقَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَ الْعَبَّاسُ مِنْ أَكْثَرِهِمْ رَقِيقًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا، أَيْ: إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا، فَقَالَ: أَبَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ وَصَلُّوا إِلَى قِبْلَتِكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ، قَالَ: فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ، فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَائِلٌ يَخَافُ، وَقَائِلٌ لَا بَأْسَ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ يَعْنِي مَاءً طُرِحَ فِيهِ التَّمْرُ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَوَلَجَ النَّاسُ يَثْنُونَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ شَابٌّ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَتْ لَكَ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِدَمٌ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>