للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضُرِبَ الْعَبْدُ بِعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ الْقَلْبِ.

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ فِي قَلْبِي قَسْوَةً نَظَرْتُ إِلَى وَجْهِ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَكَانَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ ثَكْلَى.

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كُنَّا نَأْتِي فَرْقَدَ السَّبَخِيَّ وَنَحْنُ شُبَبَةٌ فَيُعَلِّمُنَا فَيَقُولُ: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ زَمَانًا شَدِيدًا، شُدُّوا الْأُزُرَ عَلَى أَنْصَافِ الْبُطُونِ، وَصَّغِّرُوا اللُّقَمَ، وَشُدُّوا الْمَضْغَ، وَمُصُّوا الْمَاءَ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَحُلَّنَّ إِزَارَهُ فَتَتَّسِعَ أَمْعَاؤُهُ وَإِذَا جَلَسَ لِيَأْكُلَ فَلْيَقْعُدْ عَلَى إِلْيَتِهِ وَلْيُلْزِقَنَّ فَخْذَيْهِ بِبَطْنِهِ، وَإِذَا فَرَغَ فَلَا يَقْعُدْ وَلْيَجِئْ وَلْيَذْهَبْ وَاخْتَفُّوا فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ زَمَانًا شَدِيدًا.

قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى فَرْقَدٍ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ خَلٌّ حَامِضٌ وَهُوَ يَقُولُ بِاللُّقْمَةِ فِي جَوْفِهِ ثُمَّ يَأْكُلُ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَفْعَلُ هَذَا يَا أَبَا يَعْقُوبَ؟ قَالَ: لِيَقْطَعَ عَنِّي النِّكَاحَ.

وقَالَ جَعْفَرٌ: لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَتَقَرَّى عِشْرِينَ سَنَةً مَا يَعْلَمُ بِهِ جِيرَانُهُ.

وَقَالَ جَعْفَرٌ: أَخَذَ بِيَدِي حَوْشَبٌ يَوْمًا فَقَالَ: يُوشِكُ إِنْ بَقِيتَ يَا أَبَا سُلَيْمَانَ أَنْ لَا تَلْقَى مُؤْنِسًا، وَيُوشِكُ إِنْ بَقِيتَ أَلَّا تَرَى مُرْشِدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>