للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَدًا جَافًّا لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَلَهُ حَدٌّ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَمَادَى بِهَا) أَيْ بِالنُّفَسَاءِ (الدَّمُ جَلَسَتْ سِتِّينَ لَيْلَةً) عَلَى الْمَشْهُورِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ بَعْدَ السِّتِّينَ أَوْ انْقَطَعَ ثُمَّ عَاوَدَهَا قَبْلَ مِقْدَارِ الطُّهْرِ لَا تَسْتَظْهِرُ وَاغْتَسَلَتْ وَ (كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً) ع: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ (تُصَلِّي وَتَصُومُ وَتُوطَأُ) سَوَاءٌ كَانَتْ تُمَيِّزُ أَمْ لَا، فَإِنْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ، وَجَلَسَتْ شَهْرًا مَثَلًا مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ قَضَتْ مَا فَاتَهَا مِنْ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِعَادَةُ، أَمَّا إنْ انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَ السِّتِّينَ وَعَاوَدَهَا بَعْدَ مِقْدَارِ الطُّهْرِ فَهُوَ دَمُ الْحَيْضِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَقَّبَ ذَلِكَ بِمَا يَكُونَانِ بِهِ فَقَالَ:

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَجِبُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْوَلَدِ دَمٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا يَقُولُهُ الشَّارِحُ فَيُجْزِئُ، وَلَوْ نَوَتْ بِغُسْلِهَا الْوَلَدَ كَانَ مَعَ الْوَلَدِ دَمٌ أَمْ لَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْوَلَدِ دَمٌ نَوَتْ الْغُسْلَ مِنْ الدَّمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَلَاعُبٌ فَلَا يُجْزِئُ [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] كَلَامُهُ هَذَا يَقْتَضِي وُجُودَ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَكَلَامُ بَهْرَامَ يُفِيدُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ. [قَوْلُهُ: سِتِّينَ لَيْلَةً] أَيْ مَعَ يَوْمِ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تَمْكُثُ سِتِّينَ يَوْمًا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تَسْأَلُ النِّسَاءَ [قَوْلُهُ: أَوْ انْقَطَعَ] أَيْ بَعْدَ السِّتِّينَ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْتَمَرَّ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ شَامِلٌ لَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى فَهِيَ مَدْلُولَةٌ لَهُ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: قَبْلَ مِقْدَارِ الطُّهْرِ] أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا [قَوْلُهُ: لَا تَسْتَظْهِرُ] رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَعْنِي الِاسْتِمْرَارَ بَعْدَ السِّتِّينَ أَوْ الِانْقِطَاعَ الْمَذْكُورَ [قَوْلُهُ: وَاغْتَسَلَتْ] أَيْ عِنْدَ تَمَامِ السِّتِّينَ [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ تُمَيِّزُ أَمْ لَا] هَذَا كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تُصَلِّي سَوَاءٌ كَانَتْ تُمَيِّزُ أَمْ لَا اهـ.

أَيْ كَانَتْ تُمَيِّزُ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ السِّتِّينَ أَمْ لَا، هَذَا مَعْنَاهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَالرَّاجِحُ مَا أَفَادَهُ زَرُّوقٌ وَهُوَ أَنَّهَا إنْ مَيَّزَتْ يَكُونُ ذَلِكَ حَيْضًا كَمَا إذَا انْقَطَعَ عِنْدَ السِّتِّينَ وَأَتَاهَا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَنَصُّ زَرُّوقٍ قَوْلُهُ تُصَلِّي إلَخْ يَعْنِي كَمُسْتَحَاضَةِ الْحَيْضِ مَا لَمْ تُمَيِّزْ اهـ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ] هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا وَنِهَايَتُهُ قَوْلُهُ وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِعَادَةُ [قَوْلُهُ: وَجَلَسَتْ شَهْرًا] أَيْ بَعْدَ السِّتِّينَ [قَوْلُهُ: قَضَتْ مَا فَاتَهَا مِنْ الصَّلَاةِ] هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِعَادَةُ ضَعِيفٌ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ الْقَوْلِ فَإِنْ كَانَ قَوْلٌ بِأَنَّهَا تَمْكُثُ تِسْعِينَ مَثَلًا إذَا اسْتَمَرَّ لَا أَزِيدُ وَلَمْ أَرَهُ، فَالْحُكْمُ بِالِاسْتِحْبَابِ مُرَاعَاةً لَهُ ظَهَرَ لَهُ وَجْهٌ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ.

قَالَ الْحَطَّابُ: وَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ اهـ. نَعَمْ لِمَالِكٍ أَنَّهُ يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ لِقِصَرِ أَعْمَارِهِنَّ وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِنَّ، وَقَدْ سُئِلْنَ قَدِيمًا فَقُلْنَ مِنْ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَحَكَى الْبَاجِيُّ عَنْهُ أَنَّ أَقْصَاهُ سِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ انْتَهَى.

خَاتِمَةٌ:

إذَا انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ فَإِنَّهَا تُلَفِّقُ السِّتِّينَ يَوْمًا مُبْتَدِئَةً أَوْ مُعْتَادَةً فَلَيْسَتْ كَالْحَائِضِ، وَمَحَلُّ التَّلْفِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ طُهْرٌ تَامٌّ وَإِلَّا كَانَ الثَّانِي حَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>