للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَيْدٍ، وَاصْطِلَاحًا: حَلُّ الْعِصْمَةِ الْمُنْعَقِدَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْقَصْدُ فَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الطَّلَاقِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وَكَذَا مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ، مَعَ الْعِلْمِ وَالِاعْتِرَافِ بِأَنَّهُ لَمْ يُدْهَشْ بِالْإِكْرَاهِ عَنْهَا، وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ كَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ وَكَذَا الْأَعْجَمِيُّ إذَا لُقِّنَ لَفْظَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ لَا يَفْقَهُهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وَالرَّابِعُ الصِّيغَةُ وَتَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ، وَهُوَ مَا فِيهِ لَفْظُ الطَّلَاقِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَإِلَى كِنَايَةٍ وَهِيَ قِسْمَانِ: ظَاهِرَةٌ وَسَتَأْتِي وَمُحْتَمِلَةٌ نَحْوَ اذْهَبِي وَانْصَرِفِي فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي نِيَّتِهِ وَعَدَدِهِ.

وَقَدْ قَسَّمَ الشَّيْخُ الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ: بِدْعِيٍّ وَسُنِّيٍّ. فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُ؟ (وَطَلَاقُ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِدْعَةٌ) أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُتَقَرِّرَةِ الثَّابِتَةِ. [قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا إلَخْ] عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ، مُوجِبًا تَكَرُّرَهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ. [قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ] أَيْ الْمَمْلُوكَةُ عِصْمَتُهَا لِلزَّوْجِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ عِنْدَ خِطْبَتِهَا أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ.

[قَوْلُهُ: وَالْقَصْدُ] الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ أَنْ يَقْصِدَ اللَّفْظَ فِي الصَّرِيحِ أَوْ فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ حَلَّ الْعِصْمَةِ أَوْ قَصَدَ حَلَّ الْعِصْمَةِ فِي الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ. [قَوْلُهُ: فَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الطَّلَاقِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ] يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَالْتَوَى لِسَانُهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى، وَيَلْزَمُ فِي الْقَضَاءِ وَمَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَارِقًا فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَا طَارِقُ فَالْتَفَتَ لِسَانُهُ، وَقَالَ يَا طَالِقُ، وَادَّعَى أَنَّهُ الْتَفَتَ لِسَانُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى لَا فِي الْقَضَاءِ، فَإِنْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامًا، وَادَّعَى الْتِفَاتَ لِسَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِحُصُولِ شَيْئَيْنِ الْحَذْفُ وَالِالْتِفَاتُ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ] الْإِكْرَاهُ يَكُونُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ، وَلَوْ قَلَّ أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ ظَاهِرُهُ فِيهِمَا، وَإِنْ قَلَّ أَوْ صَفْعٍ فِي الْقَفَا لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَأٍ أَوْ بِجَمْعٍ، وَلَوْ غَيْرَ أَشْرَافٍ، فَإِنْ فُعِلَ بِهِ فِي الْخَلَاءِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لَا فِي ذِي الْمُرُوءَةِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ، أَيْ إذَا كَانَ يَسِيرًا، وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ، وَلَوْ فِي الْخَلَاءِ، وَالْمُرَادُ التَّخْوِيفُ بِذَلِكَ لَا حُصُولُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ، الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ وَغَيْرِهِ فِي الْمَلَأِ وَالْخَلَاءِ وَالْيَسِيرِ مَا يَحْصُلُ بِالتَّهْدِيدِ بِهِ، الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ فِي الْمَلَأِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِكْرَاهِ كَوْنُ الْخَوْفِ بِهِ يَقَعُ نَاجِزًا، فَلَوْ قَالَ لَهُ إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك فَعَلْت كَذَا بِك بَعْدَ شَهْرٍ وَحَصَلَ الْخَوْفُ بِذَلِكَ كَانَ إكْرَاهًا، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَةً فَطَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا فَأَعْتَقَ أَكْثَرَ أَوْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ فَأَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ عَكْسَهُ، فَاسْتُظْهِرَ عَدَمُ لُزُومِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ] وَمُقَابِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ إلَخْ] التَّوْرِيَةُ: أَنْ يَأْتِيَ الْحَالِفُ بِلَفْظٍ فِيهِ إيهَامٌ عَلَى السَّامِعِ لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ، وَيُرِيدُ الْبَعِيدَ كَقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ، وَيُرِيدُ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ يُرِيدُ وَجَعَهَا بِالطَّلْقِ، وَمَعْنَاهُ الْقَرِيبُ إبَانَةُ الْعِصْمَةِ. [قَوْلُهُ: مَعَ الْعِلْمِ] أَيْ بِهَا، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالِاعْتِرَافِ وَبَعْدُ فَهَذَا التَّقْيِيدُ ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ تَرَكَهَا مَعَ مَعْرِفَتِهَا. [قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ] أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى، وَلَا فِي الْقَضَاءِ.

[قَوْلُهُ: إلَى صَرِيحٍ] أَيْ لَفْظٍ صَرِيحٍ، وَقَوْلُهُ وَمُحْتَمِلَةٌ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ ظَاهِرَةٌ أَنْ يَقُولَ وَخَفِيَّةٌ. [قَوْلُهُ: فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي نِيَّتِهِ وَعَدَدِهِ] فَإِذَا قَالَ لَهَا اذْهَبِي وَانْصَرِفِي مَثَلًا وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ طَلَاقًا، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحِلَّ الْحَلِفِ إذَا كَانَ فِي وَقْتِ غَضَبٍ بِحَيْثُ يَقَعُ فِي الْوَهْمِ أَنَّهُ قَصَدَ الطَّلَاقَ، وَإِنْ قَالَ نَوَيْت بِذَلِكَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ بِطَلْقَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عُمِلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ هَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَفْتَى بِوَاحِدَةٍ إلَى أَنْ مَاتَ، وَالظَّاهِرُ رَجْعِيَّةٌ فِي الدُّخُولِ بِهَا بَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا وَانْظُرْ هَلْ يَحْلِفُ فِي دَعْوَاهُ عَدَدًا دُونَ الثَّلَاثِ.

[أَقْسَام الطَّلَاقَ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

[قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>