للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجَهَا إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ) الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ «لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ إخْرَاجِ وَارِثٍ» وَبِهِ قَضَى عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِيُعَامَلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ (وَلَا يَرِثُهَا هُوَ) ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ بِبَيْنُونَتِهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي النِّكَاحِ (وَكَذَلِكَ) مِثْلُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فِي الْمَرَضِ الطَّلَاقُ فِيهِ (إنْ كَانَ الطَّلَاقُ) طَلْقَةً (وَاحِدَةً) رَجْعِيَّةً (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ) الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ) فِي أَنَّهَا تَرِثُهُ لِيُعَامَلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَلَا يَرِثُهَا هُوَ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ. وَقَيَّدْنَا بِرَجْعِيَّةٍ. احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ أَبَانَهَا فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الثَّلَاثِ تَرِثُ مُطْلَقًا فِي الْعِدَّةِ وَخَارِجِهَا، وَمَفْهُومُ مَاتَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ بَعْدَمَا خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ، وَمَفْهُومُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَوْ مَاتَ فِيهَا لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَرِثُهَا كَمَا تَرِثُهُ (وَإِنْ طَلَّقَ الصَّحِيحُ) زَوْجَتَهُ (طَلْقَةً وَاحِدَةً) رَجْعِيَّةً (فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ مَا كَانَتْ) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِهَا (فِي الْعِدَّةِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا مِنْ لُزُومِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (فَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) مِنْ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ (فَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا بَعْدَهَا) وَقَوْلُهُ: (وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْهُ وَلَا يَرِثُهَا) تَكْرَارٌ مَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي النِّكَاحِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مِيرَاثِ الْجَدَّاتِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَحَجْبِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا فَقَالَ: (وَتَرِثُ الْجَدَّةُ) الَّتِي (لِلْأُمِّ السُّدُسَ) فَقَطْ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ (وَكَذَلِكَ) الْجَدَّةُ (الَّتِي لِلْأَبِ) تَرِثُ السُّدُسَ قِيَاسًا عَلَى الَّتِي لِلْأُمِّ (فَإِنْ اجْتَمَعَتَا فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا) نِصْفَانِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ الَّتِي لِلْأُمِّ أَقْرَبَ بِدَرَجَةٍ فَتَكُونُ أَوْلَى بِهِ) لِقُرْبِهَا وَ (لِأَنَّهَا الَّتِي) وَرَدَ (فِيهَا النَّصُّ وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي لِلْأَبِ أَقْرَبَهُمَا فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَرِثُ عِنْدَ) إمَامِنَا (مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهُمَا) يَقُمْنَ مَقَامَهُمَا عِنْدَ عَدَمِهِمَا تَحْجُبُ الْقُرْبَى الْبُعْدَى عَلَى حُكْمِ مَا تَقَدَّمَ (وَيُذْكَرُ) وَفِي رِوَايَةٍ وَيُحْفَظُ (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (أَنَّهُ وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ وَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ) وَهِيَ أُمُّ الْأُمِّ (وَاثْنَتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ) إحْدَاهُمَا (أُمُّ الْأَبِ وَ) الْأُخْرَى (أُمُّ أَبِي الْأَبِ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ الْخُلَفَاءِ) الْأَرْبَعَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) أَجْمَعِينَ (تَوْرِيثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ) .

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مِيرَاثِ الْجَدِّ فَقَالَ: (وَمِيرَاثُ الْجَدِّ) لِلْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ مِنْ وَلَدِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَيْهِ فِي حَالِ مَرَضِ الزَّوْجِ الْمَخُوفِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَوْ قَصَدَتْ تَحْنِيثَهُ بِفِعْلِهَا الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: تَرِثُ زَوْجَهَا] وَلَوْ اتَّصَلَتْ بِالْأَزْوَاجِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَتْ دُونَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ.

[قَوْلُهُ: لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -] أَيْ فَلَمَّا ارْتَكَبَ النَّهْيَ عُومِلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ. فَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَلْيُعَامَلْ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ.

[قَوْلُهُ: وَبِهِ قَضَى عُثْمَانُ] أَيْ فَقَدْ طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

[قَوْلُهُ: وَلْيُعَامَلْ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ] أَيْ وَلَوْ تَقْدِيرًا.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ] وَتِلْكَ الْعِلَّةُ وَإِنْ اقْتَضَيْت عَدَمَ إرْثِهَا إلَّا أَنَّ إرْثَهَا مِنْ حَيْثُ ارْتِكَابُهُ النَّهْيَ.

[قَوْلُهُ: فِي أَنَّهَا تَرِثُهُ] أَيْ مِثْلُهُ فِي أَنَّهَا تَرِثُهُ.

[قَوْلُهُ: فَلَا مِيرَاثَ] أَيْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الصِّحَّةِ لَا تُهْمَةَ فِيهِ.

[قَوْلُهُ: بَعْدَهَا] لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ: انْقَضَتْ إلَّا لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ.

[قَوْلُهُ: لَمْ تَرِثْهُ وَلَا يَرِثُهَا] لِفَسَادِ ذَلِكَ النِّكَاحِ وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، وَلَوْ أَذِنَ الْوَارِثُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ فِيهِ الْإِرْثُ، وَوَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ فِيهِ إدْخَالَ وَارِثٍ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ.

[مِيرَاث الْجَدَّات]

[قَوْلُهُ: لِقُرْبِهَا] الْأَوْلَى حَذْفُهَا لِوُجُودِهَا فِي الَّتِي لِلْأَبِ عِنْدَ كَوْنِهَا أَقْرَبَ.

[قَوْلُهُ: وَأُمَّهَاتِهِمَا] ظَاهِرُ حِلِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ حِلٌّ مَعْنًى.

[قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ وَيُحْفَظُ] وَهِيَ أَقْوَى كَمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ قُوَّةُ الْأُولَى

<<  <  ج: ص:  >  >>