للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ كَانَ ضَحِكُهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً وَقَيَّدَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِمَا إذَا لَمْ يَضْحَكْ عَمْدًا وَمَشَى عَلَى هَذَا الْقَيْدِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُصَلِّي فَذًّا كَانَ أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا (فِي التَّبَسُّمِ) فِي حَالِ تَلَبُّسِهِ بِالصَّلَاةِ لَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّ التَّبَسُّمَ إنَّمَا هُوَ تَحْرِيكُ الشَّفَتَيْنِ فَهُوَ كَحَرَكَةِ الْأَجْفَانِ أَوْ الْقَدَمَيْنِ.

(وَالنَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ) فَتَبْطُلُ بِعَمْدِهِ وَجَهْلِهِ وَلَا تَبْطُلُ بِسَهْوِهِ الْيَسِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَوْلُهُ: (وَالْعَامِدُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلنَّفْخِ فِي الصَّلَاةِ (مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ) حَشْوٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِبْطَالِ بِالنَّفْخِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ، وَدَلِيلُ الْإِبْطَالِ مَا رُوِيَ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَلَامٌ» يَعْنِي فَتَبْطُلُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَالظَّاهِرُ رَفْعُهُ.

فَرْعٌ: التَّنَحْنُحُ لِضَرُورَةٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا سُجُودَ فِيهِ اتِّفَاقًا، وَلِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ:.

أَحَدُهُمَا: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، وَالْآخَرُ لَا يُبْطِلُ مُطْلَقًا وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَنِينَ لِوَجَعٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ الْبُكَاءُ إذَا كَانَ لِتَخَشُّعٍ.

(وَمَنْ) كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ بِالْأَدِلَّةِ الْمَنْصُوبَةِ عَلَى الْكَعْبَةِ وَكَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَاجْتَهَدَ فِي جِهَةٍ غَلَبَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

يَخَافَ بِتَمَادِيهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا قَطَعَ.

الرَّابِعُ، أَنْ لَا يَلْزَمَ عَلَى بَقَائِهِ ضَحِكُ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ وَإِلَّا قَطَعَ وَلَوْ بِظَنِّ ذَلِكَ.

الْخَامِسُ أَنْ لَا يَكُونَ جُمُعَةً وَإِلَّا فَيَقْطَعُ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ.

[قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّبَسُّمِ] أَيْ لَا سُجُودَ فِي السَّهْوِ وَلَا بُطْلَانَ فِي الْعَمْدِ أَوْ الْجَهْلِ غَيْرَ أَنَّ الْعَمْدَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَهَا وَلَوْ سَهْوًا، وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ، وَحُكْمُ التَّبَسُّمِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْجَوَازُ وَفِيهَا الْكَرَاهَةُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ أَوْ يُتَوَسَّطَ فَيُحَرَّمَ، وَإِذَا شَكَّ هَلْ قَارَنَ تَبَسُّمَهُ الصَّوْتَ أَوْ لَا فَقَالَ أَصْبَغُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ فِي عَمْدِهِ وَيَسْجُدَ لِسَهْوِهِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّبَسُّمَ إنَّمَا هُوَ تَحْرِيكٌ] أَيْ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ.

[قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ] مَفْهُومُهُ أَنَّ النَّفْخَ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ كَالْكَلَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَنَفَخَ فِي وَجْهِهِ لَمْ يَحْنَثْ.

[قَوْلُهُ: حَشْوٌ إلَخْ] يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى السَّهْوِ [قَوْلُهُ: أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ] بَلْ وَلَا حَرْفٌ وَاحِدٌ، فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ النَّفْخُ بِالْفَمِ، وَأَمَّا بِالْأَنْفِ فَلَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَلَا سُجُودُهُ فِي سَهْوِهِ.

قَالَ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَبَثًا وَإِلَّا جَرَى عَلَى الْأَحْرَى عَلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ.

[قَوْلُهُ: وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ] أَيْ عَلَى الظَّاهِرِ لِأَجْلِ مُلَاءَمَتِهِ لِقَوْلِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ بِاجْتِهَادٍ أَيْ بَلْ عَنْ سَمَاعٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

[فَرْعٌ التَّنَحْنُحُ فِي الصَّلَاةِ]

[قَوْلُهُ: وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ قَيَّدَهُ السَّنْهُورِيُّ بِمَا إذَا فَعَلَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّلَاةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ عَبَثًا وَأَمَّا عَبَثًا فَتَبْطُلُ وَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الْبُطْلَانِ.

وَقَالَ الْحَطَّابُ ظَاهِرُ خَلِيلٍ وَلَوْ عَبَثًا.

[قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَنِينَ لِوَجَعٍ إلَخْ] ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَصْوَاتِ الْمُلْحَقَةِ بِالْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ قَالَهُ بَهْرَامٌ وتت.

[قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبُكَاءُ إذَا كَانَ لِتَخَشُّعٍ] أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ غَلَبَةً، وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبُكَاءِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ صَوْتٍ لَا يُبْطِلُ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةِ تَخَشُّعٍ أَوْ لَا، إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الِاخْتِيَارِيُّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَا بِصَوْتٍ يُبْطِلُ كَانَ لِتَخَشُّعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ إنْ كَانَ اخْتِيَارًا، فَإِنْ كَانَ غَلَبَةً لَا تُبْطِلُ إنْ كَانَ لِتَخَشُّعٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ أَبْطَلَ.

[الِاجْتِهَاد فِي الْقِبْلَة]

[قَوْلُهُ: وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَمِثْلُهُ مَنْ كَانَ مُقَلِّدًا غَيْرَهُ عَدْلًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابٌ.

[قَوْلُهُ: وَكَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ إلَخْ] أَيْ فَمَنْ كَانَ بِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا مِمَّا أَلْحَقَ بِهِمَا كَمَنْ بِجَامِعِ عَمْرٍو أَوْ بِمَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الَّتِي صَلَّى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ خِلَافًا لَمَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، فَلَوْ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا انْحِرَافًا يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا، بَلْ فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي أَنَّهُ مَتَى اجْتَهَدَ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ فَرْضُهُ مُسَامَتَةُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَلَوْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا أَوْ مَرِيضًا يَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَكَانِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>