١٠ - بَابٌ فِي الْإِمَامَةِ وَفِي بَيَانِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَمَنْ يَصِحُّ الِائْتِمَامُ بِهِ وَمَنْ لَا يَصِحُّ الِائْتِمَامُ بِهِ وَمَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ وَمَنْ لَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ (وَ) فِي بَيَانِ (حُكْمِ الْإِمَامِ) مِنْ أَنَّهُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ يَقُومُ مَقَامَ الْجَمَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(وَ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (الْمَأْمُومِ) مِنْ أَنَّهُ يَقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَبَدَأَ بِبَيَانِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ فَقَالَ: (وَيَؤُمُّ النَّاسَ أَفْضَلُهُمْ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ فَضْلًا مِنْ حَيْثُ الدِّيَانَةُ (وَأَفْقَهُهُمْ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ فِقْهًا. ع: اُنْظُرْ لِأَيِّ شَيْءٍ قَدَّمَ الصِّفَةَ الْمَفْضُولَةَ عَلَى الْفَاضِلَةِ إذْ فَضِيلَةُ الْفَقِيهِ أَعْلَى مِنْ فَضِيلَةِ الصَّالِحِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَنْ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ فَقَالَ: (وَلَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ فِي فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ لَا رِجَالًا وَلَا نِسَاءً) فَإِنْ ائْتَمَّ بِهَا أَحَدٌ أَعَادَ أَبَدًا عَلَى الْمَذْهَبِ فَالذُّكُورَةُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِمَامَةِ، وَلِصِحَّتِهَا شُرُوطٌ أُخَرٌ وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْعِلْمُ بِمَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ قِرَاءَةً وَفِقْهًا، وَالْعَدَالَةُ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ فِي الْإِمَامَةِ]
[قَوْلُهُ: الْإِمَامَةُ] هِيَ فِي اللُّغَةِ مُطْلَقُ التَّقَدُّمِ وَاصْطِلَاحًا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا كَوْنُهُ مَتْبُوعًا لَا تَابِعًا. [قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ] هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَيَؤُمُّ النَّاسَ أَفْضَلُهُمْ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَصِحُّ الِائْتِمَامُ بِهِ، أَيْ بِالْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ أَنَّ إمَامَةَ الذَّكَرِ صَحِيحَةٌ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يَصِحُّ هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ إلَخْ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ. [قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ] أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يَجْمَعُ وَحْدَهُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ يَقِفُ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ وَحْدَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: أَيْ أَكْثَرُهُمْ فَضْلًا] يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ وَاشْتَرَكُوا فِي الْفَضْلِ وَتَسَاوَوْا فِي الْفِقْهِ وَزَادَ أَحَدُهُمْ فِي الْفَضْلِ فَيُقَدَّمُ ذَلِكَ الزَّائِدُ.
[قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الدِّيَانَةُ] أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْفِقْهُ وَقَوْلُهُ، أَيْ أَكْثَرُهُمْ فِقْهًا إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى اشْتَرَكُوا فِي الْفِقْهِ وَزَادَ أَحَدُهُمْ فِيهِ فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ زَادَ عَنْهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فِي الْفَضْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الْفَضْلِ وَالْفِقْهِ.
وَفِيهِمْ مَنْ زَادَ عَلَيْهِمْ فِيهِمَا وَلَمْ يُسَاوِهِ أَحَدٌ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ سَاوَاهُ فِي أَحَدٍ فَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ ذَلِكَ الزَّائِدِ الْمَذْكُورِ، هَذَا إذَا كَانَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ عَلَى بَابِهِ كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ، أَيْ فَأَفْضَلُهُمْ فَقِيهُهُمْ أَيْ فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ ذَلِكَ الْفَقِيهِ عَلَى غَيْرِهِ. وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْفَاضِلِ عَلَى غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إمَامَةِ الْفَاسِقِ، أَيْ فَمُفَادُهُ أَنَّهُمْ لَوْ اشْتَرَكُوا فِي الْفَضْلِ وَالْفِقْهِ وَبَعْضُهُمْ زَادَ فِي الْفَضْلِ وَآخَرُ زَادَ فِي الْفِقْهِ أَنْ يُقَدَّمَ الزَّائِدُ فِي الْفَضْلِ مَعَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الزَّائِدُ فِي الْفِقْهِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ. [قَوْلُهُ: وَلَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ] وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ. [قَوْلُهُ: أَعَادَ أَبَدًا] أَيْ سَوَاءً كَانَ مِثْلَهَا أَمْ لَا وَصَلَاةُ الْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ صَحِيحَةٌ وَلَوْ نَوَتْ الْإِمَامَةَ.
وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ مَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَنْدَلُسِيُّ مَنْ أَمَّتْهُ مِنْ النِّسَاءِ أَعَدْنَ فِي الْوَقْتِ وَرَوَى ابْنُ أَيْمَنَ تَؤُمُّ أَمْثَالَهَا مِنْ النِّسَاءِ. [قَوْلُهُ: فَالذُّكُورَةُ] أَيْ الْمُحَقَّقَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجِنِّيُّ وَالْمَلَكُ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِمَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرْسِلَ إلَى الْمَلَائِكَةِ» . [قَوْلُهُ: وَهِيَ الْإِسْلَامُ] فَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْكَافِرِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ وَلَوْ تَحَقَّقَ مِنْهُ فِيهَا نُطْقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute