الْعَامِرَةُ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا انْتَهَى.
وَانْظُرْهُ مَعَ مَا فِي التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمَ: وَهَذَا فِي الْكَنَائِسِ الْعَامِرَةِ، وَأَمَّا الْكَنَائِسُ الدَّارِسَةُ الْعَافِيَةُ مِنْ آثَارِ أَهْلِهَا فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمِيَاهِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا اسْتَطْرَدَهُ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَبَدَأَ بِمَا يُجْزِئُ الرَّجُلَ فَقَالَ: (وَأَقَلُّ مَا يُصَلِّي فِيهِ الرَّجُلُ مِنْ اللِّبَاسِ ثَوْبٌ سَاتِرٌ) لِلْعَوْرَةِ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهَا (مِنْ دِرْعٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ (أَوْ رِدَاءٍ) بِالْمَدِّ أَمَّا الرِّدَاءُ فَهُوَ مَا يُلْتَحَفُ بِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ كَثِيفًا لَا يَصِفُ وَلَا يَشِفُّ (وَ) أَمَّا (الدِّرْعُ) فَهُوَ (الْقَمِيصُ) وَهُوَ مَا يُسْلَكُ فِي الْعُنُقِ.
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إلَّا أَنَّ دِرْعَ الرَّجُلِ مُؤَنَّثٌ وَدِرْعَ الْمَرْأَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
التَّيَقُّنُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا، أَوْ فِيهَا وَإِلَّا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا كَرَاهَةَ وَلَا إعَادَةَ عِنْدَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ، وَهَذَا فِي الدَّارِسَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَامِرَةِ، وَأَمَّا الْعَامِرَةُ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا، أَيْ عِنْدَ الشَّكِّ كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا إلَّا عِنْدَ تَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ.
[قَوْلُهُ: هَذَا فِي الْكَنَائِسِ الْعَامِرَةِ] أَيْ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْعَامِرَةِ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ التَّوْضِيحِ مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ، فَالْأَوَّلُ يَحْكُمُ بِأَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الدَّارِسَةِ، وَأَمَّا الْعَامِرَةُ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا عِنْدَ الشَّكِّ، وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ هَذَا يَحْكُمُ بِأَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الْعَامِرَةِ، وَأَمَّا الدَّارِسَةُ فَتَجُوزُ أَيْ عِنْدَ الشَّكِّ وَهَذَا أَيْ قَوْلُنَا، وَأَمَّا الدَّارِسَةُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَمَّا الدَّارِسَةُ الْعَافِيَةُ مِنْ آثَارِ أَهْلِهَا فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا، وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت هَذَا التَّقْرِيرَ الَّذِي اتَّضَحَ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ مُطْلَقًا عَامِرَةً وَدَارِسَةً عَلَى فُرُشِهَا أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ صَلَّى فِيهَا اخْتِيَارًا، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فَهِيَ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ، الْكَرَاهَةُ فِي أَرْبَعٍ وَعَدَمُهَا فِي أَرْبَعٍ، وَأَمَّا الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ فَمُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِيهَا اخْتِيَارِيًّا، وَأَنْ تَكُونَ عَامِرَةً وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى فُرُشِهَا الْمَشْكُوكِ، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ فَلَا إعَادَةَ [قَوْلُهُ: الْعَافِيَةُ] هُوَ بِمَعْنَى الدَّارِسَةِ.
[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]
[قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ إلَخْ] أَيْ أَقَلُّ مَا يُصَلِّي فِيهِ الرَّجُلُ أَقَلِّيَّةً لَا إثْمَ مَعَهَا ثَوْبٌ سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ [قَوْلُهُ: سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ] فِيهِ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دِرْعٍ وَلَا عَلَى رِدَاءٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَصْدَهُ أَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ تَتَحَقَّقُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، وُجِدَ سَاتِرٌ لِمَا عَدَاهَا كَمَا إذَا كَانَ السَّاتِرُ دِرْعًا وَرِدَاءً أَوْ لَا، فَقَوْلُهُ مِنْ دِرْعٍ وَرِدَاءٍ أَرَادَ مَثَلًا أَيْ أَوْ سِرْوَالٍ.
[قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهَا] أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ بِأَنَّهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ.
[قَوْلُهُ: أَمَّا الرِّدَاءُ فَهُوَ مَا يُلْتَحَفُ بِهِ] أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُلْبَسُ فَوْقَ الثِّيَابِ عَلَى عَاتِقَيْ الْمُصَلِّي؛ لِأَنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ زِيَادَةً عَلَى السَّتْرِ الْمَطْلُوبِ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ بَيَانُ أَقْسَامِهِ.
[قَوْلُهُ: لَا يَصِفُ] أَيْ يَصِفُ جِرْمَهَا أَيْ يُحَدِّدُهَا لِرِقَّتِهِ أَوْ إحَاطَتِهِ بِهَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَيُكْرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَصْفُ بِسَبَبِ رِيحٍ، فَإِنْ كَانَ بِسَبَبِهِ فَلَا كَرَاهَةَ وَمِثْلُهُ الْبَلَلُ بَلْ كَرَاهَةُ الْمُحَدِّدِ ثَابِتَةٌ وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَشِفُّ] أَيْ فَإِنْ كَانَ يَشِفُّ فَتَارَةً تَبْدُو مِنْهُ الْعَوْرَةُ بِدُونِ تَأَمُّلٍ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَالصَّلَاةُ بِهِ بَاطِلَةٌ، وَتَارَةً لَا تَبْدُو إلَّا بِتَأَمُّلٍ، وَحُكْمُهُ كَالْوَاصِفِ فِي الْكَرَاهَةِ وَصِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ، وَيُشْتَرَطُ الْمُقْتَضِي لِلْبُطْلَانِ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ مَعَ الْوَاصِفِ.
وَالْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الشَّافِّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الشَّرْطِيَّةَ فِي الْكَمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذَكَرَ. وَفِي الصِّحَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ قِسْمَيْ الشَّافِّ، أَقُولُ وَيَرُدُّ عَلَى الشَّارِحِ بَحْثٌ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مِثْلَ التَّحْدِيدِ بِالرِّيحِ فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ مَا إذَا كَانَ التَّحْدِيدُ بِمِئْزَرٍ وَفُسِّرَ الْمِئْزَرُ بِالْمِلْحَفَةِ، أَيْ كَبُرْدَةٍ أَوْ حِزَامٍ فَيُضَمُّ بِجَمِيعِهِ حَتَّى يَصِيرَ فِيهِ تَحْدِيدٌ لِعَوْرَتِهِ، لَكِنْ دُونَ تَحْدِيدِ السِّرْوَالِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ لِكَوْنِ جُزْئِهِ عَلَى الْكَتِفِ فَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي زِيِّ الْعَرَبِ وَيَحْتَاجُونَ إلَيْهِ بِخِلَافِ السِّرْوَالِ لَيْسَ مِنْ زِيِّهِمْ وَلِإِمْكَانِ تَغْطِيَتِهِ بِثَوْبٍ.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا الدِّرْعُ فَهُوَ الْقَمِيصُ إلَخْ] الَّذِي قِيلَ فِي الرِّدَاءِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الَّذِي يَشِفُّ وَاَلَّذِي يَصِفُ يَجْرِي هُنَا.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ دِرْعَ الرَّجُلِ مُؤَنَّثٌ] فَهُوَ عَلَى حَدِّ ثَلَاثَةٍ بِالتَّاءِ قَلَّ لِلْعَشَرَةِ إلَخْ