للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ] (بَابٌ فِي) عِلْمِ (الْفَرَائِضِ) جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ رَغَّبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْلِيمِهِ وَتَعَلُّمِهِ.

قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الِاثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ. وَابْتَدَأَ بِتَعْدَادِ مَنْ يَرِثُ فَقَالَ: (وَلَا يَرِثُ مِنْ الرِّجَالِ إلَّا عَشَرَةٌ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَهُوَ أَحْسَنُ (وَالْأَبُ وَالْجَدُّ لِلْأَبِ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ]

بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْإِرْثَ لَهُ أَرْكَانٌ وَأَسْبَابٌ وَشُرُوطٌ وَمَوَانِعُ، فَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ وَارِثٌ وَمُوَرِّثٌ وَشَيْءٌ مَوْرُوثٌ، وَأَسْبَابُهُ أَرْبَعَةٌ الْقَرَابَةُ الْمَخْصُوصَةُ وَالْوَلَاءُ وَبَيْتُ الْمَالِ وَالنِّكَاحُ وَلَوْ فَاسِدًا حَيْثُ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ، وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ تَقَدُّمُ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ وَاسْتِقْرَارُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَهُ وَالْعِلْمُ بِالْجِهَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِرْثِ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى الْمُقَدَّرِ.

[قَوْلُهُ: رَغِبَ النَّبِيُّ] أَيْ حَثَّ عَلَيْهِ حَثًّا قَوِيًّا أَيْ أَوْجَبَهُ وُجُوبًا أَكِيدًا مِنْ حَيْثُ ذِكْرُ الْعِلَّةِ أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْحَدِيثِ مُتَحَقِّقَةٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ، " وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى حَثَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُدَاوَمَةِ تَعْلِيمِهِ وَتَعَلُّمِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ قَصْدُهُ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ. وَقَوْلُهُ: فِي تَعْلِيمِهِ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ التَّعَلُّمِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ الْمُطَابِقُ لِلْخَارِجِ.

[قَوْلُهُ: قَالَ] جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ رَغَّبَ إلَخْ أَوْ بَيَانٌ لَهُ.

[قَوْلُهُ: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ» ] وُجُوبًا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاتِحَةِ وَسُنَّةً بِالسُّنَّةِ لِمَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَوْ آيَةً، وَنَدْبًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: «وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ» أَيْ وُجُوبًا كِفَائِيًّا وَكَذَا وَعَلِّمُوهَا أَوْ وَالنَّدْبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْوَاجِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِيمَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ] أَيْ فَإِنَّ الْعِلْمَ بِهَا سَيُقْبَضُ أَوْ أَنَّهَا سَتُقْبَضُ، وَنُكْتَةُ الْإِظْهَارِ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهَا تُسَمَّى عِلْمًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ اسْمٌ لِلْقَوَاعِدِ وَالضَّوَابِطِ أَوْ جِنْسِ الْعِلْمِ وَالتَّخْصِيصُ بِالذِّكْرِ أَيْ تَخْصِيصُ عِلْمِ الْفَرَائِضِ بِالْحَثِّ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ يُنْسَى أَيْ يُسْرِعُ إلَيْهِ النِّسْيَانُ لِكَثْرَةِ تَشَابُهِهِ، أَيْ سَيَذْهَبُ بِمَوْتِ أَهْلِهِ لَا أَنَّهُ يُنْزَعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ. فَإِنْ قُلْت: فَمَا السِّرُّ فِي التَّعْبِيرِ بِهِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ غَيْرُ مُرَادٍ؟ قُلْت: الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ كَالشَّبِيهِ بِاَلَّذِي يُنْزَعُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ أَوْ سَيُقْبَضُ حَامِلُهُ، وَعَبَّرَ بِالسِّينِ الْمُؤْذِنَةِ بِالْقُرْبِ مَعَ تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُحَقَّقَ الْوُقُوعِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْقَرِيبِ أَوْ نَظَرًا إلَى وُرُودِهِ عَلَى لِسَانِ أُمَّتِهِ.

وَقَوْلُهُ: «وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ» أَيْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبُلْدَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الْمُؤْذِنِ بِقُرْبِ الْكُبْرَى مِنْهَا وَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ فَإِنَّ الْعِلْمَ سَيَذْهَبُ بِمَوْتِ أَهْلِهِ وَلَا يُخَلِّفُونَ لِظُهُورِ الْفِتَنِ الْمُشْغِلَةِ عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُمْ، وَالْمُرَادُ سَتُوجَدُ وَعَبَّرَ بِمَا ذُكِرَ إشَارَةً إلَى تَحَقُّقِهَا وَأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ الْمُسْتَتِرِ ثُمَّ يَظْهَرُ. وَقَوْلُهُ: «حَتَّى يَخْتَلِفَ» أَيْ فَيَخْتَلِفَ فَلَيْسَتْ لِلتَّعْلِيلِ وَلَا بِمَعْنَى إلَى وَلَا إلَّا، وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْوُقُوفَ أَوْ اكْتِفَاءً بِهِ عَنْهُ، وَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِالِاخْتِلَافِ إشَارَةً إلَى عِظَمِ الْفُجُورِ بِحَيْثُ لَا يَقِفُونَ.

[قَوْلُهُ: الِاثْنَانِ] أَقَلُّ مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ أَوْ أَنَّهُ لَازِمٌ لِكُلِّ عَدَدٍ زَادَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا أَيْ عَارِفًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا إذْ وُجِدَ جَاهِلُ كَثِيرٍ.

[قَوْلُهُ: إلَّا عَشَرَةٌ] أَيْ عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِصَارِ؛ لِأَنَّهُمْ بِالْبَسْطِ عِدَّتُهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، وَالْأَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>