بِذَلِكَ صُورَتُهُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ السِّلَعِ وَيَبْقَى بَعْضُهَا وَيَكُونَ فِيهَا رَأْسُ الْمَالِ فَيَقُولُ لَهُ: نَقْتَسِمُ هَذَا الَّذِي نَضَّ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَهْلَكُ السِّلْعَةُ الْبَاقِيَةُ، وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى شِرْكَةِ الْمُضَارَبَةِ.
ــ
[حاشية العدوي]
خَمْسُونَ دِينَارًا إمَّا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ صَدَقَاتِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فَيَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُخَالِفُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الْكِسْوَةِ شُرُوطَ الْإِنْفَاقِ كُلِّهَا وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْبُعْدُ بِمَعْنَى طُولِ الزَّمَنِ بِحَيْثُ يُحْتَاجُ فِيهِ لِلْكِسْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ الْمَكَانُ الَّذِي هُوَ بِهِ [قَوْلُهُ: حَتَّى يَنِضَّ] بِكَسْرِ النُّونِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَضَّ يَنِضُّ إذَا صَارَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً.
قَالَ عج: وَكَسْرُ النُّونِ هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي لَامِيَّةِ الْأَفْعَالِ، وَالصِّحَاحِ. [قَوْلُهُ: وَيَكُونُ فِيهَا رَأْسُ الْمَالِ] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَأْسُ مَالٍ فَهُوَ أَوْلَى فِي الْمَنْعِ [قَوْلُهُ: فَيَقُولُ لَهُ نَقْتَسِمُ هَذَا الَّذِي نَضَّ] أَيْ، وَالسِّلَعُ بَاقِيَةٌ عَلَى الْقِرَاضِ قَالَ فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي عَقِبَ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ قَدْ تَهْلِكُ السِّلْعَةُ أَوْ يَتَحَوَّلُ سُوقُهَا فَيُنْقَضُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْهَا، وَيَجُوزُ أَيْ يَأْخُذُ السِّلْعَةَ فِي رَأْسِ الْمَالِ بِقِيمَتِهَا اهـ. زَادَ عج: وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَقْتَسِمَا السِّلَعَ كُلَّهَا بِقِيمَتِهَا اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَا نَضَّ إذَا قُدِّرَ رَأْسُ الْمَالِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ السِّلَعِ رِبْحًا أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى الْقِرَاضِ أَوْ الْمُفَاصَلَةِ، أَوْ جَعَلَ مَا نَضَّ رِبْحًا، وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ بَقِيَّةَ السِّلَعِ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَيَنْفَصِلَانِ أَوْ يَقْتَسِمَانِ جَمِيعَ السِّلَعِ بِأَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْمَالِ جُمْلَةً مِنْهَا فِي رَأْسِ مَالِهِ وَيَجْعَلَا مَا بَقِيَ مِنْهَا رِبْحًا يَقْتَسِمَانِهِ وَيَنْفَصِلَا جَازَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ، وَمِثْلُ صُورَةِ الشَّارِحِ فِي الْمَنْعِ مَا إذَا جَعَلَا جُمْلَةً مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَبَقِيَّةَ السِّلَعِ رِبْحًا يَقْتَسِمَانِهِ مَعَ الْبَقَاءِ عَلَى الْقِرَاضِ.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ نَضَّ الْمَالُ وَتَمَّ عَمَلُ الْقِرَاضِ فَإِنْ كَانَ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْرِيكُهُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَلَهُ تَحْرِيكُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ أَيْ مَعَ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا فِي تَلَفِهِ الْمَالَ وَخُسْرِهِ وَضَيَاعِهِ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ التُّجَّارُ، وَكَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ لِرَبِّهِ بِيَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى رَدِّهِ، وَإِذَا حَصَلَ فِي رَأْسِ الْمَالِ خُسْرٌ وَحَصَلَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ رِبْحٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ جَبْرُ الْخُسْرِ بِالرِّبْحِ، وَلَوْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ خِلَافَ ذَلِكَ مَا دَامَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ لَا إنْ قَبَضَهُ رَبُّهُ بَعْدَ الْخُسْرِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا.
[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسَاقَاةِ] مُشْتَقَّةٌ مِنْ السَّقْيِ؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ عَمَلِهَا. [قَوْلُهُ: لِتَقَارُبِهِمَا] أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِي كُلِّ الْإِجَارَةِ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute