للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَمِّ هَلْ هُوَ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) عَلَى الْمَذْهَبِ.

(وَمَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً مِنْ قَتْلِ نَفْسٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرَةٍ أَوْ شِبْهِهِ) كَالنَّبِيذِ (أَوْ) نَذَرَ (مَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ) كَالْمُبَاحَةِ وَالْمَكْرُوهِ (فَلَا شَيْءَ) أَيْ لَا كَفَّارَةَ (عَلَيْهِ لِيَمِينِهِ) فِي الْفَرْعَيْنِ، وَفِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الْأَوَّلِ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ: وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ قَوْلُهُ (وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ) رَاجِعٌ لِنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ قَوْلَانِ.

(وَإِنْ حَلَفَ) إنْسَانٌ (بِ) اسْمِ (اللَّهِ) أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ (لَيَفْعَلَنَّ مَعْصِيَةً) مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ أَوْ سَبِّ مَنْ لَا يَجُوزُ سَبُّهُ (فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ) الَّذِي حَلَفَهُ (وَلَا يَفْعَلْ ذَلِكَ) الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (وَإِنْ تَجَرَّأَ) أَيْ اقْتَحَمَ (فَفَعَلَهُ) أَيْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَلَمْ يُبَالِ بِعُقُوبَةِ عَاقِبَتِهِ (فَهُوَ آثِمٌ) لِفِعْلِهِ الْمَعْصِيَةَ (وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ بِالصِّفَاتِ فَقَطْ أَوْ بِهَا وَبِالْأَسْمَاءِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ فِي يَمِينٍ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ) ؛ لِأَنَّ الْعَهْدَ يَمِينٌ وَالْمِيثَاقَ يَمِينٌ فَإِذَا جَمَعَهُمَا فَقَدْ حَلَفَ يَمِينَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَتَعَدَّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ، قَالَ وَصَحَّحُوا تَأْوِيلَهُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ إلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَلَيْسَ عَلَى مَنْ وَكَّدَ الْيَمِينَ فَكَرَّرَهَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ غَيْرُ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ) مِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ.

وَإِذَا كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ لَمْ تَتَعَدَّدْ

ــ

[حاشية العدوي]

النَّذْرَ أَيْ يَتَحَقَّقُ بِهِ مِنْ تَحَقُّقِ الْكُلِّيِّ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهِ، وَمِثْلُ النَّذْرِ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ الْيَمِينُ وَالْكَفَّارَةُ كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةٌ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ [قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ] أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُبْهَمَ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَاللَّغْوِ وَالْغَمُوسِ وَالْكَفَّارَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحِلَّ كَوْنِهِ نَذْرًا مُبْهَمًا إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَكَعَلَيَّ نَذْرٌ حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْهُ فَإِنْ عَلَّقَهُ فَيَمِينٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صِيغَةُ نَذْرٍ مُطْلَقًا، وَعَلَيَّ كَذَا صِيغَتُهُ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ، وَإِلَّا فَيَمِينٌ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ] هَذَا يُفِيدُ وُجُودَ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَوَجَدْت فِي كَلَامِ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْمُخَالِفَ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فَلَهُ قَوْلَانِ: قَوْلٌ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ، وَقَوْلٌ بِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ وَيَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ.

[قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الْأَوَّلِ] أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَمَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً [قَوْلُهُ: خَمْرٍ] هُوَ الْمُسْكِرُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ، وَالنَّبِيذُ هُوَ الْمُسْكِرُ مِنْ غَيْرِهِ [قَوْلُهُ: وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ] الْمُرَادُ بِالِاسْتِغْفَارِ التَّوْبَةُ [قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ] هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.

[قَوْلُهُ: أَوْ الْمَعْنَوِيَّةِ] أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمَعَانِيَ [قَوْلُهُ: فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ] وَمِثْلُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ فَيُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ النَّذْرِ وَلَا يَفْعَلُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ مِمَّا لَا تُكَفَّرُ كَالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ طَلَاقُ الزَّوْجَةِ وَعِتْقُ الْعَبْدِ، لَكِنْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَبَرَّ هَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْأَجَلِ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِالْأَجَلِ فَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَحِلُّ [قَوْلُهُ: أَيْ اقْتَحَمَ] أَيْ ارْتَكَبَ وَقَوْلُهُ وَفَعَلَهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُبَالِ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ بِالصِّفَاتِ فَقَطْ مُتَعَلِّقٌ بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ أَيْ يُكَرِّرُ الْيَمِينَ بِالصِّفَاتِ أَوْ تَصْوِيرٌ لِلْيَمِينِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَحْلُوفَ بِهِ، وَأَرَادَ الصِّفَاتِ وَلَوْ بِحَسَبِ اللَّفْظِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ يَرْجِعَانِ إلَى صِفَةِ الْكَلَامِ.

[تَكَرُّرِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الْيَمِينِ]

[قَوْلُهُ: أَوْ بِهَا وَبِالْأَسْمَاءِ] أَيْ أَوْ بِالْأَسْمَاءِ فَقَطْ [قَوْلُهُ: فِي يَمِينٍ] اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ عَهْدٌ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنَّهُ غَيْرُ يَمِينٍ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَهْدَ يَمِينٌ إلَخْ] إشَارَةٌ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ الِاسْمُ أَوْ الصِّفَةُ الْمَحْلُوفُ بِهَا [قَوْلُهُ: فَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ] أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الْحَالِفُ بِتَعَدُّدِهَا التَّأْكِيدَ أَوْ الْإِنْشَاءَ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَاتٍ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةِ الْمَعَانِي أَوْ بِجَمِيعِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ [قَوْلُهُ: تَأْوِيلُهُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَصَحَّحُوا تَأْوِيلَ الْمُدَوَّنَةِ بِهِ [قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إلَخْ] لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا شَامِلٌ لِلْأَسْمَاءِ مَعَ الصِّفَاتِ وَلِلْأَسْمَاءِ فَقَطْ بَلْ وَلِلصِّفَاتِ فَقَطْ وَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ السَّابِقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>