للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَلَاقَهَا، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّهَا لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا وَلَوْ خَصِيًّا قَائِمَ الذَّكَرِ مَقْطُوعَ الْخُصْيَتَيْنِ، تَزَوَّجَهَا تَزَوُّجًا لَازِمًا احْتِرَازًا مِنْ نِكَاحِ الْخِيَارِ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَنْ يُولِجَ حَشَفَتَهُ أَوْ مِثْلَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا فِي قُبُلِهَا احْتِرَازًا مِنْ الْإِيلَاجِ بِغَيْرِ انْتِشَارٍ، فَإِنَّهُ لَا عُسَيْلَةَ مَعَهُ إيلَاجًا مُبَاحًا احْتِرَازًا مِنْ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ أَوْ الْعِدَّةِ أَوْ وَطْء الْمُحَلِّلِ مِنْ غَيْرِ تَنَاكُرٍ فِيهِ، وَأَنْ تُعْلَمَ الْخَلْوَةُ الْمُعْتَادَةُ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ تَكُونَ عَالِمَةً بِالْوَطْءِ احْتِرَازًا مِنْ الْمُغْمَى عَلَيْهَا وَالْمَجْنُونَةِ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَهُوَ لُغَةً: الْإِرْسَالُ مِنْ قَوْلِك أَطْلَقْت النَّاقَةَ فَانْطَلَقَتْ إذَا أَرْسَلْتهَا مِنْ عِقَالٍ

ــ

[حاشية العدوي]

عُسَيْلَتَك» وَالْمُرَادُ بِالْعُسَيْلَةِ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِنْزَالُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْعَسَلُ يَذَّكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَيُصَغَّرُ عَلَى عُسَيْلَةٍ عَلَى لُغَةِ التَّأْنِيثِ، ذَهَابًا إلَى أَنَّهَا قِطْعَةٌ مِنْ الْجِنْسِ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، وَقَالَ بَعْدَهُ: وَهَذِهِ اسْتِعَارَةٌ لَطِيفَةٌ فَإِنَّهُ شَبَّهَ لَذَّةَ الْجِمَاعِ بِحَلَاوَةِ الْعَسَلِ، وَسُمِّيَ الْجِمَاعُ عَسَلًا؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ مَا تَسْتَحْلِيهِ عَسَلًا، وَأَشَارَ بِالتَّصْغِيرِ إلَى تَقْلِيلِ الْقَدْرِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي حُصُولِ الِاكْتِفَاءِ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهُوَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ وَفِي بَعْضِ مَنْ كَتَبَ عَلَى مُسْلِمٍ مَا نَصُّهُ عُسَيْلَةٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ السِّينِ تَصْغِيرُ عَسَلَةٍ، وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ شَبَّهَ لَذَّتَهُ بِلَذَّةِ الْعَسَلِ وَحَلَاوَتِهِ. اهـ.

وَالْأَحْسَنُ الْمُوَافِقُ لِصَدْرِ عِبَارَةِ صَاحِبِ الْمِفْتَاحِ أَنْ يُقَالَ شَبَّهَ وَضْعَ الْحَشَفَةِ بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ وَاسْتَعَارَ اسْمَهُ لَهُ، وَقَوْلُهُ تَذُوقِي تَرْشِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُلَائِمَاتِ الْعَسَلِ.

[قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا] أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ مُتَزَوِّجًا يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ بِذَلِكَ. [قَوْلُهُ: بَالِغًا] احْتِرَازًا مِنْ الصَّبِيِّ فَوَطْؤُهُ كَالْعَدَمِ فَلَا تَحِلُّ، وَيُعْتَبَرُ الْبُلُوغُ عِنْدَ الْوَطْءِ فَإِذَا عَقَدَ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَلَمْ يَدْخُلْ حَتَّى بَلَغَ حَلَّتْ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: وَلَوْ خَصِيًّا] أَيْ؛ لِأَنَّ ذَوَاقَ الْعُسَيْلَةِ يَحْصُلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَشْتَرِطُونَ الْإِنْزَالَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلِيمِ، وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الزَّوْجَةِ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ نِكَاحُ مَعِيبٍ فَلَا يُحِلُّهَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ [قَوْلُهُ: كَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إلَخْ] أَيْ أَوْ نِكَاحِ ذَاتِ الْعَيْبِ أَوْ الْمَغْرُورَةِ بَهْرَامُ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُجِزْ السَّيِّدُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، فَإِنْ أَجَازَ السَّيِّدُ أَوْ رَضِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِذَلِكَ وَوَطِئَ الزَّوْجُ بَعْدَ لُزُومِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ يُولِجَ حَشَفَتَهُ إلَخْ] ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِيلَاجِ أَنْ يُوجِبَ الْغُسْلَ فَلَوْ غَيَّبَهَا فِي هَوَى الْفَرْجِ أَوْ لَفَّ خِرْقَةً كَثِيفَةً فَلَا تَحِلُّ لَهُ. [قَوْلُهُ: بِانْتِشَارٍ إلَخْ] ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الِانْتِشَارُ تَامًّا، وَلَوْ حَصَلَ الِانْتِشَارُ بَعْدَ إيلَاجِهِ، وَلَوْ لَمْ يُنْزِلْ كَمَا قَدَّمْنَا، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ وَطْءَ الْعِنِّينِ وَالْخُنْثَى لَا يُحِلُّهَا. [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ] أَوْ النِّفَاسِ أَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِمَا، وَقَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْوَطْءُ فِي الْمَسْجِدِ. [قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَنَاكُرٍ فِيهِ] أَيْ فَلَوْ حَصَلَتْ نُكْرَةٌ فِي الْإِيلَاجِ فَلَا تَحِلُّ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَمْ لَا مَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَادُقٌ عَلَيْهِ، وَحَيْثُ كَانَ الشَّرْطُ عَدَمَ الْإِنْكَارِ فَهُوَ صَادِقٌ بِالتَّصَادُقِ، وَعَدَمُ عِلْمِ الْحَالِ بِغَيْبَةٍ أَوْ مَوْتٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضٌ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ تُعْلَمَ الْخَلْوَةُ الْمُعْتَادَةُ بَيْنَهُمَا] وَتَثْبُتُ بِامْرَأَتَيْنِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْخَلْوَةِ، وَإِلَّا لَمْ تَحِلَّ.

قَالَ أَشْهَبُ فِي مُدَوَّنَتِهِ، وَلَوْ صَدَّقَهَا الثَّانِي عَلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ عَلَى الْوَطْءِ لِتَمْلِكَ الرَّجْعَةَ لِمَنْ طَلَّقَهَا، وَيُتَّهَمُ الثَّانِي لِيَمْلِكَ الرَّجْعَةَ فَلَوْ عُلِمَتْ الْخَلْوَةُ وَتَصَادَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ غَابَ الْمُحَلِّلُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ مِنْهُ إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ صُدِّقَتْ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ عَالِمَةً إلَخْ] ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ فَإِذَا وَطِئَهَا مَجْنُونًا فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِأَنْ طَرَأَ لَهُ الْجُنُونُ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْحِلِّيَّةَ وَعَدَمَهَا مِنْ صِفَاتِهَا هِيَ فَاعْتُبِرَتْ فَقَطْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ حَتَّى تَذُوقِي إلَخْ. .

[الطَّلَاقِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

[قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِك] فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ، وَهُوَ لُغَةُ الْإِرْسَالِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِك إلَخْ، وَقَوْلُهُ إذَا أَرْسَلْتهَا بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ تَقُولُ ذَلِكَ إذَا أَرْسَلْتهَا، وَقَوْلُهُ، وَقَيْدٍ أَيْ أَوْ قَيْدٍ، وَقَوْلُهُ حَلُّ الْعِصْمَةِ: الْعِصْمَةُ وَصْفٌ اعْتِبَارِيٌّ نَاشِئٌ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ الْمُنْعَقِدَةِ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>