للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ لِعَانُهَا.

(وَاخْتُلِفَ فِي اللِّعَانِ فِي الْقَذْفِ) مِنْ غَيْرِ دَعْوَى رُؤْيَةِ الْوَطْءِ وَلَا نَفْيِ حَمْلٍ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُلَاعِنُ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ.

وَيَتَعَلَّقُ بِاللِّعَانِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: أَحَدُهَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا افْتَرَقَا بِاللِّعَانِ لَمْ يَتَنَاكَحَا أَبَدًا) ، وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ: سُقُوطُ الْحَدِّ وَنَفْيُ النَّسَبِ وَقَطْعُ النِّكَاحِ، وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ لِعَانِهِمَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَهِيَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَ) صِفَةُ اللِّعَانِ أَنَّهُ (يَبْدَأُ الزَّوْجُ) وُجُوبًا وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إذَا بَدَأَتْ الزَّوْجَةُ هَلْ تُعِيدُ اللِّعَانَ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، أَوْ لَا تُعِيدُ، وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِذَا ابْتَدَأَ الزَّوْجُ (فَيَلْتَعِنُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ) فَإِنْ كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ حَمْلٍ يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَزَنَتْ، وَإِنْ كَانَ لِلرُّؤْيَةِ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَلْتَعِنَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ (يُخَمِّسُ بِاللَّعْنَةِ) فَيَقُولُ: عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ، كَذَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَة يَقُولُ: إنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَوْلَى لِلْآيَةِ (ثُمَّ) إذَا تَمَّ لِعَانُ الرَّجُلِ (تَلْتَعِنُ هِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ (أَرْبَعًا أَيْضًا) مُبْطِلَةً لَحَلِفِ الزَّوْجِ فَإِذَا قَالَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَزَنَتْ، فَتَرُدُّ هِيَ ذَلِكَ فَتَقُولُ فِي الْأَرْبَعِ

ــ

[حاشية العدوي]

لِرُؤْيَةِ الزِّنَا وَشَرْطُ اللِّعَانِ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا أَنْ تَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ [قَوْلُهُ: قُلْت الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ] أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِغَيْرِ الْحَامِلِ.

[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي اللِّعَانِ إلَخْ] أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ أَوْ أَنْتِ زَنَيْت وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِرُؤْيَةٍ أَوْ بِنَفْيِ حَمْلٍ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُلَاعِنُ، وَالْأَكْثَرُ يُحَدُّ قَالَهُ عج، وَمُرَادُهُ الْقَذْفُ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِدْ فِيهِ لِيَتَيَقَّنَ رُؤْيَةً وَلَا يَسْتَنِدُ فِيهِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ، وَالْوَلَدِ فَإِنْ تَيَقَّنَ مَا ذُكِرَ لَاعَنَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي اللِّعَانِ التَّيَقُّنُ، وَلَوْ بِغَيْرِ الرُّؤْيَةِ الْبَصَرِيَّةِ اهـ.

[أَحْكَامٍ اللِّعَان]

[قَوْلُهُ: أَحَدَّهَا إلَخْ] وَهُوَ تَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ [قَوْلُهُ: سُقُوطُ الْحَدِّ] أَيْ عَنْ الزَّوْجِ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَيْ أَوْ الْأَبِ فِي الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ أَوْ الذِّمِّيَّةِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلِعَانِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا لِعَانُ الْمَرْأَةِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهَا إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً، وَلَوْ أَمَةً وَسُقُوطُ الْأَدَبِ إنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً [قَوْلُهُ: وَنَفْيُ النَّسَبِ] هَذَا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِهِ أَيْ قَطْعُ نَسَبِهِ مِنْ حَمْلٍ ظَاهِرٍ أَوْ سَيَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: وَقَطْعُ النِّكَاحِ هَذَا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِهَا.

وَالْأَوَّلُ وَهُوَ تَأْبِيدُ الْحُرْمَةِ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ثَمَرَةَ اللِّعَانِ فِي الْحَقِيقَةِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ: فَثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ أَوَّلُهَا: رَفْعُ الْحَدِّ أَوْ الْأَدَبُ عَلَى مَا قَرَّرْنَا، ثَانِيهَا: إيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ، وَلَوْ أَمَةً، وَالْأَدَبُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ، ثَالِثُهَا: قَطْعُ نِسْبَةٍ. وَثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجَةِ: رَفْعُ الْحَدِّ، وَفَسْخُ نِكَاحِهَا اللَّازِمِ، وَتَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا، وَقَوْلُهُ: وَقَطْعُ النِّكَاحِ هُوَ الرَّابِعُ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى يُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا لِقَوْلِهِ، وَإِذَا افْتَرَقَا بِاللِّعَانِ أَيْ بِسَبَبِهِ [قَوْلُهُ: وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ لِعَانِهِمَا] فَالْفُرْقَةُ لَا تَحْصُلُ كَالْحُرْمَةِ إلَّا بِتَمَامِ لِعَانِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: إنَّ الْفُرْقَةَ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ لِعَانِ الزَّوْجِ.

[صِفَة اللِّعَانِ]

[قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ] جَعَلَ الشَّيْخُ كَلَامَ الْمُخْتَصَرِ أَنْسَبَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الزِّنَا كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ الزَّانِي [قَوْلُهُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي] وَلَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَى أَشْهَدُ بِاَللَّهِ، وَإِنْ وَجَبَتْ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْحُقُوقِ، وَقَوْلُهُ لَرَأَيْتهَا الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الْبَصِيرِ وَأَمَّا الْأَعْمَى فَيَقُولُ تَحَقَّقْته أَوْ عَلِمْت. وَهَكَذَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ عَنْ تَقْرِيرِ [قَوْلِهِ: فَيَقُولُ: عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ لِذَلِكَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَتُخَمِّسُ بِالْغَضَبِ فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ خَلِيلٍ قَالَهُ عج [قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى] أَيْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ إلَّا أَنَّ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ أَنْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لَكِنَّهُ الْأَوْلَى [قَوْلُهُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا زَنَيْت] أَيْ، وَإِنْ كَانَ قَالَ: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي فَتَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْهُ.

تَنْبِيهٌ:

لَمْ يُعْلِمْ حُكْمَ ذِكْرِ أَشْهَدُ وَحُكْمُهُ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ النَّاطِقِ، فَلَا يَكْفِي أَحْلِفُ وَلَا أُقْسِمُ كَمَا يَجِبُ لَفْظُ

<<  <  ج: ص:  >  >>