للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُمْ) تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ (وَيُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِقَتْلِ الذِّمِّيِّ) أَوْ الْعَبْدِ إذَا قَتَلَهُ (قَتْلَ غِيلَةٍ أَوْ حِرَابَةٍ) قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ، وَأَمَّا إنْ تَابَ بَعْدَ مَا قَتَلَ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الذِّمِّيِّ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ، وَلَا يُقْتَلُ بِهِمَا قَالَهُ ع.

وَقَالَ ق: مُقْتَضَى قَوْلِهِ: فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الزِّنَا وَلَفْظُهُ مَقْصُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ مَمْدُودٌ عِنْدَ أَهْلِ نَجْدٍ، وَعَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ وَطْءُ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ تَعَمُّدًا، وَحُكْمُهُ الْحُرْمَةُ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَعُقُوبَاتُ الزَّانِي ثَلَاثَةٌ. رَجْمٌ فَقَطْ. جَلْدٌ مَعَ تَغْرِيبٍ. جِلْدٌ فَقَطْ.

أَوَّلُهَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ زَنَى مِنْ حُرٍّ) مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ أَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

بِقَدْرِ مَا غُصِبَ مِنْهُ، وَرَدَّ مَا فَضَلَ إنْ فَضَلَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسُوا كَأَرْبَابِ الدُّيُونِ يَتَحَاصُّونَ

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ق إلَخْ] كَلَامُ ق ضَعِيفٌ، وَالرَّاجِحُ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُقْتَلُ حِينَئِذٍ إلَّا قِصَاصًا فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُكَافِئٍ لَهُ فَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلْعَبْدِ أَوْ الدِّيَةَ فِي الذِّمِّيِّ، وَإِنْ كَانَ مُكَافِئًا لَهُ فَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ

[كِتَاب الْحُدُود]

[حَدّ الزِّنَا]

[قَوْلُهُ: وَلَفْظُهُ مَقْصُورٌ إلَخْ] وَالنِّسْبَةُ إلَى الْمَقْصُورِ زَنَوِيٌّ وَإِلَى الْمَمْدُودِ زَنَائِيٌّ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَصَرَهُ جَعَلَهُ اسْمَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ، وَمَنْ مَدَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مِنْ فِعْلِ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتَلَةِ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: وَطْءُ مُكَلَّفٍ] أَيْ تَغْيِيبُ حَشَفَتِهِ أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ بِغَيْرِ انْتِشَارٍ، أَوْ مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ خَفِيفَةٍ لَا تَمْنَعُ لَذَّةً لَا كَثِيفَةٍ أَوْ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ وَلَمَّا كَانَ الزِّنَا لَا يُمْكِنُ صُدُورُهُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ، فَذِكْرُ أَحَدِهِمَا مُسْتَلْزِمٌ لِذِكْرِ الْآخَرِ، وَاخْتِيرَ ذِكْرُ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ يَجْرِي مُجْرَى الْعِلَّةِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِهَا عَنْ الْمَعْلُومِ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ قَالَهُ بَهْرَامٌ، أَوْ يُقَالُ: إضَافَةُ الْوَطْءِ لِلْمُكَلَّفِ تَعَلُّقُهُ بِهِ أَيْ تَعَلُّقُ الْوَطْءِ بِمُكَلَّفٍ، وَالْمُرَادُ بِالْفَاعِلِ مَنْ يَمِيلُ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ وَالْمَرْأَةُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ، وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا وَإِنْ كَانَ زِنًا لُغَةً.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ. وَاحْتَرَزَ بِالْمُكَلَّفِ عَنْ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُرَاهِقًا لَكِنَّ الْمُرَاهِقُ يُؤَدَّبُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَخَرَجَ مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْفَاعِلِ نَكِرَةً وَكَذَا بِالْمَفْعُولِ. وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: مُسْلِمٍ أَيْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَخَرَجَ بِهِ وَطْءُ الْكَافِرِ لِلْكَافِرَةِ أَوْ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَبِالْمُسْلِمِ عَنْ الْكَافِرِ إذَا زَنَا بِمُسْلِمَةٍ طَائِعَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ يُعَاقَبُ الْعُقُوبَةَ الشَّدِيدَةَ، وَتُحَدُّ الْمُسْلِمَةُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا التَّعْرِيفُ. وَقَوْلُهُ: فَرْجَ آدَمِيٍّ احْتَرَزَ بِالْفَرْجِ عَنْ الْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَنَحْوِهِ وَبِالْآدَمِيِّ مِنْ وَطْءِ الْبَهِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَيُعَزَّرُ، وَيَخْرُجُ مِنْ الْآدَمِيِّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ زَنَى بِهِ فِي فَرْجِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.

وَأَمَّا إنْ زَنَى بِهِ فِي دُبُرِهِ فَعَلَى الزَّانِي الْحَدُّ، وَإِنْ زَنَى بِذَكَرِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَذَا بِفَرْجِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَلَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ نَائِمٍ فِي فَرْجِهَا فَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جِنِّيَّةً،.

[قَوْلُهُ: لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ] الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ فَالْمَمْلُوكُ الذَّكَرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ، وَخَرَجَ بِهِ مَنْ وَطْؤُهَا لَهُ حَلَالٌ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَكِنْ امْتَنَعَ وَطْؤُهُمَا عَلَيْهِ لِعَارِضٍ مِنْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بِاتِّفَاقٍ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا إذْ لَا حَدَّ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ لَا الْمَذْهَبِيُّ وَقَوْلُهُ: تَعَمُّدًا أَخْرَجَ بِهِ النَّاسِيَ وَالْغَالِطَ. وَكَذَا الْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ إذَا كَانَ يَظُنُّ مِنْهُ ذَلِكَ كَالْأَعْجَمِيِّ إذَا زَنَا بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّحْرِيمِ، وَهَذَا التَّعْرِيفُ شَامِلٌ لِلِّوَاطِ لِأَنَّ الْفَرْجَ شَامِلٌ لِلدُّبُرِ فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا لَكِنْ اللِّوَاطُ إنَّمَا هُوَ الْوَطْءُ فِي دُبُرِ الذَّكَرِ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي دُبُرِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَهُوَ مِنْ الزِّنَا كَدُبُرِ الْأُنْثَى الْأَجْنَبِيَّةِ.

[قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَيْهِ] أَيْ عَلَى الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْحُرْمَةُ.

[قَوْلُهُ: الْكِتَابُ] قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: ٣٢] إلَى غَيْرِ مَا آيَةٍ وَقَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك، ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك، ثُمَّ أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك» ". وَقَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ أَنَّ الزِّنَا مُحَرَّمٌ وَمِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>