للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِهَا فَلَا إلَّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ أَوْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا (وَكَذَلِكَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ (أَنْ يُعَجِّلَ الْعُرُوضَ، وَالطَّعَامَ مِنْ قَرْضٍ لَا مِنْ بَيْعٍ) فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيلُ ذَلِكَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ كَالْيَوْمِ، وَالْيَوْمَيْنِ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ فِي الْعُرُوضِ، وَالطَّعَامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ تُرْصَدُ بِهِ الْأَسْوَاقُ وَيُتَحَيَّنُ فِيهِ الْأَحَايِينُ، فَلِلْمُشْتَرِي غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي تَأْخِيرِ ذَلِكَ إلَى وَقْتِهِ لِيَنْتَفِعَ بِالرِّبْحِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُقْرِضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ النَّفْعَ بِمَا أَقْرَضَ.

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا مِنْ بَيْعٍ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي وَيَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ تَفْلِيسِهِ كُلُّ دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ

(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرِ) بِمُثَلَّثَةٍ وَمِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ذَاتِ الْأَشْجَارِ مَا دَامَتْ خَضْرَاءَ (أَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَجَلَ دَيْنِ الْعَيْنِ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ [قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ] لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الْوُجُوبِ الْجَبْرُ أَتَى بِهِ [قَوْلُهُ: فِي بَلَدِ الْقَرْضِ] الرَّاجِحُ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْعَيْنِ مِنْ حَقِّ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الْقَرْضِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْقَرْضِ، وَالْبَيْعِ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ] أَيْ يَخْرُجَ الْمَدِينُ مَعَ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَذْهَبُ مَعَهُ لِبَلَدِ الْقَرْضِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ الْقَضَاءُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَجَلَ دَيْنِ الْعَيْنِ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، وَلَا فَرْقَ فِي جَبْرِ صَاحِبِ الْعَيْنِ عَلَى قَبُولِهَا بَيْنَ كَوْنِ الدَّفْعِ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا كُلْفَةَ فِي حَمْلِ الْعَيْنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْعَيْنِ غَيْرَهَا مِمَّا يَخِفُّ حَمْلُهُ كَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ فِي الْقَرْضِ، وَإِنْ أُلْحِقَتْ بِالْعُرُوضِ فِي غَيْرِ هَذَا.

قَالَ عج: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ لُزُومُ قَبُولِ دَيْنِ الْعَيْنِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فِي غَيْرِ بَلَدِ الْقَرْضِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ خَوْفٌ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ أَوْ الْمَكَانَيْنِ خَوْفٌ وَهِيَ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يُجْبِرُ مَنْ هِيَ لَهُ عَلَى قَبُولِهَا قَبْلَ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِمَا قَبْضُهَا، وَلَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ فِي عَيْنِ الْقَرْضِ وَيُقَيَّدُ أَيْضًا لُزُومُ الْقَبُولِ بِأَنْ يُعَجَّلَ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ مَعَ عُسْرِ الْبَاقِي، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَعْلَى؛ لِأَنَّ تَعْجِيلَ الْأَقَلِّ حَرَامٌ وَتَعْجِيلَ الْأَكْثَرِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا فَوْقَ رُجْحَانِ الْمِيزَانِ فِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ حَرَامٌ فِي الْقَرْضِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَضَاؤُهُ بِأَكْثَرَ إذَا كَانَ عَيْنًا، إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ لَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ: فَلَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِهَا قَبُولُهَا قَبْلَ أَجَلِهَا؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ التَّعْجِيلِ لُزُومُ الْقَبُولِ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ. [قَوْلُهُ: الْعُرُوض إلَخْ] الْعُرُوض الْأَمْتِعَةُ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا يَكُونُ حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا.

قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَفِي الصِّحَاحِ: الْعَرْضُ الْمَتَاعُ وَكُلُّ شَيْءٍ فَهُوَ عَرْضٌ سِوَى الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ فَإِنَّهَا عَيْنٌ اهـ.

قُلْت:، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ هُنَا بِالْعَرْضِ مَا عَدَا الطَّعَامَ بِدَلِيلِ الْعَطْفِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَيَحْتَاجُ لِنُكْتَةٍ، وَمَا عَدَا الْعَقَارَ، وَالْعَيْنَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: لَا مِنْ بَيْعٍ إلَخْ] فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّيْنِ، وَالْعَرْضِ، وَالطَّعَامِ قَبُولُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي عَرْضِ الْبَيْعِ وَمِنْهُ السَّلَمُ مِنْ حَقِّهِمَا، فَإِذَا عَجَّلَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ قَبُولُ دَيْنِ الْقَرْضِ، وَالْعَيْنِ مُطْلَقًا أَعْنِي فِي بَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا وَغَيْرِ الْعَيْنِ حَيْثُ كَانَ الدَّفْعُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ غَيْرِ الْعَيْنِ كَمَا لَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْعَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ خَوْفٌ.

قَالَ بَعْضُهُمْ:، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا احْتَاجَتْ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا كَغَيْرِهَا. [قَوْلُهُ: الْأَحَايِينَ] جَمْعُ أَحْيَانٍ وَهُوَ جَمْعُ حِينٍ، فَظَهَرَ أَنَّ أَحَايِينَ جَمْعُ الْجَمْعِ وَيَتَحَيَّنُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ تَتَغَيَّرُ فِيهِ الْأَزْمِنَةُ فَقَدْ يُسَاوِي فِي هَذَا الْحِينِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَفِي حِينٍ آخَرَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ.

[قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ إلَخْ] قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا تَعَجَّلَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَبِالْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ حَلَّ الْأَجَلُ كَمَا يَأْتِي

[بَيْع الثمر قَبْل بدو صلاحه]

[قَوْلُهُ: ذَاتِ الْأَشْجَارِ] كَعِنَبٍ وَبَلَحٍ. وَقَوْلُهُ: أَوْ حَبٍّ كَقَمْحٍ وَفُولٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>