للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسَائِلَ مَمْنُوعَةٍ فَقَالَ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الْأَنْهَارِ) جَمْعُ نَهْرٍ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا (وَ) لَا بَيْعُ مَا فِي (الْبِرَكِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ جَمْعُ بِرْكَةٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْضًا وَهِيَ الْغُدُرُ الْمَحْفُورَةُ الْمُقَطَّعَةُ (مِنْ الْحِيتَانِ) لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ شِرَاءِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ» أَيْ لِلْغَرَرِ، وَالْغَرَرُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: عَدَمُ التَّسْلِيمِ وَكَوْنُهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ

(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ) آدَمِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا لِلْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَقَوْلُهُ: (وَلَا بَيْعُ مَا فِي) بُطُونِ (سَائِرِ الْحَيَوَانِ) أَيْ لَا يَجُوزُ تَكْرَارٌ (وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ نِتَاجِ) بِكَسْرِ النُّونِ (مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ) بِضَمِّ التَّاءِ الْأُولَى مِنْ الْفِعْلِ وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» فَسَّرَهُ ابْنُ وَهْبٍ بِنِتَاجِ مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ شِدَّةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ جَنِينُ مَا يَلِدُ جَنِينُ هَذِهِ النَّاقَةِ.

ــ

[حاشية العدوي]

رَفْعُهَا وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ عَلَى جَعْلِهِ فَاعِلًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَإِنْ بَدَا نَخْلَةٌ أَيْ صَلَاحُ نَخْلَةٍ وَلَا مَفْهُومَ لِنَخْلَةٍ بَلْ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ دَالِيَةٍ فِي الْكَرْمِ أَوْ زَيْتُونَةٍ فِي الزَّيْتُونِ [قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ بَاكُورَةً] أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَسْبِقُ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ تَتَابُعُ الطِّيبِ

[مَسَائِل مُتَنَوِّعَة فِي الْبَيْع]

[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا] لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ عَيْنُهُ حَرْفُ حَلْقٍ كَشَهْرٍ [قَوْلُهُ: وَهِيَ الْغُدُرُ] سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِغَدْرِهَا أَهْلَهَا بِانْقِطَاعِهَا عِنْدَ شِدَّةِ حَاجَتِهِمْ لَهَا كَمَا ذَكَرَهُ تت [قَوْلُهُ: الْمَحْفُورَةُ] كَذَا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ وَنُسْخَةِ تت، وَالتَّحْقِيقُ مِمَّا وَقَفْت عَلَيْهِ الْحَصُورَةُ بِالصَّادِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَحْفُورَ مَحَلُّهَا وَتَكُونُ الْبِرْكَةُ عَلَى كَلَامِهِ نَفْسَ الْمَاءِ الْمُجْتَمَعِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي انْقَطَعَ عَنْ السَّيْلِ مَثَلًا. وَفِي الْفَاكِهَانِيِّ سُمِّيَتْ الْبِرْكَةُ بِذَلِكَ لِإِقَامَةِ الْمَاءِ فِيهَا فَهِيَ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ عَلَى كَلَامِهِ

[قَوْلُهُ: مِنْ الْحِيتَانِ] قَيَّدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلٍّ مَحْصُورٍ كَبِرْكَةٍ صَغِيرَةٍ بِحَيْثُ يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا وَيَقْدِرُ عَلَى تَنَاوُلِهِ وَإِلَّا جَازَ.

تَنْبِيهٌ:

لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ مَنْعُ الِاصْطِيَادِ مِنْهَا إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ اصْطِيَادُ الْغَيْرِ يَضُرُّ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ كَأَنْ تَكُونَ الْبِرْكَةُ فِي وَسَطِ زَرْعِ صَاحِبِ الْأَرْضِ. [قَوْلُهُ: أَيْ لِلْغَرَرِ] وَلِذَلِكَ كَانَ مِثْلُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَالنَّحْلِ خَارِجًا عَنْ الْجَبْحِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَتَسَلُّمِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّحْلُ فِي جَبْحِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ بِدُونِ جَبْحِهِ وَيَدْخُلُ الجبح تَبَعًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ عَلَى الْجَبْحِ وَسَكَتَ عَنْ النَّحْلِ أَنَّهُ يَدْخُلُ النَّحْلُ وَلَا يَدْخُلُ الْعَسَلُ فِي الصُّورَتَيْنِ

[قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ حَيٌّ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ كَوْنَهُ حَيًّا فَلَعَلَّ الْأَوْلَى لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. وَقَوْلُهُ: نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ أَيْ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ أَوْ تَامُّهَا لَا نَاقِصٌ عَنْ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ تَامُّهَا؛ لِأَنَّ هَذَا يُعْلَمُ [قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ] أَيْ إنْ كَانَ الْجَنِينُ عَامًّا، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِجَنِينِ الْأَمَةِ فَلَا تَكْرَارَ تت. [قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ نِتَاجِ مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ] هَذَا أَشَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ جَنِينُ الْجَنِينِ [قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ] أَيْ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَمْ تُسْمَعْ إلَّا مَبْنِيَّةً لِلْمَفْعُولِ مُرَادًا بِهَا الْفَاعِلَ نَحْوُ زَهَا عَلَيْنَا أَيْ تَكَبَّرَ.

[قَوْلُهُ: فَسَّرَهُ ابْنُ وَهْبٍ] وَفَسَّرَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ بَيْعُ الْجَزُورِ إلَى أَنْ تُنْتَجُ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتَجُ الَّذِي فِي بَطْنِهَا فَهُوَ الْبَيْعُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ. أَقُولُ: فَعَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ وَهْبٍ يَكُونُ حَبَلٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ،، وَالْحَبَلَةُ اسْمٌ جَمْعُ حَابِلٍ كَظَالِمِ وَظَلَمَةٍ.

وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ جَمْعُ حَابِلَةٍ فَمَصْدُوقُ الْمُضَافِ جَنِينُ الْجَنِينِ الْوَاقِعُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَمَصْدُوقُ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْجَنِينُ الَّذِي فِي الْبَطْنِ حِينَ الْمَبِيعِ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ أَوْ يُجْعَلَ اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَالْحَبَلُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَّا حَمْلٌ إلَّا مَا فِي حَدِيثِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَنِينُ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>