الْأَصَحِّ وَاحِدَةُ الْأَنَامِلِ وَهِيَ الْعُقَدُ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ غَيْرِ الْإِبْهَامِ (ثَلَاثٌ وَثُلُثٌ) ؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ ثَلَاثَةَ أَنَامِلَ (وَفِي) قَطْعِ (كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ الْإِبْهَامَيْنِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ إبْهَامِ الرِّجْلِ أَوْ الْيَدِ. .
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى دِيَةِ الْأَعْضَاءِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْجِرَاحَاتِ فَقَالَ: (وَفِي الْمُنَقِّلَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ (عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ) وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَلْفٌ وَثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِيهَا سَوَاءٌ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَتَالِفِ (وَالْمُوضِحَةُ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (مَا أَوْضَحَ) أَيْ أَظْهَرَ (الْعَظْمَ) وَأَزَالَ السَّاتِرَ الَّذِي يَحْجُبُهُ وَهُوَ الْجِلْدُ وَمَا تَحْتَهُ مِنْ اللَّحْمِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ لَيْسَ إلَّا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهَا مُوضِحَةً أَنْ تُوضِحَ مَالَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ، بَلْ لَوْ أَوْضَحَتْ مِنْهُ مِقْدَارَ إبْرَةٍ كَفَى فِي تَسْمِيَتِهَا مُوضِحَةً (وَالْمُنَقِّلَةُ مَا طَارَ فَرَاشُهَا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا (مِنْ الْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الدِّمَاغِ) مِنْ بَيَانِيَّةٌ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْمُنَقِّلَةُ هِيَ الَّتِي يَنْقُلُ مِنْهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ لِتَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ، فَتِلْكَ الْعِظَامُ هِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: الْفَرَاشُ (وَمَا وَصَلَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الدِّمَاغِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ وَيَبْقَى عَلَى الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَتَى انْكَشَفَتْ عَنْهُ مَاتَ. (فَهِيَ الْمَأْمُومَةُ) وَلَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ ثُمَّ بَيَّنَ حُكْمَهَا بِقَوْلِهِ: (فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ) فَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا وَثُلُثُ بَعِيرٍ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ ثَلَاثُمِائَةٍ
ــ
[حاشية العدوي]
لَهُ مُمَاثِلٌ.
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ إلَخْ] أَيْ وَالْهَمْزَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ ضَمُّ الْمِيمِ هَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ الْخَطَأِ، أَمَّا فِي حَالَةِ الْعَمْدِ فَالْوَاجِبُ الْقِصَاصُ.
[قَوْلُهُ: غَيْرَ الْإِبْهَامِ] حَالٌ مِنْ الْأُنْمُلَةِ أَيْ حَالَ كَوْنِ تِلْكَ الْأُنْمُلَةِ غَيْرَ أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ.
[قَوْلُهُ: وَفِي قَطْعِ كُلِّ أُنْمُلَةٍ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أُنْمُلَتَانِ
[دِيَة الْجِرَاحَات]
[قَوْلُهُ: وَفِي الْمُنَقِّلَةِ] وَهِيَ وَالْهَاشِمَةُ سَوَاءٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَا.
[قَوْلُهُ: عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ] أَيْ إنْ كَانَتْ بِالرَّأْسِ أَوْ بِاللَّحْيِ إلَّا عَلَى النَّابِتِ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا وَهُوَ كُرْسِيُّ الْخَدِّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الرَّأْسِ وَلَا فِي اللَّحْي الْأَعْلَى فَفِيهَا حُكُومَةٌ.
[قَوْلُهُ: وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٌ، فَمِنْ الْإِبِلِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمِنْ الذَّهَبِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَهَكَذَا.
وَأَمَّا عِبَارَتُهُ فَتُوهِمُ أَنَّهَا لَيْسَ مِنْ النَّقْدَيْنِ عُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ.
[قَوْلُهُ: مَا أَوْضَحَ] أَيْ جِرَاحَةٌ أَوْضَحَتْ وَالنِّسْبَةُ مَجَازٌ وَالْحَقِيقَةُ الْجَانِي.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَأَنْ كَانَتْ فِي الظَّهْرِ فَفِيهَا الْحُكُومَةُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهَا مُوضِحَةً اصْطِلَاحًا بَلْ لُغَةً.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوضِحَةَ لُغَةً مَا أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَهِيَ مَا أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ، وَأَمَّا عَمْدُهَا فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَأَمَّا الْجَائِفَةُ وَالْآمَّةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَعَمْدُهَا وَخَطَؤُهَا سَوَاءٌ. وَقَوْلُهُ: مَا طَارَ أَيْ جِرَاحَةً.
[قَوْلُهُ: مِنْ بَيَانِيَّةٌ] أَيْ الْفَرَاشَ الَّذِي هُوَ الْعَظْمُ، وَالتَّقْدِيرُ وَالْمُنَقِّلَةُ جِرَاحَةٌ طَارَ عَظْمُهَا وَنِسْبَةُ الْعَظْمِ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَطِيرُ بِهَا فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَلَمْ تَصِلْ] فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَا أَيْ وَلَمْ تَصِلْ تِلْكَ الْجِرَاحَةُ إلَى الدِّمَاغِ.
[قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي] إلَخْ أَيْ هِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي تَنْقُلُ إلَخْ. فَحِينَئِذٍ فَالْمُنَقِّلَةُ هِيَ الْجِرَاحُ الْقَائِمَةُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي هِيَ أَثَرُ فِعْلِ الْجَانِي لَا أَنَّهَا فِعْلُ الْجَانِي لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِهِ.
[قَوْلُهُ: يَنْقُلُ مِنْهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ إلَخْ] أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّقْلَ كَمَا يَكُونُ مِنْ الطَّبِيبِ يَكُونُ مِنْ الضَّرْبَةِ نَفْسِهَا.
[قَوْلُهُ: وَيَبْقَى عَلَى الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَتَى انْكَشَفَتْ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ الدَّامِغَةَ فِيهَا أَيْضًا ثُلُثُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهِيَ الَّتِي خَرَقَتْ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ، وَلَا تُنَافِي كَلَامَ الشَّارِحِ لِإِمْكَانِ الْخَرْقِ مَعَ الِالْتِئَامِ فَالْمَوْتُ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ الْكَشْفِ لَا عَنْ مُجَرَّدِ الْخَرْقِ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ.
[قَوْلُهُ: فَهِيَ الْمَأْمُومَةُ] أَيْ الْجِرَاحَةُ الَّتِي وَصَلَتْ إلَى الدِّمَاغِ