للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ (وَكَذَلِكَ الْجَائِفَةُ) وَهِيَ مَا أَفَضْت إلَى الْجَوْفِ وَلَا تَكُونُ إلَّا فِي الظَّهْرِ أَوْ الْبَطْنِ الْحُكْمُ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ.

(وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ (الْمُوضِحَةِ) مِنْ الْجِرَاحِ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ (إلَّا الِاجْتِهَادُ) أَيْ الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَصٌّ مِنْ الشَّارِعِ هَذَا فِي الْخَطَإِ، وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ (وَكَذَلِكَ) لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْجَائِفَةِ فِي الْخَطَإِ (فِي) جُرْحِ (الْجَسَدِ) إلَّا الِاجْتِهَادُ وَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ.

(وَلَا يُعْقَلُ جُرْحٌ) أَيْ لَا تُؤْخَذُ دِيَتُهُ (إلَّا بَعْدَ) تَبَيُّنِ (الْبُرْءِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ الْوَاجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً أَمْ لَا، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ قَالَهُ ق وَقَالَ د: عِيَاضٌ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ إذَا حَصَلَ الْبُرْءُ قَبْلَ السَّنَةِ عَقَلَ الْجُرْحَ.

وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: السَّنَةُ شَرْطٌ فَلَا يُعْقَلُ قَبْلَهَا وَلَوْ بَرِئَ (وَمَا بَرِئَ) مِنْهَا (عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ) أَيْ عَيْبٍ (مِمَّا دُونَ الْمُوضِحَةِ) وَكَذَلِكَ مَا دُونَ الْجَائِفَةِ مِمَّا لَا عَقْلَ فِيهِ يُسَمَّى (فَ) إنَّهُ (لَا شَيْءَ فِيهِ) عَلَى الْجَانِي مِنْ عَقْلٍ وَأَدَبٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ مَا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَهَذَا الْمَفْهُومُ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ إلَّا الِاجْتِهَادُ كَمَا قَيَّدْنَا بِهِ.

ــ

[حاشية العدوي]

فَهِيَ الْمَأْمُومَةُ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا أَفْضَتْ إلَى الْجَوْفِ] أَيْ وَلَوْ قَدْرَ إبْرَةٍ، فَإِنْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ لِلْجَانِبِ الْآخَرِ تَعَدَّدَتْ وَكَذَلِكَ يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ إذَا ضَرَبَهُ فِي جَنْبِهِ فَنَفَذَتْ إلَى الْجَنْبِ الْآخَرِ

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ إلَخْ] أَيْ مِنْ الْجِرَاحَاتِ السِّتِّ. الْأُولَى: الدَّامِيَةُ، وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدَ فَيَرْشَحُ مِنْهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ شَقِّ جِلْدٍ. الثَّانِيَةُ: الْحَارِصَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ الْجِلْدَ. الثَّالِثَةُ: السِّمْحَاقُ، وَهِيَ الَّتِي تَكْشِطُ الْجِلْدَ. الرَّابِعَةُ: الْبَاضِعَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ. الْخَامِسَةُ: الْمُتَلَاحِمَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِيهِ بِتَعَدُّدٍ. السَّادِسَةُ: الْمِلْطَاةُ، الَّتِي قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ. فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ، وَالثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَهَا بِاللَّحْمِ. وَقَوْلُهُ: إلَّا الِاجْتِهَادُ وَكَيْفِيَّةُ الِاجْتِهَادِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَبْدًا سَالِمًا مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ مِنْ حُسْنٍ أَوْ قُبْحٍ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ ثَانِيًا مَعِيبًا بِتِسْعَةٍ، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ بِالْعُشْرِ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي هَذَا الْمِثَالِ.

[قَوْلُهُ: وَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ] وَكَذَلِكَ فِي مُنَقِّلَةِ الْجَسَدِ الْقِصَاصُ، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ جِرَاحِ الْجَسَدِ مَا لَمْ يَعْظُمْ الْخَطَرُ كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخِذِ وَشَبَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ الْوَاجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً أَوْ لَا] أَيْ وَهَلْ يَبْرَأُ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مُقَدَّرًا مِنْ الشَّارِعِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْمُوضِحَةِ أَوْ لَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خَطَأً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَكَسْرِ عِظَامِ الصَّدْرِ وَالْفَخِذِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ] أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّفْسِ فَتُسْتَحَقُّ تِلْكَ النَّفْسُ بِقَسَامَةٍ، وَكَذَلِكَ يُؤَخَّرُ لِأَجْلِ زَوَالِ حَرٍّ مُفْرِطٍ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطٍ خَوْفَ الْهَلَاكِ عَلَى الْجَانِي فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا، وَأَمَّا إذَا جَنَى جِنَايَةً عَلَى نَفْسٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِمَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا. وَاخْتِيرَ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِحَرٍّ وَلَا لِبَرْدٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ مَاتَ هُوَ أَحَدُ حُدُودِهِ.

[قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ إلَخْ] وَهُوَ الرَّاجِحُ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَا دُونَ إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ أَيْ مِنْ سُوءِ الْمُوضِحَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يُقَدِّرْ فِيهِ الشَّارِعُ شَيْئًا فَيَدْخُلُ فِيهِ سَابِقُ الْمُوضِحَةِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ السِّتِّ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا شَيْئًا مَعْلُومًا، وَأَمَّا مَا قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهِ شَيْئًا فَالْوَاجِبُ الْمُقَدَّرُ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَمْ لَا إلَّا الْمُوضِحَةَ فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ يَجِبُ دَفْعُ دِيَتِهَا وَحُكُومَةٌ.

[قَوْلُهُ: مِنْ عَقْلٍ وَأَدَبٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ] أَرَادَ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ مَا يَشْمَلُ ثَمَنَ الدَّوَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّحْقِيقُ.

[قَوْلُهُ: فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَيْ مِنْ عَقْلٍ وَأَدَبٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ مَعَ أَنَّهُ لَا أَدَبَ فِي الْخَطَإِ وَلَوْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأُجْرَةِ فَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَا إنَّمَا فِي الشَّيْنِ الْحُكُومَةُ فَقَطْ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ عَلَى الْحُكُومَةِ فَقَالَ: وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ.

[قَوْلُهُ: مُفَسِّرٌ إلَخْ] أَيْ فَنَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ إلَّا الِاجْتِهَادُ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>