للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالِاسْتِبْرَاءِ]

(بَابٌ فِي) بَيَانِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ (الْعِدَّةِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالِاسْتِبْرَاءِ) ، وَقَدْ تَبَرَّعَ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَشْيَاءَ يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْكَلَامِ عَلَى النَّفَقَةِ. عَكْسُ مَا فِي التَّرْجَمَةِ، وَهُوَ جَائِزٌ أَمَّا الْعِدَّةُ فَهِيَ تَرَبُّصُ الْمَرْأَةِ زَمَانًا مَعْلُومًا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ عَلَامَةً عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، مَعَ ضَرْبٍ مِنْ التَّعَبُّدِ.

سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْعَدَدِ وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِلْفُرَيْعَةِ اُمْكُثِي فِي

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَنَفَقَةِ الْمُطَلَّقَة]

بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ الِاسْتِبْرَاءُ مُدَّةُ دَلِيلِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا لِرَفْعِ عِصْمَةٍ أَوْ طَلَاقٍ [قَوْلُهُ: وَهُوَ جَائِزٌ] أَيْ رَاجِحٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَصْلًا وَاحِدًا أَيْ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ بِخِلَافِ اللَّفِّ، وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَفِيهِ فَصْلَانِ [قَوْلُهُ: فَهِيَ تَرَبُّصُ] أَيْ انْتِظَارٌ ثُمَّ هَذَا مُشْكِلٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِدَّةَ نَفْسُ الْأَقْرَاءِ وَنَفْسُ الْأَشْهُرِ لَا التَّرَبُّصُ الْمَذْكُورُ، وَقَوْلُهُ: الْمَرْأَةِ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ امْتِنَاعِ الرَّجُلِ مِنْ نِكَاحِ الْخَامِسَةِ حِينَ طَلَّقَ الرَّابِعَةَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، أَوْ مِنْ نِكَاحِ الْأُخْتِ الْأُخْرَى عِنْدَ طَلَاقِ الْأُخْتِ مَثَلًا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، لَا يُقَالُ لَهُ عِدَّةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِعِدَّةٍ لَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ نِكَاحٍ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ كَزَمَنِ الْإِحْرَامِ أَوْ الْمَرَضِ.

وَلَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ مُعْتَدٌّ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مُعْتَدًّا فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ قِسْمَيْ الْعِدَّةِ [قَوْلُهُ: زَمَانًا] أَيْ نِهَايَةَ زَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ أَشْهُرًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَطْهَارًا فَلَا يَظْهَرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَتْ مُتَضَمِّنَةً لِزَمَنِهَا فَكَأَنَّهُ الْمُنْتَظِرُ [قَوْلُهُ: قَدَّرَهُ الشَّرْعُ] أَيْ قَدَّرَ نِهَايَتَهُ

[قَوْلُهُ: عَلَامَةً عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ] فَإِنْ قِيلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَدِّ عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا مِنْ الْوَفَاةِ لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا، وَكَذَا مَنْ عُلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إنَّمَا شُرِعَتْ فِيمَنْ عُلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا احْتِيَاطًا لِبَرَاءَةِ الرَّحِم؛ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَادَّعَاهُ الزَّوْجُ لَحِقَ بِهِ، فَالْعِدَّةُ وَاجِبَةٌ لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا.

وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَدْرِ سِنِّ مَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا حَدٌّ يُرْجَعُ إلَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ، حَمَلَ الْبَابَ مَحْمَلًا وَاحِدًا فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ حَتَّى عَلَى مَنْ كَانَتْ فِي الْمَهْدِ حَسْمًا لِلْبَابِ، فَعُلِمَ أَنَّ أَصْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ إنَّمَا هُوَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَتَأَمَّلْهُ قَالَهُ الْحَطَّابُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -[قَوْلُهُ: مَعَ ضَرْبٍ مِنْ التَّعَبُّدِ] أَيْ مَعَ نَوْعٍ مِنْ التَّعَبُّدِ فِيهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ أَقْرَاءً أَنَّ الْجَمِيعَ لِلِاسْتِبْرَاءِ لَا الْأَوَّلَ فَقَطْ، وَالْبَاقِي تَعَبُّدٌ، كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ فَأَيْنَ التَّعَبُّدُ وَيُمْكِنُ أَنَّ التَّعَبُّدَ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ الْمُعَيَّنِ، وَكَذَا التَّعَبُّدُ ظَاهِرٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا جُعِلَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ بِهَا يَتَحَرَّكُ الْحَمْلُ، وَزِيدَتْ الْعَشَرَةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَنْقُصُ الْأَشْهُرُ أَوْ تُبْطِئُ حَرَكَةُ الْجَنِينِ اهـ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْحُرَّةِ الَّتِي عِدَّتُهَا مَا ذَكَرَ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَهُوَ مُشْكِلٌ فِيهَا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ عِدَّتَهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ

[قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ] أَيْ سُمِّيَتْ الْعِدَّةُ بِمَعْنَى التَّرَبُّصِ بِلَفْظِ عِدَّةٍ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْعَدَدِ أَيْ عَدَدِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الشُّهُورِ، أَيْ لِاشْتِمَالِ التَّرَبُّصِ عَلَى الْعَدَدِ مِنْ اشْتِمَالِ الشَّيْءِ عَلَى قَيْدِهِ [قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ] أَيْ هَذَا الِانْتِظَارُ وَاجِبٌ عَلَى الْمَرْأَةِ [قَوْلُهُ: {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>