للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ فِي ذَلِكَ قِيمَةً. الثَّالِثُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ التَّكْفِيرُ بِالْعِتْقِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فَإِنْ كَفَّرَ بِهِ لَمْ يُجْزِهِ.

ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ النَّوْعَ الرَّابِعَ الَّذِي لَا يُجْزِئُ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلِذَا أَتَى بِالْفَاءِ الْمُؤْذِنَةِ بِالتَّعْقِيبِ فَقَالَ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُكَفِّرُ (ذَلِكَ) أَيْ الْعِتْقَ (وَلَا إطْعَامًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُتَابِعْهُنَّ) اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ أَوْلَى يَدُلُّ عَلَى مَا قَيَّدْنَا بِهِ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَرَّقَهُنَّ) أَيْ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ (أَجْزَأَهُ) ، وَإِذَا فَرَّقَ صَوْمَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ.

(وَ) يُبَاحُ (لَهُ) أَيْ لِلْحَالِفِ (أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ أَوْ عَلَى حِنْثٍ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) لَكِنَّ تَكْفِيرَهُ (بَعْدَ الْحِنْثِ أَحَبُّ إلَيْنَا) أَيْ إلَى الْمَالِكِيَّةِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَيْمَانِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى النُّذُورِ جَمْعُ نَذْرٍ، وَهُوَ لُغَةً الْوُجُوبُ قَالَ تَعَالَى {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: ٢٦] أَيْ أَوْجَبْتُ وَشَرْعًا الْتِزَامُ مَا يَلْزَمُ مِنْ الْقُرَبِ فَقَالَ «وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ أَصَمَّ أَوْ مُقْعَدًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ [قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ فِي ذَلِكَ قِيمَةً] أَيْ مِنْ الْإِطْعَامِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ] أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ قَالَهُ عج. وَكَذَا لَيْسَ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَالصَّوْمُ أَوْلَى، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِذَلِكَ بَلْ جَمِيعُ الْكَفَّارَاتِ لَيْسَ لِلْعَبْدِ التَّفْكِيرُ بِالْعِتْقِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ الْعِتْقَ] أَيْ وَالْكِسْوَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا إطْعَامًا، وَالْعَجْرُ عَمَّا تَقَدَّمَ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِينَ، وَيُعْتَبَرُ حِينَ الْإِخْرَاجِ لَا حِينَ الْحِنْثِ، وَلَا حِينَ الْيَمِينِ، فَإِنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ لِعَجْزِهِ عَنْ أَقَلِّ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ، فَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِلتَّكْفِيرِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ كَمَالِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ كَمَالِ الثَّالِثِ نُدِبَ لَهُ الرُّجُوعُ لِلتَّكْفِيرِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَلَا يُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الطَّعَامِ، كَمَا إذَا أَعْتَقَ وَكَسَا، وَأَطْعَمَ وَكَسَا، وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ أَمْدَادًا وَبَعْضِهِمْ أَرْطَالًا أَوْ دَفَعَ لِكُلٍّ نِصْفَ مُدٍّ وَرَطْلًا أَوْ نِصْفَهُ وَغَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَيُجْزِئُ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ ثَلَاثَةٌ فَأَطْعَمَ عَشَرَةَ وَكَسَا عَشَرَةَ، وَأَعْتَقَ رَقَبَةً وَقَصْدَ كُلَّ نَوْعٍ مِنْهَا عَنْ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ، سَوَاءٌ عَيَّنَ كُلَّ كَفَّارَةٍ لِيَمِينٍ أَمْ لَا وَكَذَا يُجْزِئُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ أَنْ يَشْتَرِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْعِتْقَ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ [قَوْلُهُ: وَإِذَا فَرَّقَ صَوْمَهَا] مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفَرِّقْ لَاكْتَفَى بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّتَابُعَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ إطْعَامًا أَوْ كِسْوَةً وَشَرَعَ فِيهَا الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ.

[قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا] وَالصَّوَابُ أَنَّ مَحِلَّ الْإِجْزَاءِ إذَا كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَوْ طَلَاقٍ بَالِغِ الْغَايَةِ أَوْ بِصَدَقَةٍ بِمُعَيَّنٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى حِنْثٍ أَوْ بَرٍّ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِمَشْيٍ أَوْ بِصِيَامٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ بِعِتْقٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ بِطَلَاقٍ قَاصِرٍ عَنْ الْغَايَةِ، فَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ حِنْثٍ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ لَا إنْ كَانَتْ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ فَلَا يُجْزِئُ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يُخْرِجُهَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ قَبْلَ حِنْثِهِ إذْ إخْرَاجُهُ لَهَا فِيهِ عَزْمٌ عَلَى الضِّدِّ؟ . قُلْتُ: يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي عَزْمِهِ عَلَى الضِّدِّ، ثُمَّ يَجْزِمُ بِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَفِي الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي إجْزَائِهِ عَنْهَا مَعَ التَّرَدُّدِ، وَصُورَةُ الطَّلَاقِ الْبَالِغِ الْغَايَةَ أَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مُتَمِّمُهَا، ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ شَرْعِيٍّ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِطْلَاقُ التَّكْفِيرِ عَلَيْهَا مَجَازٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَعُودُ إلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الْعِصْمَةِ الْجَدِيدَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ ثُمَّ عَادَتْ لَهُ، وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تَعُودُ عَلَيْهَا الْيَمِينُ فَلَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَإِنْ دَخَلَهَا حَنِثَ.

[قَوْلُهُ: أَيْ إلَى الْمَالِكِيَّةِ] أَيْ لَا غَيْرِهِمْ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا فَالْأَحْسَنُ أَحَبُّ إلَيْنَا أَيْ الْمُصَنِّفِ رَدًّا عَلَى أَشْهَبَ، الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، أَوْ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ تَقْدِيمِ الصَّوْمِ دُونَ غَيْرِهِ.

[النُّذُور وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

[قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] أَيْ مِنْ بَيَانِ الْكَفَّارَةِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الْوُجُوبُ] الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ أَيْ أَوْجَبْتُ أَنْ يَقُولَ: الْإِيجَابُ [قَوْلُهُ: وَشَرْعًا الْتِزَامُ] الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>