لِأَنَّهُ نَسَبَهُ إلَى فَاحِشَةٍ يَلْزَمُ فَاعِلَهَا الْحَدُّ. ع: هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بَالِغًا وَقَالَ لَهُ: يَا فَاعِلُ، وَإِنْ قَالَ لَهُ: يَا مَفْعُولُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ.
(وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً) بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ جَمِيعًا أَوْ كُلَّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً (فَ) عَلَيْهِ (حَدٌّ وَاحِدٌ يَلْزَمُهُ لِمَنْ قَامَ بِهِ مِنْهُمْ ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِمَنْ قَامَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ فِي الْقَذْفِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ دَفْعِ الْمَعَرَّةِ عَنْ الْمَقْذُوفِ وَتَكْذِيبِ الْقَاذِفِ، فَإِذَا حُدَّ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْمَعَرَّةُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْإِثْمُ فَعَلَيْهِ.
(وَمَنْ كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ) كَرَّرَ (الزِّنَا فَ) يَلْزَمُهُ (حَدٌّ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ إذَا كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا تَدَاخَلَتْ كَالْأَحْدَاثِ إذَا تَكَرَّرَتْ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي جَمِيعِهَا طُهْرٌ وَاحِدٌ وَكَذَا مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَقَذَفَ لَا يَتَعَدَّدُ الْحَدُّ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِلِاتِّحَادِ بِخِلَافِ مَنْ قَذَفَ وَزَنَى فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ الْحَدُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ مَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً) تَكْرَارٌ، وَقِيلَ: لَيْسَ بِتَكْرَارٍ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ إذَا قَذَفَهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهَذَا إذَا كَرَّرَ قَذْفَهُمْ.
(وَمَنْ لَزِمَتْهُ حُدُودٌ وَقَتْلٌ) مِثْلُ أَنْ يَزْنِيَ وَيَشْرَبَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقَ وَيَقْتُلَ مُسْلِمًا (فَالْقَتْلُ يُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ) كُلِّهِ وَلَا يُحَدُّ (إلَّا فِي) اجْتِمَاعِ (الْقَذْفِ) مَعَ الْقَتْلِ (فَلْيُحَدَّ) لِلْقَذْفِ (قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ) لِنَفْيِ الْمَعَرَّةِ. ظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ هُوَ الْمَقْتُولَ. .
ثُمَّ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ حَدَّ شُرْبِ الْمُسْكِرِ فَقَالَ: (وَمَنْ شَرِبَ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ الْأَحْرَارِ مُخْتَارًا مِنْ غَيْرِ
ــ
[حاشية العدوي]
أَلْفَاظِ الْقَذْفِ يَا عِلْقُ أَوْ يَا مُخَنَّثُ، وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ فَمَتَى فُقِدَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ وَلَا يُحَدُّ، وَمَتَى وُجِدَ أَحَدُهُمَا حُدَّ وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ.
تَتِمَّةٌ:
يَثْبُتُ الْقَذْفُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَى الْقَذْفِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِهِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِمَا ذُكِرَ
[قَوْلُهُ: بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ] وَسَوَاءٌ تَعَدَّدَ نَوْعُ مَا قَذَفَ بِهِ أَوْ اتَّحَدَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: أَوْ كُلَّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً] بِانْفِرَادِهِ بِمَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ زَانٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ
[قَوْلُهُ: وَمَنْ كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ] أَيْ قَبْلَ حَدِّهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.
[قَوْلُهُ: فَحَدٌّ وَاحِدٌ] ثَمَانُونَ لِلْحُرِّ وَأَرْبَعُونَ لِلرَّقِيقِ.
[قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ كُلِّهِ] أَيْ فِيمَا تَكَرَّرَ مِنْ أَفْرَادِ الشُّرْبِ أَوْ مِنْ أَفْرَادِ الزِّنَا.
[قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا] أَيْ جِنْسُهَا وَاحِدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: وَتَدَاخَلَتْ أَيْ اكْتَفَى بِإِحْدَاهَا.
[قَوْلُهُ: كَالْأَحْدَاثِ إلَخْ] لَا يَتِمُّ التَّنْظِيرُ إلَّا لَوْ قَالَ: كَالْأَطْهَارِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا مُوجَبًا بِالْفَتْحِ، أَوْ يَقُولُ: أَوَّلًا لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحَدِّ إلَخْ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا مُوجِبًا بِالْكَسْرِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَنْصُوصِ] مُقَابِلُهُ مَا أَجْرَاهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ الْكَائِنِ فِي قَذْفِ الْجَمَاعَةِ هَلْ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الْحَدِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ لَا.
[قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ قَذَفَ وَزَنَى] وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْقَدْرِ يَكْفِي فِيهَا حَدٌّ وَاحِدٌ، وَالْمُخْتَلِفَةُ الْقَدْرِ يَجِبُ إقَامَتُهَا وَيُبْدَأُ بِأَشَدِّهَا عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ الْحَدُّ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْقَذْفَ وَالشُّرْبَ يَدْخُلَانِ فِي حَدِّ الزِّنَا فَيُحَدُّ مِائَةً إذَا شَرِبَ وَزَنَى أَوْ قَذَفَ وَزَنَى.
[قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَرَّرَ قَذْفَهُمْ] أَيْ قَذَفَ كُلَّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ
[قَوْلُهُ: وَمَنْ لَزِمَتْهُ] مَنْ شَرْطِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَشَرْطُهَا أَوْ صِلَتُهَا لَزِمَتْهُ حُدُودٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ سَبَبِهَا عَلَى الْقَتْلِ أَوْ تَأَخُّرِهِ
[حَدّ الشُّرْب]
[قَوْلُهُ: وَمَنْ شَرِبَ] الْمُرَادُ بِالشُّرْبِ وُصُولُهُ لِلْحَلْقِ مِنْ فَمٍ وَإِنْ رَدَّ قَبْلَ الْوُصُولِ لِجَوْفِهِ لَا مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ وَحُقْنَةٍ وَلَوْ إلَى الْجَوْفِ، وَلَوْ حَصَلَ الْإِسْكَارُ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ حَرُمَ وَدَخَلَ فِي الشُّرْبِ وَضْعُ إبْرَةٍ غَمَسَهَا فِي خَمْرٍ