للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَارِجَ الْفَرْجِ أَيْ لَا يَنْفَعُهُ ادِّعَاءُ الْعَزْلِ عَنْ الْأَمَةِ (إذَا أَنْكَرَ وَلَدَهَا) أَنْ يَكُونَ مِنْهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (أَقَرَّ بِالْوَطْءِ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَغْلِبُهُ وَلَوْ الْيَسِيرَ مِنْهُ (فَإِنْ ادَّعَى) السَّيِّدُ (اسْتِبْرَاءً) بِحَيْضَةٍ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَطَأْ بَعْدَهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ مَا جَاءَ مِنْ وَلَدٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ يَمِينٌ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْعِتْقِ وَهُوَ شَرْعًا خُلُوصُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ وَحُكْمُهُ النَّدْبُ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ لَمَّا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ وَفِي لَفْظٍ: أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ» . وَعِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ. أَوَّلُهَا: الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحَطَّ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ) الصَّبِيِّ وَلَا الْمَجْنُونِ وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْوَلَدُ مِنْك مَعَ إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا وَإِنْزَالِهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ شَهَادَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الدَّمُ الْمُنْعَقِدُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَهُوَ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِالدَّمِ الْمُجْتَمِعِ الَّذِي إذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَمْ يَذُبْ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَعُهُ الْعَزْلُ] وَكَذَا لَا يَنْفَعُهُ الْوَطْءُ بِدُبُرِهَا أَوْ بَيْنَ فَخْذَيْهَا إنْ أَنْزَلَ كَمَا فِي خَلِيلٍ، وَكَذَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ فِي وَطْئِهِ إيَّاهَا وَقَدْ أَنْزَلَ قَبْلَهُ فِي غَيْرِ وَطْئِهَا وَلَمْ يَبُلْ كَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي اللِّعَانِ قَالَهُ عج. وَعَزْلُهُ عَنْ أَمَتِهِ جَائِزٌ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَأَمَّا أَمَةُ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي وَلَدِهَا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا. [قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ] لَا حَاجَةَ لَهُ. [قَوْلُهُ: مَا جَاءَ مِنْ وَلَدٍ] أَيْ حَيْثُ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَمَّا فِي حُكْمِهَا كَسِتَّةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِي طَوْرٍ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي طَوْرٍ يَكُونُ عَلَيْهِ مَنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْقَرَافِيُّ اهـ.

الْمُرَادُ مِنْ عج وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لِلْمُغِيرَةِ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الِاسْتِبْرَاءَ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ يَمِينٌ] أَيْ فِي ادِّعَائِهِ الِاسْتِبْرَاءَ

[أَحْكَام الْعِتْق وَالْوَلَاء]

[قَوْلُهُ: وَهُوَ شَرْعًا إلَخْ] وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ الْخُلُوصُ وَالْكَرْمُ لِخُلُوصِ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ، وَلِذَا سُمِّيَ الْبَيْتُ بِالْعَتِيقِ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ وَمِنْ الطُّوفَانِ. [قَوْلُهُ: لَمَّا صَحَّ إلَخْ] أَيْ وَلِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَهُ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنْهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ «رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِامْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ رَقَبَةً: لَوْ كُنْت أَخْدَمْتِيهَا أَقَارِبَك لَكَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِك» . وَهَلْ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ حَرِّرْهُ. [قَوْلُهُ: أَعْتَقَ اللَّهُ إلَخْ] ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ نَاقِصَ عُضْوٍ لَا يَحْجُبُ النَّارَ عَنْ الْعُضْوِ الَّذِي يُقَابِلُهُ مِنْهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ الْأَلَمَ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَيِّ عُضْوٍ شَاءَ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ النَّارَ أَنْ تَأْكُلَ مَوْضِعَ السُّجُودِ» قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: بِكُلِّ إرْبٍ إلَخْ] أَيْ عُضْوٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. [قَوْلُهُ: حَتَّى فَرْجَهُ إلَخْ] غَيًّا بِالْفَرْجِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ بِهِ فَيُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِهِ. [قَوْلُهُ: وَعِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ] ثُمَّ أَعْلَى الرِّقَابِ وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَعْلَى ثَمَنًا كَافِرًا فَضَّلَهُ مَالِكٌ وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَنُسِبَ لِلْجُمْهُورِ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قِيلَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُعْتَقُ مِنْ النَّارِ إلَّا بِعِتْقِ عَبْدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مِثْلَ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَانَ كَالْمَرْأَةِ، أَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فَالْمُسْلِمُ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِذَا كَانَ مُسْلِمَيْنِ فَالدَّيْنُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهُمَا ثَمَنًا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إنَّمَا يَكُونُ الْأَعْلَى ثَمَنًا أَفْضَلَ عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ إلَخْ] صَادِقٌ بِالْكَافِرِ إذْ يَصِحُّ عِتْقُهُ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ وَيَلْزَمُ إنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ أَوْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ بَانَ عَنْ سَيِّدِهِ وَلَمْ يُسْلِمْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُسْلِمْ الْعَبْدُ وَلَا بَانَ عَنْ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ فَيَصِحُّ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّ عِتْقَهُ فِيهِ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ، وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ السَّكْرَانُ بِحَرَامٍ فَيَلْزَمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>