الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلَا (مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ) كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. ثَانِيهَا: الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَهُوَ رَقِيقٌ قِنٌّ أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ كَالْمُدَبَّرِ.
ثَالِثُهَا: الصِّيغَةُ وَهِيَ إمَّا صَرِيحٌ وَهُوَ مَا دَلَّ وَضْعًا عَلَى رَفْعِ الْمِلْكِ بِدُونِ احْتِمَالٍ وَلَا قَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ كَفَكَكْتُ رَقَبَتَك مِنْ الرِّقِّ أَوْ حَرَّرْتهَا أَوْ أَنْتَ حُرٌّ، أَمَّا إنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ مُتَعَجِّبًا مِنْ عَمَلِهِ مَثَلًا مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنْتَ حُرُّ الْفِعَالِ أَوْ كَقَوْلِهِ لِعَشَّارٍ هُوَ حُرٌّ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ رَفْعَ الظُّلْمِ عَنْهُ دُونَ الْحُرِّيَّةِ، وَإِمَّا كِنَايَةٌ كَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك أَوْ أَعْتَقْتُك أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِعِتْقِك وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا نَحْوَ اسْقِنِي أَوْ اذْهَبْ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِهِ مُوجِبًا لِفِكَاكِ الرَّقَبَةِ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى تَصْحَبَهُ النِّيَّةُ
، وَلِلْعِتْقِ خَوَاصُّ مِنْهَا مَا أَشَارَ
ــ
[حاشية العدوي]
عِتْقُهُ كَطَلَاقِهِ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ الصَّبِيِّ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمَجْنُونَ وَالصَّبِيَّ إعْتَاقُهُمْ بَاطِلٌ وَالْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَالْمَدِينُ يَتَوَقَّفُ إعْتَاقُهُمْ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يُرَدَّ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يَفْصِلُ فِيهِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ] فَإِنْ أَعْتَقَ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَنْفُذُ وَلِغَرِيمِهِ أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَ مَالِهِ أَوْ يَرُدَّ بَعْضَهُ إنْ اسْتَغْرَقَ بَعْضَ مَالِهِ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَعِنْدَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا فَأَعْتَقَهُ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَرُدَّ بَعْضَهُ وَهُوَ مَا قَابَلَ الدَّيْنَ وَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي ذَلِكَ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ، وَمَحَلُّ رَدِّ الْغَرِيمِ لِعِتْقِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ بِالْعِتْقِ وَيَرْضَى بِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ أَوْ يَطُولُ زَمَنُ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَالطُّولُ بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَمَا لَمْ يُفِدْ الْمَدِينُ مَالًا قُدِّرَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ، فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ وَلَوْ كَانَتْ إفَادَةُ الْمَالِ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ كَمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ بِأَنْ رَدَّ السُّلْطَانُ عِتْقَ الْمِدْيَانِ وَبَاعَهُ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ لِأَنَّ رَدَّ الْحَاكِمِ رَدُّ إيقَافٍ كَرَدِّ الْغُرَمَاءِ.
وَأَمَّا بَعْدَ نُفُوذِ الْبَيْعِ فَلَا يُرَدُّ هَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ السُّلْطَانَ كَمَا صَوَّرْنَا أَيْ أَوْ الْمُفْلِسَ أَوْ الْغُرَمَاءَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، وَأَمَّا هُوَ أَوْ هُمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ بَعْدَ نُفُوذِهِ أَيْضًا حَيْثُ أَفَادَ مَالًا. وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُنَا أَوْ يُرَدُّ بَعْضُهُ مَعَ فَرْضِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عِشْرِينَ وَعَلَيْهِ عَشْرَةٌ وَأَعْتَقَهُ كُلَّهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ أَيْ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ كُلُّهُ فَهُوَ إحَاطَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. [قَوْلُهُ: ثَانِيهَا الْمُعْتَقُ] شَرْطُهُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَالْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي، فَإِنَّ عِتْقَهُمْ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ رَبِّ الْحَقِّ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: بِدُونِ احْتِمَالٍ] أَيْ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ غَيْرَ مُصَاحِبٍ لِاحْتِمَالٍ وَلَا قَرِينَةٍ وَعَطْفُ الْقَرِينَةِ تَفْسِيرٌ. [قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ مُتَعَجِّبًا مِنْ إلَخْ] أَيْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِتْقَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْتَ فِي عَمَلِك كَالْحُرِّ أَوْ عَمِلَ شَيْئًا لَمْ يُعْجِبْ سَيِّدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ جَوَابًا لِمُخَالَفَتِهِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْتَ فِي مُخَالَفَتِك مِثْلُ الْحُرِّ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ قَدْ دَخَلَتْ تَحْتَ قَوْلِ الشَّارِحِ مَثَلًا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أُعْجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ خَالَفَهُ عِنْدَ أَمْرِهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ. [قَوْلُهُ: أَوْ كَقَوْلِهِ لِعَشَّارٍ إلَخْ] وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ إكْرَاهِهِ عَلَى الْمَكْسِ حَتَّى ذَكَرَ حُرِّيَّتَهُ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ بِسَاطٌ وَالْبِسَاطُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا كِنَايَةُ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّ الصِّيغَةَ إمَّا صَرِيحَةٌ أَوْ كِنَايَةٌ وَالْكِنَايَةُ إمَّا ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ، فَالصَّرِيحَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ وَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِنِيَّةٍ كَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك، وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ كَاذْهَبْ. [قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقْتُك] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ مِنْ الصَّرِيحِ فَالصَّرِيحُ كُلُّ مَا فِيهِ لَفْظُ الْعِتْقِ أَوْ التَّحْرِيرِ أَوْ الْفَكِّ. وَقَوْلُهُ: أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِعِتْقِك الظَّاهِرِ أَنَّ هَذِهِ مِنْ الصَّرِيحِ نَظَرًا لِقَوْلِهِ: بِعِتْقِك فَلَعَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute