الْحَبْسِ إلَخْ أَوْ يَعُودُ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَنْ سَكَنَ إلَخْ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالشَّرْطُ أَنْ يَقُولَ: مَنْ قَدِمَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لَهُ أَوْ يَقُولَ إنَّمَا يَسْكُنُ السَّاكِنُ شَهْرًا وَيَخْرُجُ فَيَمْضِي كُلُّ مَا اشْتَرَطَ فِي أَصْلِ الْحَبْسِ
(وَلَا يُبَاعُ الْحَبْسُ وَإِنْ خَرِبَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَقَائِهِ ضَرَرٌ أَمْ لَا، وَاسْتَثْنَى فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ ذَلِكَ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِتَوْسِعَةِ مَسْجِدٍ
(وَيُبَاعُ الْفَرَسُ الْحَبْسُ يَكْلَبُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ وَالْكَلَبُ شَيْءٌ يَعْتَرِي الْخَيْلَ كَالْجُنُونِ.
(وَ) إذَا بِيعَ فَإِنَّهُ (يَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي) شِرَاءِ فَرَسٍ (آخَرَ) مِثْلِهِ إذَا لَحِقَ ثَمَنُهُ ذَلِكَ (أَوْ يُعَانُ بِهِ فِيهِ) بِأَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ إذَا لَمْ يَلْحَقْ ثَمَنُهُ ذَلِكَ فَيَشْتَرِي بِهِ فَرَسًا آخَرَ. ج: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ وَلَا لَحِقَ ثَمَنُهُ الْفَرَسَ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ فِي الْجِهَادِ
(وَاخْتُلِفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِالرَّبْعِ) الْحَبْسِ (الْخَرِبِ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ) وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْمُعَاوَضَةِ، وَرَخَّصَ فِي مُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ فِي بَيْعِ رَبْعٍ دَائِرٍ وَبِئْرٍ تَعَطَّلَ وَيُعَوَّضُ بِهِ رَبْعٌ وَنَحْوُهُ وَيَكُونُ حَبْسًا
(مَطْلَبُ الرَّهْنِ) . ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرَّهْنِ وَهُوَ لُغَةً اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ وَاصْطِلَاحًا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ بَدَلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ أَوْ غَرَرًا.
وَلَوْ اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ وَثِيقَةً بِحَقٍّ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ مَنْ لَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
لِوَصْفِهِ وَزَالَ وَصْفُهُ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ] أَيْ لِقُرْبِهِ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ لَا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ رُجُوعُهُ لَهُمَا مَعًا.
[قَوْلُهُ: فِي أَصْلِ الْحَبْسِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرِبَ] بِحَيْثُ صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَنْقَاضِهِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ شَرَطَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بَيْعَهُ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ إلَخْ] وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَمُقَابِلُهُ إنْ كَانَ فِي بَقَائِهِ ضَرَرٌ وَلَا يُرْجَى عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ جَازَ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَقَائِهِ ضَرَرٌ وَيُرْجَى عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ خَرِبَ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ مَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
[قَوْلُهُ: لِتَوْسِعَةِ مَسْجِدٍ] أَيْ مَسْجِدِ الْجُمُعَةِ لَا غَيْرِهِ فَلَا يُبَاعُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمِيضَأَةِ، وَمِثْلُ تَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ تَوْسِعَةُ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَمَقْبَرَتِهِمْ لِأَنَّ نَفْعَ الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالطَّرِيقِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِ الْوَقْفِ فَهُوَ قَرِيبٌ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، وَيُسْتَبْدَلُ بِالثَّمَنِ خِلَافُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ] مُضَارِعُ كَلِبَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْمَصْدَرُ كَلَبًا بِفَتْحِهَا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَمِثْلُ الْكَلَبِ الْهَرَمُ وَالْمَرَضُ وَكَذَا كُلُّ مَا تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ كَالْكَبِيرِ مِنْ الْإِنَاثِ الْمَوْقُوفَةِ لِنَسْلِهَا أَوْ لِعَمَلِهَا.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ فِي الْجِهَادِ] أَيْ فِي الْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا، فَثَمَنُ الْفَرَسِ يُفَرَّقُ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَثَمَنُ الْحَيَوَانِ عَلَى مَنْ وُقِفَ عَلَيْهِ، وَثَمَنُ الثَّوْبِ الْخَلَقِ عَلَى الْعُرَاةِ.
[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ إلَخْ] حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ بِأَنْ يُعَاوَضَ الرَّبْعُ الْخَرِبُ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ فَيَدْفَعُهُ بِعَيْنِهِ فِي الرَّبْعِ الصَّحِيحِ، وَحَمَلَهُ آخَرُ عَلَى أَنَّهُ يُبَاعُ الرَّبْعُ الْخَرِبُ وَيُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ مِثْلًا صَحِيحًا فَيَصِيرُ مَا كَانَ حَبْسًا غَيْرَ حَبْسٍ، وَمَا لَيْسَ بِحَبْسٍ حَبْسًا فَالْمُبَاعُ يَكُونُ غَيْرَ حَبْسٍ وَالْمُشْتَرَى يَكُونُ حَبْسًا قَائِلًا هُوَ الْبَيِّنُ اهـ.
تت وَالرَّبْعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الدَّارُ بِعَيْنِهَا حَيْثُ كَانَتْ وَجَمْعُهَا رِبَاعٌ وَرُبُوعٌ وَأَرْبَاعٌ وَأَرْبُعُ كَذَا فِي التَّنْبِيهِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ.
[قَوْلُهُ: وَرَخَّصَ] مُقَابِلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ.
[قَوْلُهُ: وَبِئْرٌ تَعَطَّلَ] أَيْ تُرِكَتْ لِهَلَاكِ أَهْلِهَا.
[قَوْلُهُ: وَيُعَوَّضُ بِهِ رَبْعٌ وَنَحْوُهُ] أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُبَاعُ رَبْعًا أَيْ أَوْ بِئْرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُبَاعُ بِئْرًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
خَاتِمَةٌ: الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّ لَهُ وَلِوَارِثِهِ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ وَإِذَا اُكْتُرِيَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِأَكْثَرَ، وَأَمَّا إذَا كُرِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ زَمَنَ الْعَقْدِ فَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِأَجْلِ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا.
[مَطْلَبُ فِي الرَّهْنِ]
[قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرَّهْنِ] لَمَّا كَانَ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْوَقْفِ مُنَاسَبَةٌ مِنْ جِهَةِ تَوَقُّفِ التَّمَامِ عَلَى الْحِيَازَةِ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ] أَيْ فَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرٌ مُفَسَّرٌ بِاللُّزُومِ وَمُفَسَّرٌ بِالْحَبْسِ، أَيْ إلَّا أَنَّ الْمَصْدَرَ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَالثَّانِي بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ قَوْلِهِ: اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ يُقَالُ هَذَا رَهْنٌ لَك