للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَيْعُ الْمُكَلَّفُ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيَّزُ، وَخَرَجَ الْمَجْنُونُ وَالصَّغِيرُ الْغَيْرُ الْمُمَيَّزِ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: مَا يُبَاعُ الطَّاهِرُ الْمُنْتَفَعُ بِهِ الْمَقْدُورُ عَلَى تَسْلِيمِهِ الْمَعْلُومُ غَيْرُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَخَرَجَ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ وَنَحْوُهُمَا أَوْ غَرَرًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا كَالْآبِقِ أَيْ يَجُوزُ رَهْنُهُ وَقَوْلُهُ: وَثِيقَةً مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يُعْطَى لِلتَّوَثُّقِ بِهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ الرَّاهِنُ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ لَبِيعَ الرَّهْنُ وَوُفِّيَ الدَّيْنُ مِنْهُ.

وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ.

الْأَوَّلُ: الْعَاقِدُ وَهُوَ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ.

الثَّانِي: الْمَرْهُونُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ مِنْ مَنَافِعِهِ الدَّيْنُ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَوْ بَعْضُهُ.

الثَّالِثُ: الْمَرْهُونُ بِهِ وَلَهُ شَرْطَانِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَأَنْ يَكُونَ لَازِمًا أَوْ صَائِرًا إلَى اللُّزُومِ كَالْجُعْلِ بَعْدَ الْعَمَلِ،

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ مَحْبُوسٌ دَائِمٌ لَك.

[قَوْلُهُ: دَخَلَ فِي قَوْلِهِ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ الْمُكَلَّفُ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ] فَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِمْ، ثُمَّ إذَا تَلِفَ مَا رَهَنَاهُ قَبْلَ رِضَا وَلِيِّ كُلٍّ فَيَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ ضَمَانَ عَدَاءٍ حَيْثُ عَلِمَ بِعَدَمِ لُزُومِ رَهْنِ كُلٍّ لَا ضَمَانَ رِهَانٍ، وَرَهْنُ السَّكْرَانِ كَبَيْعِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ كَالْبَيْعِ وَقَوْلُهُ: خَرَجَ الْمَجْنُونُ إلَخْ أَيْ فَلَا يَصِحُّ مِنْ هَذَيْنِ.

[قَوْلُهُ: الطَّاهِرُ الْمُنْتَفَعُ بِهِ] دَخَلَ فِيهِ الْمُعَارُ لِلرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَوَثِيقَةِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَبَيْعُ مَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ رَهْنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانُ الْعَدَاءِ إلَى ضَمَانِ الرِّهَانِ وَيَكْفِي فِي الصِّحَّةِ الْعَزْمُ عَلَى الرَّدِّ.

[قَوْلُهُ: أَوْ غَرَرًا] مَعْطُوفٌ عَلَى مَا أَيْ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ، أَيْ إذَا غُرِّرَ أَيْ يَجُوزُ رَهْنُهُ وَلَوْ شُرِطَ رَهْنُ الْغَرَرِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ بِغَيْرِ وَثِيقَةٍ فَجَازَ أَخْذُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ غَرَرٍ لِأَنَّهُ شَيْءٌ فِي الْجُمْلَةِ خَيْرٌ مِنْ لَا شَيْءَ، وَمِثْلُ الْآبِقِ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ أَيْ لِخِفَّةِ غَرَرِهِمَا بِخِلَافِ مَا اشْتَدَّ غَرَرُهُ كَالْجَنِينِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآبِقُ مَقْبُوضًا حَالَ حُصُولِ الْمَانِعِ فَإِنْ قَبَضَ قَبْلَ الْمَانِعِ ثُمَّ أَبَقَ وَحَصَلَ الْمَانِعُ حَالَ إبَاقِهِ كَانَ مُرْتَهِنُهُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ.

[قَوْلُهُ: لِلتَّوَثُّقِ] مُفَادُهُ أَنَّ وَثِيقَةً مَصْدَرٌ أَيْ وَيَكُونُ نَاصِبُهُ قَوْلُهُ: بُذِلَ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِحَقٍّ بِمَعْنَى فِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ: مَا يُبَاعُ أَوْ غَرَرًا وَالتَّقْدِيرُ حَالَةَ كَوْنِ مَا ذَكَرَ مُوَثَّقًا بِهِ فِي حَقٍّ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا بُذِلَ لَا لِلتَّوَثُّقِ بَلْ لِلتَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْإِعَارَةِ وَنَحْوِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَقِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا بِالْفِعْلِ أَوْ سَيُوجَدُ.

[قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ] أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَهُوَ الْقَابِضُ لَهُ وَشَرْطُهُمَا التَّأَهُّلُ لِلْبَيْعِ صِحَّةً وَلُزُومًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ] أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ ذَهَبًا وَالدَّيْنُ ذَهَبًا مَثَلًا إلَّا أَنَّ صِحَّةَ رَهْنِ الْمِثْلِيِّ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ طَبْعًا لَا يُقْدَرُ عَلَى فَكِّهِ غَالِبًا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ عُلِمَ بِزَوَالِهِ حِمَايَةً لِلذَّرَائِعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَا قَبْضَهُ عَلَى جِهَةِ السَّلَفِ وَسَمَّيَاهُ رَهْنًا، وَاشْتِرَاطُ السَّلَفِ فِي الْمُدَايِنَةِ مَمْنُوعٌ وَالتَّطَوُّعُ بِهِ هِبَةُ مِدْيَانٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَمِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ الْحُلِيُّ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الطَّبْعُ حَيْثُ جُعِلَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، أَمَّا لَوْ جُعِلَ بِيَدِ أَمِينٍ فَيَصِحُّ وَلَوْ لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ، وَمَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّ الطَّبْعَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ ظَاهِرُ خَلِيلٍ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الرَّهْنِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ] كَأَنْ يَكُونَ كِتَابًا.

وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَنَافِعِهِ كَدَارٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ قَدْرَ الدَّيْنِ بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ] أَيْ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي مُعَيَّنٍ وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ لِاسْتِحَالَةِ اسْتِيفَاءِ الْمُعَيَّنِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَ دَابَّةً فَيَخَافُ الْمُشْتَرِي أَنْ تُسْتَحَقَّ فَيَقُولَ لِلْبَائِعِ: أَعْطِنِي رَهْنًا عَلَى تَقْدِيرِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الدَّابَّةُ مِنِّي آخُذُهَا بِعَيْنِهَا مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ دَابَّةً فَيَقُولُ الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي: إنِّي أَخَافُ أَنْ تُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِي أَعْطِنِي رَهْنًا، فَعَلَى تَقْدِيرِ اسْتِحْقَاقِهَا آخُذُ الْمَنَافِعَ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ صَائِرًا إلَى اللُّزُومِ] كَالْجُعْلِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>