للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا مَا كَانَ فِي أَصْلِهِ غَيْرَ لَازِمٍ وَلَا صَائِرًا لِلُّزُومِ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَكُونُ رَهْنٌ بِهِ.

الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِيهِمَا بَلْ يَقُومُ مَقَامَهُ كُلُّ مَا شَارَكَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْهُ.

وَحُكْمُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَالرَّهْنُ جَائِزٌ) حَضَرًا وَسَفَرًا. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ فِي الْحَضَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: ٢٨٣] أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ السَّفَرَ لِغَلَبَةِ فِقْدَانِ الْكَاتِبِ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ فِيهِ، وَأَيْضًا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ»

(وَلَا يَتِمُّ) الرَّهْنُ (إلَّا بِالْحِيَازَةِ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ إلَّا بِالْقَبْضِ.

ابْنُ الْحَاجِبُ فَإِنْ تَرَاخَى إلَى الْفَلَسِ أَوْ الْمَوْتِ بَطَلَ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَ مُجِدًّا عَلَى الْأَشْهَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ مَعَ الْجِدِّ أَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ فَلَمْ يُكْتَفْ فِيهِ بِالْجِدِّ فِي الطَّلَبِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ وَاهِبِهِ (وَلَا تَنْفَعُ الشَّهَادَةُ فِي حِيَازَتِهِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ) ع: هَذَا فِيمَا يُبَانُ وَيُنْقَلُ، وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ مَا لَا يُبَانُ وَلَا يُنْقَلُ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَنْفَعُ فِيهِ عَلَى إقْرَارِهِمَا وَتَرْتَفِعُ يَدُ الرَّاهِنِ عَنْهُ، فَإِذَا رَهَنَهُ مَا يُبَانُ بِهِ وَيُنْقَلُ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى حِيَازَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الرَّاهِنِ بِعَارِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعَمَلِ لَا كَكِتَابَةٍ وَجُعْلٍ قَبْلَ الْعَمَلِ.

[قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ رَهْنٌ بِهِ] أَيْ لَا يَصِحُّ رَهْنٌ بِهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: فِيهِمَا] كَذَا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ هَذَا الشَّارِحِ، وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا بِالْإِفْرَادِ كَمَا هُوَ فِي التَّحْقِيقِ مَنْسُوبًا إلَى الْجَوَاهِرِ أَيْ لَا يَتَعَيَّنُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الصِّيغَةِ، بَلْ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ كُلُّ مَا شَارَكَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْهُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: مَا أَشَارَ] أَيْ الْجَوَازُ الَّذِي أَشَارَ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: ٢٨٣]] أَيْ مُسَافِرِينَ أَوْ مُتَوَجِّهِينَ أَيْ {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} [البقرة: ٢٨٣] فِي الْمَدِينَةِ {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] أَيْ فَاَلَّذِي يُسْتَوْثَقُ بِهِ رِهَانٌ إلَخْ. أَبُو السُّعُودِ. يَجُوزُ الرَّهْنُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْكَاتِبِ.

[قَوْلُهُ: وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ] أَيْ عِنْدَ أَبِي الشَّحْمِ الْيَهُودِيِّ وَكَانَتْ تِلْكَ الدِّرْعُ الْمَرْهُونَةُ تُسَمَّى بِذَاتِ الْفُضُولِ قَالَ الشَّامِيُّ فِي سِيرَتِهِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَطُولِهَا وَكَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ دِرْعَهُ لَمَرْهُونَةٌ فِي ثَلَاثِينَ صَاعًا، وَفِي رِوَايَةٍ سِتِّينَ صَاعًا شَعِيرًا رِزْقًا لِعِيَالِهِ وَكَانَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَبْعَةُ أَدْرُعٍ» .

[قَوْلُهُ: إلَّا بِالْحِيَازَةِ إلَخْ] أَيْ بِضَمِّ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ.

[قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: وَكَانَ مُجِدًّا عَلَى الْأَشْهَرِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ مَعَ الْجِدِّ لَا تَبْطُلُ.

[قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ. . . إلَخْ] وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ وَضْعِ الرَّهْنِ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَطَلَبَ وَضْعَهُ عِنْدَ أَمِينٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَعَكْسِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَمْرِ فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ.

[قَوْلُهُ: إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ] أَيْ لِحَوْزِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلرَّهْنِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى التَّحْوِيزِ وَهُوَ تَسْلِيمُ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَصَيْرُورَتُهُ فِي حَوْزِهِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لِلْقَوْلَيْنِ فَعَلَى هَذَا لَوْ وُجِدَتْ سِلْعَةُ الْمِدْيَانِ بِيَدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمِدْيَانِ أَوْ فَلَسِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا رَهْنٌ عِنْدَهُ وَحَازَهَا قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ حَوْزُهُ وَلَا تَحْوِيزُهُ.

وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ الَّذِي وُضِعَ الرَّهْنُ تَحْتَ يَدِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْحَوْزُ وَالْبَيِّنَةُ هُنَا وَلَوْ الْوَاحِدُ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ مَالٍ، وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ وَعَدْلَانِ عَلَى عَدَمِ الْحَوْزِ فَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ بِالْحَوْزِ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ وَتِلْكَ نَافِيَةٌ.

[قَوْلُهُ: وَيَنْقُلُ] عَطْفٌ تَفْسِيرُهُ [قَوْلُهُ: فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَنْفَعُ فِيهِ عَلَى إقْرَارِهِمَا] أَيْ بِالْحِيَازَةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْكَلَامِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: وَتَرْتَفِعُ يَدُ الرَّاهِنِ عَنْهُ أَيْ يَطْلُبُ أَنْ تَرْتَفِعَ يَدُ الرَّاهِنِ عَنْهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ قَرَارُهُمَا بِالرَّهْنِيَّةِ، وَبَعْدُ فَهَذَا الْكَلَامُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ الْحِيَازَةَ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُبَانُ وَيُنْقَلُ أَمْ لَا.

[قَوْلُهُ: بِعَارِيَّةٍ] أَيْ مُطْلَقَةٍ أَيْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>