للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَتْ مَرْجُوَّةَ الْحَيَاةِ فَلَا خِلَافَ فِي إعْمَالِ الذَّكَاةِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْجُوَّةٍ فَعَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّهَا لَا تُذَكَّى وَلَا تُؤْكَلُ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تُذَكَّى وَتُؤْكَلُ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] مُتَّصِلٌ أَوْ مُنْقَطِعٌ فَمَنْ قَالَ بِاتِّصَالِهِ أَجَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَإِنْ صَارَتْ الْبَهِيمَةُ مِمَّا أَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ مَيْئُوسًا مِنْ حَيَاتِهَا مَا لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهَا. وَمَنْ قَالَ بِانْقِطَاعِهِ لَمْ يُجِزْ ذَكَاتَهَا إذَا أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهَا وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ عِنْدَهُ لَكِنْ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ.

(وَلَا بَأْسَ لِلْمُضْطَرِّ) وَهُوَ مَنْ خَافَ الْهَلَاكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ إذْ الْأَكْلُ حِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ (أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ) مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَاهُ بِهَذَا لِقَوْلِهِ بَعْدَ: وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا وَلِأَنَّ صَاحِبَ الْمُخْتَصَرِ وَغَيْرَهُ شَهَرَ أَنَّ مَيِّتَةَ الْآدَمِيِّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا. الْبِسَاطِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ وَمَيْتَةِ غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَلَوْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَعْصِيَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَلَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ وَالْمَيْتَةَ أَكَلَ الْمَيْتَةَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا خِنْزِيرًا أَكَلَ مِنْهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَذْكِيَتُهُ وَذَكَاتُهُ الْعَقْرُ.

ــ

[حاشية العدوي]

خَرِيطَةِ الدِّمَاغِ، وَرَضُّ أُنْثَيَيْنِ، وَكَسْرُ عَظْمِ صَدْرٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ بَاقِي الْمَتَالِفِ وَثَقْبُ الْكَرِشِ وَشَقُّ الْقَلْبِ، وَمِمَّا يَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَنْتَفِخُ مِنْ أَكْلِ خِلْفَةِ الْبِرْسِيمِ وَيَحْصُلُ الْإِيَاسُ مِنْ حَيَاتِهِ وَكَذَا الْحَيَوَانُ الَّذِي يَبْلَعُ شَيْئًا وَيَقِفُ فِي حَلْقِهِ، وَيَحْصُلُ الْإِيَاسُ مِنْ حَيَاتِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ إنْفَاذُ مَقْتَلٍ [قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ] وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَوْلُهُ: أَنَّهَا تُذَكَّى إلَخْ أَيْ غَيْرِ الْمَرْجُوِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ غَيْرَ الْمَرْجُوِّ يَشْمَلُ الْمَشْكُوكَ فِي حَيَاتِهِ وَالْمَظْنُونَ عَدَمِ حَيَاتِهِ وَالْمَأْيُوسَ مِنْ حَيَاتِهِ. وَقَوْلُهُ: الْعِبَارَةُ إذَا أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ لَا يُلَائِمُهُ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَأْيُوسِ مِنْ حَيَاتِهِ.

[أَكْلُ الْمُحْرِم وَالِانْتِفَاع بِهِ حِينَ الِاضْطِرَار]

[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ خَافَ الْهَلَاكَ عَلَى نَفْسِهِ] وَلَوْ ظَنًّا [قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ غَيْرِ الْآدَمِيِّ] وَلَوْ كَافِرًا وَلَوْ مِمَّا لَا حُرْمَةَ لَهُ كَالْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُحْصَنِ، إمَّا لِأَنَّهُ يُؤْذِي آكِلَهُ أَوْ لِمَحْضِ التَّعَبُّدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمِثْلُهَا ضَالَّةُ الْإِبِلِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلنَّجَاةِ بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَلَا يُؤْكَلُ ابْنُ آدَمَ وَلَوْ مَاتَ.

[قَوْلُهُ: الْبِسَاطِيُّ] مُقَابِلٌ لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] لِأَنَّ تِلْكَ الرُّخْصَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِالسَّفَرِ الْمُسْتَنِدِ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ هَلْ هُوَ مِنْ الِاجْتِهَادِ أَوْ مِنْ بَابِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ، وَلَعَلَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ أَنَّهَا عَلَى الثَّانِي بَاقِيَةٌ عَلَى النَّجَاسَةِ، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْهَا لِلْآكِلِ فَيَغْسِلُ فَمَهْ وَيَدَهُ لِلصَّلَاةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَغْسِلُ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الطَّاهِرِ [قَوْلُهُ: وَإِذَا وَجَدَ مَيْتَةً] أَيْ مَيْتَةَ غَيْرِ الْآدَمِيِّ. وَقَوْلُهُ: وَخِنْزِيرًا أَيْ مُذَكًّى، وَإِنْ كَانَتْ الذَّكَاةُ لَا تَعْمَلُ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُذَكًّى كَانَ مَيْتَةً، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى الْخِنْزِيرِ لِأَنَّ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ حَرَامٌ لِذَاتِهِ، وَالْمَيْتَةُ لِوَصْفِهَا أَيْ بِالْمَوْتِ وَمَا أُنِيطَ الْحُكْمُ بِذَاتِهِ أَشَدُّ مِمَّا أُنِيطَ بِهِ لِوَصْفِهِ اهـ.

وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ قَصْرَ الْمَيْتَةِ عَلَى مَيْتَةِ الْمُبَاحِ، وَقَرَّرَهُ عج بِشُمُولِهِ لِغَيْرِهَا، إلَّا أَنْ يُرَادَ الْوَصْفُ الْحَاصِلُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُبَاحِ الْأَكْلِ مَأْخُوذٌ فِي مُقَابِلِ التَّحْرِيمِ الذَّاتِيِّ، وَعَلَّلَهُ بَهْرَامُ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا تَحِلُّ حَيَّةً أَيْ وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْخِنْزِيرُ لَا يَحِلُّ مُطْلَقًا. وَقَوْلُهُ: أَكْلُ الْمَيْتَةِ أَيْ وُجُوبًا.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ إلَخْ] أَيْ وَلَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ الْمُضْطَرُّ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ الصَّيْدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَادَهُ مُحْرِمٌ وَإِنْ ذَبَحَهُ غَيْرُهُ أَوْ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ أَوْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ أَوْ أَعَانَهُ عَلَى ذَبْحِهِ، وَإِنْ صَادَهُ حَلَالٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُضْطَرُّ حَلَالًا وَصَادَ مُحْرِمٌ صَيْدًا وَذَبَحَهُ حَلَالٌ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ [قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ تَذْكِيَتُهُ وَذَكَاتُهُ الْعَقْرُ] قَالَ التَّتَّائِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذَكَاتِهِ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تُفِيدُ فِي الْمُحَرَّمِ الْأَكْلَ.

وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَذْكِيَتُهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَمَحَلُّ كَوْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>