للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَحَلُّهُ إذَا تَرَكُوهَا بِغَيْرِ رَبْطٍ، أَمَّا إذَا رَبَطُوهَا وَحَفِظُوهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يَجُوزُ لَهُمْ قَالَهُ ق.

وَقَالَ ج عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّمَا سَقَطَ الضَّمَانُ نَهَارًا عَنْ أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ إذَا أُطْلِقَتْ دُونَ رَاعٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ فَلَمْ يَمْنَعْهَا فَهُوَ كَالْقَائِدِ وَالرَّاكِبِ.

(وَمَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ) الَّتِي بَاعَهَا مَثَلًا مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهَا لَمْ تَفُتْ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ مُشْتَرِيهَا فَالْبَائِعُ حِينَئِذٍ أَيْ (فِي التَّفْلِيسِ) بِالْخِيَارِ (فَإِمَّا حَاصَصَ بِهَا) أَيْ دَخَلَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي جُمْلَةِ الْمَالِ فَيَأْخُذُ نَصِيبًا بِنِسْبَةِ مَالِهِ مِنْهُ، ثُمَّ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ اتَّبَعَ ذِمَّتَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الْمُحَاصَصَةَ (أَخَذَ سِلْعَتَهُ) بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ (إنْ كَانَتْ تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا) وَكَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالْقَمْحِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْحِصَاصُ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ طَرَحَ قَمْحَهُ فِي هَذِهِ الْمَطْمُورَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْيِيرِ الْبَائِعِ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَدْفَعْ الْغُرَمَاءُ لَهُ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ، أَمَّا إذَا دَفَعُوهُ لَهُ فَلَا مَقَالَ لَهُ وَلَمَّا كَانَ الْمَوْتُ يُخَالِفُ التَّفْلِيسَ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَ: (وَهُوَ) أَيْ صَاحِبُ السِّلْعَةِ إذَا وَجَدَهَا (فِي الْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ مَنْ ابْتَاعَ السِّلْعَةَ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا (أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ) لِمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ: (وَالضَّامِنُ غَارِمٌ) لِمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَالزَّعِيمُ الْكَفِيلُ. د: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

تَنْبِيهٌ

مَحَلُّ ضَمَانِ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا عَلَى رَبِّهَا مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَاعٍ فِي اللَّيْلِ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهَا.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يَجُوزُ لَهُمْ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا طُلِبَ مِنْهُمْ.

[قَوْلُهُ: إذَا أُطْلِقَتْ دُونَ رَاعٍ] أَيْ وَسَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَقْرَبُ شَيْئًا مِنْ زَرْعِ النَّاسِ.

[قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْقَائِدِ] أَيْ فَيَضْمَنُ حَيْثُ سَرَّحَهَا قَرِيبًا مِنْ الْمَزَارِعِ أَوْ بَعِيدَةً مِنْهَا عَلَى ظَاهِرِ ابْنِ نَاجِي.

وَقَالَ غَيْرُهُ: حَيْثُ سَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ يَكُونُ مَا أَتْلَفَتْهُ هَدَرًا كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَمْ لَا

[قَوْلُهُ: وَمَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ التَّفْلِيسَ أَعَمُّ وَأَخَصُّ، فَالْأَعَمُّ قِيَامُ ذِي دَيْنٍ عَلَى مَدِينِهِ لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ، وَالْأَخَصُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ مَا لَزِمَهُ، فَمِنْ أَحْكَامِ الْأَعَمِّ أَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ تَبَرُّعَاتِهِ وَمِنْ سَفَرِهِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ الدَّيْنُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ نَحْوِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ، وَمِنْ أَحْكَامِ الْأَخَصِّ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ حَتَّى الْمَالِيَّةِ

[قَوْلُهُ: فِي التَّفْلِيسِ] أَيْ الْأَخَصِّ

[قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا] أَيْ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ وَيَأْخُذُهَا وَلَوْ نَقْدًا مَسْكُوكًا حَيْثُ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ كَانَ مَطْبُوعًا عَلَيْهَا، وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْفَلَسَ طَارِئٌ عَلَى الشِّرَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا بَلْ يُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ وَإِذَا وُجِدَ الْمُشْتَرِي قَدْ تَصَرَّفَ فِي بَعْضِهِ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِالْبَاقِي

[قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَشْهَدْ إلَخْ] قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَمْحِهِ، وَأَنَّهُ إذَا خَلَطَهُ بِقَمْحٍ تَعَيَّنَ الْمُحَاصَّةُ مَعَ أَنَّهُ إذَا خُلِطَ بِمِثْلِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ قَمْحِهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْمُحَاصَّةُ، نَعَمْ لَوْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ تَعَيَّنَتْ الْمُحَاصَّةُ كَمَا لَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلِهِ أَوْ سَمَّنَ زُبْدَهُ أَوْ فَصَّلَ ثَوْبَهُ أَوْ ذَبَحَ كَبْشَهُ أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا دَفَعُوهُ لَهُ] أَيْ وَلَوْ مِنْ مَالِهِمْ الْخَاصِّ بِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَوْ يُعْطُونَهُ بِهِ حَمِيلًا ثِقَةً، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا أَمْكَنَ الرُّجُوعُ فَلَا رُجُوعَ فِي الْعِصْمَةِ وَالْبُضْعِ وَالْقِصَاصِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْمَوْتَ كَالْفَلَسِ

[قَوْلُهُ: قَالَ ذَلِكَ] فَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ»

[مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ]

[قَوْلُهُ: الضَّمَانُ إلَخْ] الضَّمَانُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: ضَمَانُ مَالٍ وَضَمَانُ طَلَبٍ وَضَمَانُ وَجْهٍ، فَضَمَانُ الْمَالِ الْتِزَامُ دَيْنٍ لَا يُسْقِطُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ. وَضَمَانُ الْوَجْهِ عِبَارَةٌ عَنْ إحْضَارِ الْغَرِيمِ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَبْرَأُ فِيهِ الضَّامِنُ بِتَسْلِيمِهِ الْمَضْمُونَ، وَضَمَانُ الطَّلَبِ عِبَارَةٌ عَنْ التَّفْتِيشِ عَنْ الْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>