للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٣٨ - بَابٌ فِي الْوَصَايَا وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُعْتَقِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْوَلَاءِ] (بَابٌ فِي الْوَصَايَا وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُعْتَقِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْوَلَاءِ) ذَكَرَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ سِتَّةَ أَشْيَاءَ لِكُلٍّ مِنْهَا حَقِيقَةٌ وَحُكْمٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، أَمَّا الْوَصَايَا فَجَمْعُ وَصِيَّةٍ وَهِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَاب فِي الْوَصَايَا]

هُوَ أَوَّلُ الثُّلُثِ الثَّالِثِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ أَيْ بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصَايَا وَأَحْكَامِ الْمُدَبَّرِ مِنْ حَيْثُ تَدْبِيرُهُ.

وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلٍّ مِمَّا بَعْدَهُ مَا يُنَاسِبُهُ [قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مِنْهَا حَقِيقَةٌ وَحُكْمٌ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْوَصَايَا فَتَكَلَّمَ الشَّارِحُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَبَيَّنَ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَقِيقَةَ التَّدْبِيرِ وَالشَّارِحُ عَلَى حُكْمِهِ وَتَكَلَّمَ الشَّارِحُ عَلَى حَقِيقَةِ الْكِتَابَةِ وَالْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِهَا، وَذَكَرَ الشَّارِحُ حَقِيقَةَ أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ تَعْرِيفَهَا وَتَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِهَا وَهُوَ إبَاحَةُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَتَكَلَّمَ الشَّارِحُ عَلَى حَقِيقَةِ وَحُكْمِ الْعِتْقِ.

وَأَمَّا الْأَخِيرُ الَّذِي هُوَ الْوَلَاءُ فَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَنَقَلَ حَقِيقَتَهُ عَنْ الرَّسُولِ، وَهُوَ أَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ إلَخْ.

وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ التَّسَامُحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكُلٍّ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ إلَخْ] أَيْ لَا الْفُرَّاضِ، أَيْ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْفُرَّاضِ فَهِيَ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ فَقَطْ، فَالْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْفُرَّاضِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ الْفُرَّاضِ قَاصِرَةٌ عَلَى الْإِيصَاءِ بِمَا فِيهِ حَقٌّ، وَأَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَتَتَنَوَّعُ إلَى وَصِيَّةٍ نِيَابَةً عَنْ الْمُوصِي كَالْإِيصَاءِ عَلَى الْأَطْفَالِ وَعَلَى قَبْضِ الدُّيُونِ وَتَفْرِقَةِ التَّرِكَةِ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَمْ يَتَكَلَّمَا عَلَى النِّيَابَةِ وَنَحْنُ نُوَضِّحُهَا فَنَقُولُ: هِيَ مَا أُوجِبَ نِيَابَةً عَنْ الْمُوصِي بَعْدَ مَوْتِهِ كَإِيصَائِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَإِذَا قَصَرَتْ الصِّيغَةُ عَمَّتْ وَإِنْ طَالَتْ خَصَّتْ فَالْأَوَّلُ كَاشْهَدُوا عَلَى أَنَّ زَيْدًا وَصِيِّي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا عَامًّا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ فَيُزَوِّجُ صِغَارَ بَنِيهِ لِمَصْلَحَةٍ، وَالْبَنَاتِ إذَا بَلَغْنَ وَأَذِنَّ بِالْقَوْلِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْوَصِيُّ بِالْإِجْبَارِ أَوْ يُعَيِّنَ لَهُ الزَّوْجَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي كَمَا إذَا قَالَ: وَصِيِّي عَلَى الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِذَلِكَ الَّذِي سَمَّاهُ. وَاَلَّذِي يُوَصَّى عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْأَبُ الرَّشِيدُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْصَى الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ.

وَكَذَا الْأُمُّ لَهَا الْإِيصَاءُ عَلَى الصَّغِيرِ بِشُرُوطٍ: قِلَّةُ الْمَالِ وَعَدَمُ وَلِيِّ الصَّغِيرِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَوْرُوثًا مِنْ الْأُمِّ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُوصَى لَهُ الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ وَالْعَدْلُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَعْمَى أَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا وَيَتَصَرَّفُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَبُولِ وَمَوْتِ الْمُوصِي وَإِنَّمَا يَعْزِلُهُ الْفِسْقُ وَالْعَجْزُ هَذَا وَصِيُّ النَّظَرِ، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى عَلَى عِتْقِ عَبْدٍ أَوْ تَفْرِقَةِ ثُلُثٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ تَأَمَّلْهُ.

[قَوْلُهُ: يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ إلَخْ] أَخْرَجَ بِهِ مَا يُوجِبُ حَقًّا فِي رَأْسِ مَالِهِ مِمَّا عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُمْ تَجِبُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُوصِي دَيْنٌ يُعَارِضُ هَذَا إذَا لَمْ يُوجِبْ الْعَقْدُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ بَلْ فِي جَمِيعِ مَالِهِ.

قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّ الدَّيْنَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ فَالْوَصِيَّةُ لَمْ تُوجِبْهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.

[قَوْلُهُ: يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>