للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَا ذَكَرَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ فِي بَابِ جَامِعِ الصَّلَاةِ شَيْئًا مِنْ مَسَائِلِ التَّيَمُّمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ (عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ) الْمَرِيضُ (مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ) أَيْ الْمَاءَ (تَيَمَّمَ) أَيْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمَرِيضُ (مَنْ يُنَاوِلُهُ تُرَابًا تَيَمَّمَ بِالْحَائِطِ إلَى جَانِبِهِ إنْ كَانَ طِينًا) أَيْ بُنِيَ بِالطِّينِ (أَوْ) بُنِيَ بِغَيْرِ طِينٍ وَلَكِنْ رُكِّبَ (عَلَيْهِ طِينٌ) وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَشْيَاءُ: أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِالتُّرَابِ الْمَنْقُولِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ بِالْحَائِطِ إلَّا مَعَ عَدَمِ التُّرَابِ، وَأَنَّ الْحَائِطَ إذَا لَمْ يَكُنْ طِينًا وَلَا عَلَيْهِ طِينٌ لَا يَتَيَمَّمُ بِهِ، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ تَيَمُّمِ الْمَرِيضِ فَقَطْ عَلَى الْحَائِطِ وَالْحَجَرِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ زِيَادَةً لِلْإِيضَاحِ فَقَالَ: (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَنْبِهِ (جِصٌّ) أَيْ جِبْسٌ (أَوْ جِيرٌ فَلَا يَتَيَمَّمُ بِهِ) أَيْ عَلَيْهِ لِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِي ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِ الْغَرِيبِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ قَوْلُهُ: جِبْسٌ صَوَابُهُ جِصٌّ، وَقَوْلُهُ: جِيرٌ صَوَابُهُ جِيَارٌ ذَكَرَهُ الزَّبِيدِيُّ فِي لَحْنِ الْعَامَّةِ انْتَهَى.

(وَالْمُسَافِرُ) الرَّاكِبُ (يَأْخُذُهُ) أَيْ يَضِيقُ عَلَيْهِ (الْوَقْتُ) الْمُخْتَارُ حَالَةَ كَوْنِهِ سَائِرًا (فِي طِينٍ خَضْخَاضٍ) وَهُوَ مَا يَخْتَلِطُ بِتُرَابٍ حَتَّى يَصِيرَ جَالِسًا، وَيَئِسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ النُّزُولَ بِهِ لَكِنَّهُ (لَا يَجِدُ أَيْنَ يُصَلَّى) لِأَجْلِ تَلَطُّخِ ثِيَابِهِ (فَلْيَنْزِلْ عَنْ دَابَّتِهِ وَيُصَلِّي فِيهِ قَائِمًا يُومِئُ) بِالرُّكُوعِ وَبِالسُّجُودِ وَيَكُونُ إيمَاؤُهُ (بِالسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ إيمَائِهِ بِالرُّكُوعِ) وَإِذَا أَوْمَأَ

ــ

[حاشية العدوي]

يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ مُتَرَبِّعًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ مِنْ جُلُوسٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى جَنْبِهِ أَوْ ظَهْرِهِ وَيَجْعَلُ رِجْلَيْهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ وَلَا يَدَعُ الْإِيمَاءَ وَإِنْ كَانَ مُضْطَجِعًا انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي أَلْجَأَ إلَى التَّأْوِيلِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَدَعُ الْإِيمَاءَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ عَقْلِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ الْعَقْلِ مُوجِبٌ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ لَا الْإِيمَاءِ وَحْدَهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَبْقَى الْعِبَارَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا بِالنَّظَرِ لِعِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْخَالِيَةِ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ.

[لَمْ يَقْدِرْ الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ]

[قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِالتُّرَابِ الْمَنْقُولِ] أَيْ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ نَاوَلَهُ تُرَابًا فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَنْ يُنَاوِلُهُ تُرَابًا تَيَمَّمَ لِذَلِكَ التُّرَابِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّقْلَ عَلَى كَلَامِهِ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ لَا جَعْلُ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ، مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُقَرَّرَ عِنْدَهُمْ فِي التُّرَابِ الْمَنْقُولِ، إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ بِالْحَائِطِ إلَّا مَعَ عَدَمِ التُّرَابِ] أَيْ وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِالْحَائِطِ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ لَا يَتَيَمَّمَ بِهِ إلَّا مَعَ عَدَمِ التُّرَابِ.

قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ كَتُرَابٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ.

[قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ طِينًا] أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ طِينًا أَوْ عَلَيْهِ طِينٌ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِهِ، هَذَا مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِنَجَسٍ كَثِيرٍ، وَأَمَّا إنْ خُلِطَ بِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَى نَجَاسَةٍ وَإِنْ خُلِطَ بِطَاهِرٍ كَتِبْنٍ، فَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ بِالطَّاهِرِ أَغْلَبَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ خَلِيلٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ التِّبْنُ مُسَاوِيًا أَوْ أَقَلَّ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى ضَابِطِ الْكَثِيرِ مِنْ النَّجِسِ وَهَلْ يُقَالُ بِالْعُرْفِ فَلْيُحَرَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ تَيَمُّمِ إلَخْ] وَكَذَا الصَّحِيحُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْحَائِطِ اللَّبِنِ وَالْحَائِطِ الْحَجَرِ لِلْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ.

[قَوْلُهُ: جِبْسٌ صَوَابُهُ جِصٌّ] النُّسْخَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ جِبْسٌ لَا جِصٌّ وَاَلَّذِي فِي التَّتَّائِيِّ وَالْفَاكِهَانِيِّ جِصٌّ فَهِيَ الصَّوَابُ.

[قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّبِيدِيُّ] بِفَتْحِ الزَّايِ

[كَيْفِيَّة صَلَاة الْمُسَافِر عَلَيَّ الدَّابَّة]

[قَوْلُهُ: وَالْمُسَافِرُ إلَخْ] لَا مَفْهُومَ لِلْمُسَافِرِ وَلَا لِلرَّاكِبِ.

[قَوْلُهُ: الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ] كَذَا رَأَيْته فِي شَرْحِ تت وَبَعْضِ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ، وَالْأَحْسَنُ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَخْتَلِطُ بِتُرَابٍ إلَخْ] فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ وَمِثْلُ الْخَضْخَاضِ الْمَاءُ وَحْدَهُ فِي النُّزُولِ وَعَدَمِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِيرَ جَالِسًا] الْأَوْلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الطِّينُ الرَّقِيقُ، [قَوْلُهُ: لِأَجْلِ تَلَطُّخِ ثِيَابِهِ] أَيْ أَوْ لِأَجْلِ الْغَرَقِ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى.

[قَوْلُهُ: يُومِئُ بِالرُّكُوعِ] أَيْ لِلرُّكُوعِ إلَخْ، لَكِنَّ مَحَلَّ إيمَائِهِ لِلرُّكُوعِ إذَا كَانَ الْخَضْخَاضُ آخِذًا لَهُ لِصَدْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ آخِذًا لِرُكْبَتَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>