لِلرُّكُوعِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهُمَا عَنْهُمَا إذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ أَوْمَأَ بِيَدَيْهِ إلَى الْأَرْضِ وَيَنْوِي الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَائِمًا وَكَذَلِكَ جُلُوسُ التَّشَهُّدِ إنَّمَا يَكُونُ قَائِمًا، وَاحْتُرِزَ بِالْخَضْخَاضِ مِنْ الْيَابِسِ فَإِنَّهُ يَنْزِلُ وَيُصَلِّي فِيهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ وَقَوْلُنَا: يَئِسَ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ النُّزُولَ فِيهِ لِقَوْلِهِ: (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ) أَيْ الْخَضْخَاضِ لِخَوْفِ الْغَرَقِ (صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إلَى الْقِبْلَةِ) بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ طِينٌ وَخَافَ أَنْ يَنْزِلَ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ السِّبَاعِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعُ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ إذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ، وَلَا يَسْجُدُ عَلَى سَرْجِ الدَّابَّةِ وَلَا غَيْرِهِ، وَيَكُونُ جُلُوسُهُ مُتَرَبِّعًا إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَحُكْمُ الْحَاضِرِ يَأْخُذُهُ الْوَقْتُ فِي طِينٍ
ــ
[حاشية العدوي]
مَثَلًا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ بِالْفِعْلِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ إيمَاؤُهُ بِالسُّجُودِ، أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ كَمَا قَرَرْنَا أَوْ النَّدْبِ كَمَا قَرَّرَ هُوَ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ أَوْمَأَ بِيَدَيْهِ] أَيْ عَلَى إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ.
[قَوْلُهُ: وَيَنْوِي الْجُلُوسَ إلَخْ] أَيْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ بِالنِّيَّةِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بَلْ مِثْلُهُ الْجُلُوسُ فِي حَالِ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ وَفِي حَالِ التَّشَهُّدِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إلَخْ إخْبَارٌ بِمَعْلُومٍ، فَلَوْ قَالَ وَكَذَا يَنْوِي الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ لَكَانَ أَفْضَلَ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ يُفِيدُ أَنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ، وَمَا قَالَهُ مِنْ كَوْنِهِ يَنْوِي نَقْلَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَنَقَلَ عَنْ الْأَقْفَهْسِيِّ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ وَقِيَامَهُ سَوَاءٌ اهـ.
أَيْ لَا يُطَالَبُ بِالتَّفْرِيقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ [قَوْلُهُ: وَقَوْلُنَا يَئِسَ إلَخْ] أَرَادَ بِالْيَأْسِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا يُقَيِّدُهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ مَا لَوْ شَكَّ وَحُكْمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ إيمَاءً وَسَطَ الْوَقْتِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ.
[قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِمَّا إذَا تَيَقَّنَ] أَرَادَ بِهِ غَلَبَةَ الظَّنِّ أَيْضًا وَهَلْ الظَّنُّ كَغَلَبَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ] ظَاهِرُهُ وُجُوبًا وَفِي عج أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ كَانَ عج بَعْدَ ذَلِكَ يَرْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ وَاجِبٌ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَكَذَا مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لِخَوْفِ الْغَرَقِ إلَخْ] احْتِرَازًا مِنْ خَوْفِ تَلَطُّخِ الثِّيَابِ فَقَطْ فَلَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ، فَقَدْ قَالَ عج خَشْيَةُ تَلَطُّخِ الثِّيَابِ لَا تُوجِبُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ.
وَإِنَّمَا تُبِيحُ الصَّلَاةَ إيمَاءً بِالْأَرْضِ اهـ.
[قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ] قَالَ الزَّرْقَانِيُّ عَلَى خَلِيلٍ وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهَا سَائِرَةً، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُقُوفُهَا صَلَّى عَلَيْهَا سَائِرَةً كَصَلَاةِ الْمُسَايَفِ قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: اللُّصُوصِ أَوْ السِّبَاعِ إلَخْ] قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ مَا مُحَصَّلُهُ إنْ رَجَا زَوَالَ خَوْفٍ كَالسَّبُعِ قَبْلَ خُرُوجِ آخِرِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ اسْتِحْبَابًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ صَلَّى أَوَّلَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى شَكٍّ فِي ذَلِكَ صَلَّى وَسَطَ الْوَقْتِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ] أَيْ إلَى الْقِبْلَةِ بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ إلَخْ، فَلَوْ تَعَذَّرَ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا فَيُصَلِّي لِغَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ عَلَى خَلِيلٍ، وَقَوْلُهُ بِالرُّكُوعِ أَيْ إلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَمَحَلُّ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا رَكَعَ كَمَا ذَكَرَهُ عج - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
[قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ] أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ اتِّفَاقًا كَمَا يَفْعَلُ السَّاجِدُ غَيْرُ الْمُومِئِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا كَالطَّاقَةِ وَالطَّاقَتَيْنِ فَيُكْرَهُ فَقَطْ كَمَا ذَكَرُوا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَسْجُدُ عَلَى سَرْجِ الدَّابَّةِ إلَخْ] فَلَوْ سَجَدَ وَاكْتَفَى بِهِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ تَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: وَيَكُونُ جُلُوسُهُ مُتَرَبِّعًا] أَيْ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ وَفِي شَرْحِ عج عَلَى خَلِيلٍ فِي قَوْلِهِ إلَّا إلَخْ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ لَا يُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا إيمَاءً أَوْ يَقْدِرُ أَنْ يُصَلِّيَ رَاكِعًا سَاجِدًا غَيْرَ قَائِمٍ، أَمَّا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا قَائِمًا رَاكِعًا وَسَاجِدًا فَإِنَّ صَلَاةَ الْفَرْضِ عَلَيْهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي النُّزُولِ كَمَا يُفِيدُهُ