للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَنْ يَكُونَ الدِّينُ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِثْلَهُ (وَلَا يَحِلُّ) بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ تَفْلِيسِهِ (مَا كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ) مِنْ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّ مَحَالَّهَا لَمْ تَبْطُلْ وَلَمْ تَفُتْ (وَلَا تُبَاعُ رَقَبَةُ) الْعَبْدِ (الْمَأْذُونِ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (فِيمَا عَلَيْهِ) مِنْ الدُّيُونِ، وَإِنَّمَا تُتَّبَعُ ذِمَّتُهُ سَوَاءٌ بَقِيَ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ (وَلَا يُتَّبَعُ بِهِ) أَيْ بِمَا عَلَى الْعَبْدِ (سَيِّدُهُ) إلَّا إذَا قَالَ لَهُمْ عَامِلُوهُ وَمَا عَامَلْتُمُوهُ بِهِ فَذَلِكَ عَلَيَّ فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ بِهِ (وَيُحْبَسُ الْمِدْيَانُ) الْمَجْهُولُ الْحَالِ (لِيُسْتَبْرَأَ) أَمْرُهُ فَإِنْ ثَبَتَ عَدَمُهُ فَلَا يُطْلَقُ حَتَّى يُسْتَحْلَفَ مَا لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَلَئِنْ وَجَدَ مَالًا لَيُؤَدِّيَنَّ حَقَّهُ (وَلَا حَبْسَ عَلَى مُعْدِمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَاحْتَرَزَ بِالْمُعْدِمِ عَنْ الْمُوسِرِ إذَا أَلَدَّ فَإِنَّهُ يُسْجَنُ وَيُضْرَبُ بِالسَّوْطِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ أَوْ يَمُوتَ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْقِسْمَةِ وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لِيَنْتَفِعَ كُلٌّ مِنْ الشُّرَكَاءِ بِمَا تَمَيَّزَ لَهُ فَقَالَ: (وَمَا انْقَسَمَ بِلَا ضَرَرٍ

ــ

[حاشية العدوي]

كَمَنْ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَوَسِّطِ أَنْ لَا يُعْلَمَ مَلَاؤُهُ فَإِنْ عُلِمَ لَمْ يُفَلَّسْ وَأَمَّا فِي الْبَعِيدَةِ فَيُفَلَّسُ وَإِنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ تَفْلِيسِهِ إلَخْ] فَإِنْ شَرَطَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ أَنَّهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ مَا عَلَى الْمَدِينِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ وَاقِعٍ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَالظَّاهِرُ فَسَادُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى الْبَيْعِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَالَّهَا] أَيْ وَهِيَ الذِّمَمُ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَفُتْ مُرَادِفٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ أَيْ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَا تُبَاعُ رَقَبَةٌ] أَيْ عِنْدَ تَفْلِيسِهِ، وَإِنَّمَا يُقْضَى الدَّيْنُ مِمَّا لَهُ سَلَاطَةٌ عَلَيْهِ كَانَ بِيَدِهِ أَوْ لَا وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ فَتُبَاعُ فِي دَيْنِهِ أَوْ مَا اسْتَغْرَقَهُ مِنْهَا.

وَأَمَّا وَلَدُهَا فَهُوَ لِسَيِّدِهَا وَسِوَاهُ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ، وَمِثْلُ أُمِّ وَلَدِهِ مَنْ بِيَدِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ، وَإِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمَأْذُونِ وَأَمَتُهُ ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ أُخِّرَ بَيْعُهَا حَتَّى تَضَعَ؛ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لِسَيِّدِهِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ.

[قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُتْبَعُ ذِمَّتُهُ إلَخْ] أَيْ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ إنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ، وَلَا يُتَّبَعُ بِهِ إنْ عَتَقَ كَالْمَأْذُونِ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ، وَمَا لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ مِمَّا لَهُ إسْقَاطُهُ يُتَّبَعُ بِهِ الرَّقِيقُ بَعْدَ عِتْقِهِ.

[قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ الْمِدْيَانُ] أَحَاطَتْ الدُّيُونُ بِمَالِهِ أَمْ لَا كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا الذَّكَرُ يُحْبَسُ مَعَ الذُّكُورِ وَالْأُنْثَى عِنْدَ أَمِينَةٍ خَالِيَةٍ أَوْ ذَاتِ زَوْجٍ أَمِينٍ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ وَالشَّابُّ الَّذِي يُخْشَى عَلَيْهِ يُحْبَسُ مُنْفَرِدًا وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ حَدِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي عُنُقِهِ إلَّا إنْ عُرِفَ بِالْعَدَاءِ، وَمَحَلُّ حَبْسِهِ مَا لَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ وَالتَّأْخِيرَ إلَى إثْبَاتِ عُسْرِهِ وَإِلَّا أُخِّرَ بِحَمِيلٍ وَلَوْ بِوَجْهِهِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَ عَدَمُهُ] أَيْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ لَهُ مَالًا لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا.

[قَوْلُهُ: حَتَّى يُسْتَحْلَفَ] أَيْ عَلَى الْبَتِّ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ مَالًا أَيْ وَيَزِيدُ وَإِنْ وَجَدْت الْمَالَ لَأَقْضِيَنَّهُ عَاجِلًا وَإِنْ كُنْت مُسَافِرًا عَجَّلْت الْأَوْبَةَ، وَبَعْدَ الْحَلِفِ يَجِبُ إطْلَاقُهُ وَإِنْظَارُهُ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ وَطَالَ حَبْسُهُ أَيْ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّخْصِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا مَالٌ عِنْدَهُ.

[قَوْلُهُ: عَلَى مُعْدِمٍ] أَيْ ثَابِتِ الْعَدَمِ

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْجَنُ وَيُضْرَبُ] أَيْ فَيُسْجَنُ أَوَّلًا فَإِنْ أَدَّى فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا ضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ أَيْ مَعَ السَّجْنِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَقْرِيرِهِ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَاءِ بِمُلَابَسَتِهِ الثِّيَابَ الْجَمِيلَةَ فَإِنْ تَفَالَسَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ، وَإِنْ وَعَدَ بِالْقَضَاءِ وَسَأَلَ تَأْخِيرَهُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَعَدَ ظَهَرَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُعْطِ حَمِيلًا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُسْجَنُ، وَمَجْهُولُ الْحَالِ إذَا وَعَدَ بِالْقَضَاءِ كَظَاهِرِ الْمُلَاءِ إنْ وَعَدَ بِهِ.

[أَحْكَام الْقِسْمَة]

[قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْقِسْمَةِ] الْقِسْمَةُ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قُرْعَةٌ وَمُرَاضَاةٌ وَمُهَايَأَةٌ، فَأَمَّا الْقُرْعَةُ فَهِيَ فِعْلُ مَا يُعَيِّنُ حَظَّ كُلِّ شَرِيكٍ مِمَّا بَيْنَهُمْ مِمَّا يَمْتَنِعُ عِلْمُهُ حِينَ فِعْلِهِ، وَالْمُرَاضَاةُ هِيَ أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بَعْضَ مَا بَيْنَهُمْ بِتَرَاضٍ مِلْكًا، وَأَمَّا الْمُهَايَأَةُ فَهِيَ اخْتِصَاصُ كُلِّ شَرِيكٍ بِمُشْتَرَكٍ فِيهِ عَنْ شَرِيكِهِ زَمَنًا مُعَيَّنًا مِنْ مُتَّحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ، الْأَوَّلُ: كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>