قُسِمَ) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْقَابِلَ لِلْقِسْمَةِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ (مِنْ رَبْعٍ) وَهُوَ الْبِنَاءُ (أَوْ عَقَارٍ) وَهُوَ الْأَرْضُ وَغَيْرُهَا كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا كَانَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَطَلَبَ أَحَدُهُمْ الْقِسْمَةَ وَأَبَاهَا بَعْضُهُمْ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي دَعَا إلَيْهَا صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَوْ الْأَكْثَرِ (وَ) أَمَّا (مَا) أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي (لَمْ يَنْقَسِمْ بِغَيْرِ ضَرَرٍ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَا لَمْ يَنْقَسِمْ إلَّا بِضَرَرٍ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ بِأَنْ يَكُونَ فِي قِسْمَتِهِ إتْلَافُ عَيْنِهِ أَوْ مَنْفَعَتُهُ كَالْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَالْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ كَمَا تَقَدَّمَ إنَّمَا هِيَ إفْرَازُ الْحُقُوقِ لِيَنْتَفِعَ كُلُّ إنْسَانٍ بِمَا تَمَيَّزَ لَهُ.
فَإِذَا كَانَ الْقَسْمُ يُفِيتُهَا عَنْ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَجُزْ فَإِنْ تَشَاحَّ الشُّرَكَاءُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَرَاضَوْا عَلَى أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهِ مَشَاعًا وَأَرَادَ أَحَدُهُمْ الْبَيْعَ وَأَبَاهُ بَعْضُهُمْ (فَ) إنَّ (مَنْ دَعَا إلَى الْبَيْعِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ مِنْ أَبَاهُ) إذَا مَلَكُوهُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْقِنْيَةِ؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمْ حِصَّتَهُ بِانْفِرَادِهَا ضَرَرًا وَقَدْ نَهَى الشَّرْعُ عَنْهُ، وَقَيَّدْنَا بِإِذَا إلَخْ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا مَلَكَ هَذَا نَصِيبَهُ الْآنَ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
عَبْدٌ يَخْدُمُ هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا. وَالثَّانِي: كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَبْدَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ عَبْدًا يَخْدُمُهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا وَيَجُوزُ فِي نَفْسِ مَنْفَعَتِهِ لَا فِي غَلَّتِهِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ ظَاهِرٍ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ أَيْ فَلَيْسَتْ بَيْعًا وَلِذَلِكَ يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبْنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ فَهِيَ كَالْبَيْعِ فَلَا تُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبْنِ حَيْثُ لَمْ يُدْخِلَا مُقَوَّمًا، وَمَنْ صَارَ لَهُ شَيْءٌ مَلَكَ ذَاتَه وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا.
[قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْقَابِلَ إلَخْ] أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَا انْقَسَمَ إلَخْ مُؤَوَّلٌ بِمَا قِيلَ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ. وَقَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْ يَكُونَ أَيْ مِثْلُ كَوْنِ الْقَابِلِ مِنْ رَبْعٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةَ لَيْسَتْ نَفْسَ الشَّيْءِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُطْلَقَ الرَّبْعِ قَابِلٌ لِلْقَسْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْفِعْلِ هُوَ مَا اتَّصَفَ بِصِفَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا ضَرَرٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ وَقَالَ بَعْدُ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهَا عُلِمَ أَنَّهُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ إذْ مَا ذَكَرَ مِنْ تَمْيِيزِ الْحَقِّ وَجَبْرِ الْمُمْتَنِعِ خَاصٌّ بِهَا، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ وَالْمَعْدُودَ كَالْمُقَوَّمِ تَجُوزُ قِسْمَتُهُ بِالْقُرْعَةِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ فِي مَنْعِهِ الْقِسْمَةَ بِالْقُرْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبِنَاءُ] تَفْسِيرٌ لِلرَّبْعِ فَأَيُّ بِنَاءٍ يُقَالُ لَهُ رَبْعٌ. وَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَرْضُ إلَخْ قَصْرُ الْعَقَارِ عَلَى الْأَرْضِ مَعَ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْبِنَاءَ دَفْعًا لِلتَّكْرَارِ مِنْ حَيْثُ الْبِنَاءُ.
[قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَنْقَسِمْ بِغَيْرِ ضَرَرٍ] بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ الْقِسْمَةَ أَوْ يَقْبَلُهَا بِضَرَرٍ.
[قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ] يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ الْمَعْنَى وَاحِدًا؛ لِأَنَّ مَنْطُوقَ الْأَوَّلِ صُورَتَانِ وَهَذِهِ وَاحِدَةٌ
[قَوْلُهُ: كَالْعَبْدِ الْوَاحِدِ] تَمْثِيلٌ لِلَّذِي فِي قِسْمَتِهِ إتْلَافُ عَيْنِهِ. وَقَوْلُهُ: وَالْخُفَّيْنِ تَمْثِيلٌ لِلَّذِي فِي قَسْمِهِ إتْلَافُ مَنْفَعَتِهِ، لَكِنَّ الْعَبْدَ وَمِثْلَهُ الْيَاقُوتَةُ مَثَلًا تُمْنَعُ قِسْمَتُهُ قُرْعَةً وَمُرَاضَاةً، وَأَمَّا الْخُفَّانِ فَيُمْنَعُ قِسْمَتُهُمَا قُرْعَةً لَا مُرَاضَاةً، فَإِنْ قُلْت: الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ هُوَ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ لَا غَيْرُ فَأَيُّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّمَلُّكُ مِنْ رَبْعٍ وَغَيْرِهِ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَكَيْفَ يَصِحُّ صِدْقُ الْمُصَنِّفِ بِاَلَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَصْلًا؟ قُلْت: لَيْسَ مُرَادُهُ بِاَلَّذِي لَا يَقْبَلُ عَدَمَ الْقَبُولِ رَأْسًا بَلْ الْمُرَادُ مَا فِي قَسْمِهِ عَدَمُ النَّفْعِ أَصْلًا كَقَسْمِ الْعَبْدِ نِصْفَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِمَا فِيهِ ضَرَرٌ مَا فِيهِ عَدَمُ كَمَالِ النَّفْعِ كَالْخُفَّيْنِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ] أَيْ مِنْ الَّذِي لَمْ يَنْقَسِمْ بِغَيْرِ ضَرَرٍ
[قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَنْ دَعَا إلَخْ] خَبَرُ مَا فِي قَوْلِهِ وَمَا لَمْ يَنْقَسِمْ، وَقَرَنَهُ بِالْفَاءِ إمَّا عَلَى تَوَهُّمِ أَمَّا أَوْ نَظَرًا إلَى مَا فِي الْمُبْتَدَأِ مِنْ الْعُمُومِ نَحْوُ الَّذِي يَأْتِينِي فَلَهُ الْإِكْرَامُ. وَقَوْلُهُ: إلَى الْبَيْعِ كَانَ الْأَوْلَى إلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لِلضَّمِيرِ، وَجَعْلُ أَلْ عِوَضًا عَنْ الضَّمِيرِ مَذْهَبٌ كُوفِيٌّ، وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدَّرَ شَرْطًا وَجَعَلَ قَوْلَهُ: فَإِنَّ مَنْ دَعَا إلَخْ جَوَابُهُ وَقَدَّرَ لِمَا خَبَرًا حَيْثُ قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ حَلَّ الْمَعْنَى.
[قَوْلُهُ: أُجْبِرَ عَلَيْهِ مَنْ أَبَاهُ] ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ
[قَوْلُهُ: إذَا مَلَكُوهُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْقِنْيَةِ] هَذَانِ شَرْطَانِ وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ الْآتِي النَّقْضَ لِلطَّالِبِ لِلْبَيْعِ.
[قَوْلُهُ: وَقَدْ نَهَى الشَّرْعُ] أَيْ الشَّارِعُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ «لَا ضَرَرَ وَلَا