للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَتَلَذَّذُ مِنْهَا) بِشَيْءٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ كَالْقُبْلَةِ (حَتَّى تَضَعَ) الْحَمْلَ كُلَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ مِنْ زِنًا عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَإِذَا وَضَعَتْهُ حَلَّ لَهُ مِنْهَا مَا عَدَا الْوَطْءَ وَأَمَّا الْوَطْءُ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ دَمِ النِّفَاسِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَقِيَّةِ مَا تَبَرَّعَ بِهِ فِي الْبَابِ فَقَالَ: (وَالسُّكْنَى) وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ إذَا كَانَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ (لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولًا بِهَا) يُوطَأُ مِثْلُهَا حُرَّةً كَانَتْ، أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ، أَوْ كِتَابِيَّةً كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ رَجْعِيًّا، أَوْ بَائِنًا، وَلَوْ خُلْعًا، وَتَقْيِيدُنَا الزَّوْجَ بِمَا إذَا كَانَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ الْوَطْءُ، فَإِنَّهُ لَا سُكْنَى لِزَوْجَتِهِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ، أَوْ بِالْأَشْهُرِ وَبِمَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا احْتِرَازًا مِمَّنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، فَإِنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي الطَّلَاقِ وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَدْخُولِ بِهَا احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِهَا

(وَلَا نَفَقَةَ) لِلْمُطَلَّقَةِ (إلَّا لِلَّتِي طَلُقَتْ) طَلَاقًا (دُونَ الثَّلَاثِ) وَاحِدَةً، أَوْ اثْنَتَيْنِ (وَلِلْحَامِلِ) الَّتِي طَلُقَتْ سَوَاءٌ (كَانَتْ مُطَلَّقَةً) طَلْقَةً (وَاحِدَةً) ، أَوْ اثْنَتَيْنِ (أَوْ ثَلَاثًا) وَتَقْيِيدُهُ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لِلْأُولَى بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَقَيَّدَهُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا احْتِرَازًا مِنْ الْخُلْعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا نَفَقَةَ لِلْمُخْتَلِعَةِ إلَّا فِي الْحَمْلِ وَلَا نَفَقَةَ لِلْمُلَاعِنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا) أَمَّا الْأُولَى فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَأَمَّا

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَذْهَبِ] وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَحْرُمُ مِنْ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا، وَالْمَسْبِيَّةِ إلَّا الْوَطْءُ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْوَطْءُ] ، وَكَذَا الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ، وَالرُّكْبَةِ.

تَنْبِيهٌ:

الْمَزْنِيُّ بِهَا، وَالْمُغْتَصَبَةُ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا عَلَى سَيِّدِهَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَلَوْ وَطْءً. نَعَمْ يُكْرَهُ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى.

[قَوْلُهُ: وَالسُّكْنَى لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ] كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ وَنَقَدَ كِرَاءَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ، وَكَذَلِكَ لِلْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ السُّكْنَى فَتَدْخُلُ الْمَحْبُوسَةُ بِزِنًا غَيْرَ عَالِمَةٍ، وَكَمُغْتَصَبَةٍ أَوْ فَسْخِ نِكَاحِهِ الْفَاسِدِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ.

وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْفَاسِدِ، وَنَحْوَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتٍ مِنْ الْحَبْسِ بِسَبَبِهِ [قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابِيَّةً] فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً [قَوْلُهُ: رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا] لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِنِ يَسْتَمِرُّ الْمَسْكَنُ، وَكَذَا فِي الرَّجْعِيِّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَوَفَّى عَنْهَا بِدَلِيلِ انْتِقَالِهَا أَيْ الرَّجْعِيَّةِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ [قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلْعًا] بَالَغَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا لِمَا بَذَلَتْهُ مِنْ الْمَالِ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِمَّا إذَا لَمْ يَتَأَتَّ إلَخْ] أَيْ كَالْمَجْبُوبِ [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ] أَيْ إنْ لَوْ طُلِبَتْ مِنْهَا [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِمَّنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا] ، وَلَوْ وُطِئَتْ بِالْفِعْلِ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِهَا] أَيْ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ فَحَاصِلُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ فَلَهَا السُّكْنَى.

[نَفَقَة الْمُطَلَّقَة]

[قَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ إلَّا الَّتِي إلَخْ] يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ دُونَ الْبَائِنِ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ وَجَبَتْ الْكِسْوَةُ.

[قَوْلُهُ: وَلِلْحَامِلِ إلَخْ] لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ كَوْنُ الزَّوْجِ حُرًّا، وَالزَّوْجَةِ حُرَّةً لَا إنْ كَانَا رَقِيقَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُمَا إذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ النَّفَقَةُ عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ رِقٌّ لَهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لِلسَّيِّدِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ نَفَقَةُ وَلَدِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً، وَالزَّوْجُ حُرًّا لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلسَّيِّدِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ فَيَلْزَمُ أَبَاهُ إرْضَاعُهُ وَنَفَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَعْدَمَ الْأَبُ أَوْ يَمُوتَ، فَعَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ يَلْزَمُ سَيِّدَهُ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْكَسْبِ [قَوْلُهُ: لِلْمُخْتَلِعَةِ] لَا مَفْهُومَ لَهَا بَلْ كُلُّ مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا بَائِنًا لَا نَفَقَةَ لَهَا مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا [قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحَمْلِ] أَيْ اللَّاحِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَالَعَهَا عَلَى إسْقَاطِهَا فَتَسْقُطُ [قَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ لِلْمُلَاعِنَةِ] كَانَ اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحِلِّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ مُؤَبِّدُ التَّحْرِيمِ، وَالْحَمْلَ مَنْفِيٌّ عَنْ أَبِيهِ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>