الثَّانِيَةُ فَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ مُؤَبَّدُ التَّحْرِيمِ، وَالْحَمْلُ مَنْفِيٌّ عَنْ أَبِيهِ بِاللِّعَانِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى، وَهُوَ الْمَشْهُورُ
(وَ) كَذَلِكَ (لَا نَفَقَةَ) وَلَا كِسْوَةَ (لِكُلِّ مُعْتَدَّةٍ مِنْ وَفَاةٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا صَغِيرَةً كَانَتْ، أَوْ كَبِيرَةً دَخَلَ بِهَا، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ مُسْلِمَةً كَانَتْ، أَوْ كِتَابِيَّةً؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ الزَّوْجِ صَارَ الْمَالُ لِلْوَرَثَةِ
(وَلَهَا) أَيْ وَلِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ (السُّكْنَى إنْ كَانَتْ) مَدْخُولًا بِهَا وَكَانَتْ (الدَّارُ لِلْمَيِّتِ، أَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (قَدْ) اكْتَرَاهَا وَ (نَقَدَ كِرَاءَهَا) وَقَيَّدْنَا بِمَدْخُولٍ بِهَا احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْكَنَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَاحْتَرَزَ بِنَقْدِ كِرَاءَهَا مِمَّا إذَا اكْتَرَاهَا وَلَمْ يَنْقُدْ كِرَاءَهَا فَإِنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا
(وَلَا تَخْرُجُ) الْمُعْتَدَّةُ (مِنْ بَيْتِهَا) خُرُوجَ نُقْلَةٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً (فِي طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ حَتَّى تُتِمَّ الْعِدَّةَ) وَقَيَّدْنَا بِخُرُوجِ نُقْلَةٍ احْتِرَازًا مِنْ خُرُوجِهَا فِي تَصَرُّفِ حَوَائِجَهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ لَكِنْ لَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا، وَبِغَيْرِ ضَرُورَةٍ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ، ثَمَّ ضَرُورَةٍ كَخَوْفِ سُقُوطِ الدَّارِ، أَوْ اللُّصُوصِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ، وَلَوْ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مِلْكًا لَهُ، أَوْ لَهَا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا
(إلَّا
ــ
[حاشية العدوي]
اسْتَلْحَقَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ. إنْ كَانَ مُوسِرًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ [قَوْلُهُ: فَلِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ] أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ فِيهِ طَلَاقٌ لَا فَسْخٌ [قَوْلُهُ: مُؤَبِّدُ التَّحْرِيمِ] ذَكَرَهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْبَيْنُونَةِ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَقَوْلُهُ: مُؤَبِّدُ بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ مَنْفِيٌّ عَنْ أَبِيهِ أَيْ فَكَمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْبَيْنُونَةُ، كَذَلِكَ لَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهَا لِنَفْيِهِ عَنْ أَبِيهِ بِاللِّعَانِ [قَوْلُهُ: وَاقْتَضَى كَلَامُهُ] أَيْ مِنْ حَيْثُ اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ النَّفَقَةِ [قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ مَنْفِيٌّ عَنْ أَبِيهِ] أَشْعَرَ هَذَا أَنَّهُ إذَا لَاعَنَهَا لِرُؤْيَةِ الزِّنَا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَقَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ لَا سُكْنَى لَهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ وَأَسْبَابِهَا
[قَوْلُهُ: وَلَا كِسْوَةَ] وَتَرَكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا لَا نَفَقَةَ لَهَا فَلَا كِسْوَةَ لَهَا لِدُخُولِهَا فِي مَفْهُومِ النَّفَقَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا
[قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الدَّارُ لِلْمَيِّتِ إلَخْ] وَهِيَ أَحَقُّ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَالْغُرَمَاءِ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْكَنَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ] أَيْ لِقَصْدِ الدُّخُولِ بِهَا، وَإِنْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا، وَأَمَّا إذَا أَسْكَنَهَا لِيَحْفَظَهَا عَمَّا يُكْرَهُ فِيهَا السُّكْنَى حَيْثُ كَانَتْ مُطِيقَةً وَإِلَّا فَلَا
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَهَا السُّكْنَى بِشَرْطِهِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْكَنَهَا مَعَهُ فِي حَيَاتِهِ لِقَصْدِ الدُّخُولِ مُطْلَقًا أَوْ لِيَحْفَظَهَا عَمَّا يُكْرَهُ حَيْثُ كَانَتْ مُطِيقَةً وَإِلَّا فَلَا [قَوْلُهُ: مِمَّا إذَا اكْتَرَاهَا وَلَمْ يَنْقُدْ كِرَاءَهَا] فَلَا سُكْنَى لَهَا سَوَاءٌ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً عَلَى الرَّاجِحِ، وَقِيلَ لَهَا سُكْنَى إذَا كَانَتْ وَجِيبَةً وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُشَاهَرَةً فَلَا سُكْنَى لَهَا، وَهَذَا حَيْثُ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا فَلَهَا السُّكْنَى مُطْلَقًا وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً نَقَدَ كِرَاءَهُ أَمْ لَا
[قَوْلُهُ: وَلَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا] بَلْ، وَلَوْ نَقَلَهَا مِنْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَاتُّهِمَ عَلَى النَّقْلِ لَوَجَبَ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ، أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَإِنْ بِشَرْطٍ فِي إجَارَةِ رَضَاعٍ أَوْ خِدْمَةٍ، وَتَفْسَخُ الْإِجَارَةَ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُ الطِّفْلِ بِإِرْضَاعِهَا فِي مَحِلِّهَا [قَوْلُهُ: خُرُوجَ نُقْلَةٍ] بِضَمِّ النُّونِ الِانْتِقَالُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ [قَوْلُهُ: فِي تَصَرُّفِ حَوَائِجِهَا] الْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ أَيْ مِنْ خُرُوجِهَا لِأَجْلِ تَصَرُّفِهَا فِي حَوَائِجِهَا [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ جَائِزٌ] أَيْ لَكِنْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَأْمُونَةِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ، فَفِي الْأَمْصَارِ وَسَطَ النَّهَارِ وَفِي غَيْرِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ، فَلَوْ خَرَجَتْ لِلِانْتِقَالِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّهَا قَهْرًا عَلَيْهَا، وَلَوْ بِالْأَدَبِ.
[قَوْلُهُ: لَا تَخْرُجُ، وَلَوْ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ] فَلَوْ خَرَجَتْ لَهَا وَبَلَغَهَا مَوْتُ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقُهَا رَجَعَتْ إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَوَجَدَتْ ثِقَةً تَرْجِعُ مَعَهُ حَيْثُ كَانَتْ تُدْرِكُ شَيْئًا مِنْ الْعِدَّةِ بَعْدَ رُجُوعِهَا مَا لَمْ تُحْرِمْ، فَإِنْ أَحْرَمَتْ فَلَا تَرْجِعُ لَا إنْ كَانَتْ قَرِيبَةَ الْوَضْعِ بِحَيْثُ لَا تُدْرِكُ شَيْئًا إنْ رَجَعَتْ، وَأَمَّا فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْقُرْبِ كَالْخُرُوجِ لِرِبَاطٍ أَوْ زِيَارَةِ صَالِحٍ فَتَرْجِعُ، وَلَوْ وَصَلَتْ بَلْ، وَلَوْ بَعْدَ إقَامَتِهَا نِصْفَ سَنَةٍ.
وَأَمَّا لَوْ خَرَجَتْ لِلِانْتِقَالِ فَبَلَغَهَا الْمَوْتُ أَوْ الطَّلَاقُ فِي أَثْنَاءِ