للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَاعَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ كَانَ لَهُ رُبْعُ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ عَلَى التَّدْرِيجِ إلَى أَنْ يَسْتَكْمِلَ الدِّرْهَمَ بِتَعْرِيفِهِ الْأَيَّامَ الْأَرْبَعَةَ.

وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ الْأَيَّامَ الْأَرْبَعَةَ فَلَهُ أَخْذُ الدِّرْهَمِ كَامِلًا، فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ فِي الْجُعَلِ أَجَلٌ وَقَالَ: هُنَا إذَا تَمَّ الْأَجَلُ فَهَذِهِ مُنَاقَضَةٌ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُنَاقَضَةَ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ أَوَّلًا فِي الْجُعَلِ، وَمَا قَالَهُ هُنَا فِي الْإِجَارَةِ، وَهِيَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ فِيمَا لَا تُعْرَفُ غَايَتُهُ إلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ قَالَهُ ع.

(وَالْكِرَاءُ) بِالْمَدِّ لَا غَيْرُ ع: يُسْتَعْمَلُ الْكِرَاءُ فِيمَا لَا يَعْقِلُ، وَالْإِجَارَةُ فِيمَنْ يَعْقِلُ، وَالْكِرَاءُ هُوَ بَيْعُ مَنَافِعَ مَعْلُومَةٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ أَوْ مِلْكُ مَنَافِعَ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومَةٍ (كَالْبَيْعِ فِيمَا يَحِلُّ) يَعْنِي مِنْ الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ، وَالْأُجْرَةِ الْمَعْلُومَةِ (وَ) فِيمَا (يَحْرُمُ) يَعْنِي مِنْ جَهْلِ الْأَجَلِ وَنَحْوِهِ، وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ إلَى آخِرِهِ بِمَسْأَلَةِ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا إلَى أَجَلٍ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ فِيهَا: إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ جَازَ، وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكِرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ: (وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا) مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اكْرِ لِي هَذِهِ الدَّابَّةَ وَيُعَيِّنُهَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا لِأُسَافِرَ عَلَيْهَا (إلَى بَلَدِ كَذَا) مَثَلًا (فَمَاتَتْ) أَوْ غُصِبَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ (انْفَسَخَ الْكِرَاءُ فِيمَا بَقِيَ) وَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ مِنْ الطَّرِيقِ بِقِيمَةٍ أُخْرَى، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْخُصُ

ــ

[حاشية العدوي]

لَيْسَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ لِأَجْلِ حُصُولِهِ [قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَجُوزُ إلَخْ] هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْإِجَارَةُ مِنْ الْجُعْلِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، الثَّانِي: لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ بِخِلَافِهَا لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ الثَّانِي. الثَّالِثُ: عَدَمُ لُزُومِ الْعَقْدِ بِخِلَافِهَا تت.

[الْكِرَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

[قَوْلُهُ: بَيْعُ مَنَافِعَ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ الْإِجَارَةَ، وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ مِلْكٌ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمِلْكَ ثَمَرَةُ الْمَبِيعِ فَالْأَظْهَرُ التَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ [قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ إلَخْ] بَيَّنَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ فِيهِ تَأْخِيرَ الْمُعَيَّنِ إلَى فَوْقِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَأَجَازَ فِي الْكِرَاءِ تَأْخِيرَ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ إنْ لَمْ يَنْقُدْ اهـ.

وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِطَعَامٍ وَبِمَا تُنْبِتُهُ، وَإِنْ غَيْرَ خَشَبٍ، وَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سِوَى الْخَشَبِ، وَالْحَلْفَاءِ، وَالْحَشِيشِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ إذْ قَدْ يَكُونُ مَانِعٌ [قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا إلَى أَجَلٍ إلَخْ] أَيْ يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ دَابَّتَهُ الْمُعَيَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا يَقْبِضُهَا إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ لِيَسْتَوْفِيَ مَنَافِعَهَا. وَقَوْلُهُ: إذَا نَقَدَ أَيْ إذَا اشْتَرَطَ النَّقْدَ نَقَدَ بِالْفِعْلِ أَوَّلًا لَا يُقَالُ تَعْلِيلُ الْمَنْعِ لِلنَّقْدِ وَتَرَدُّدُ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ، وَالثَّمَنِيَّةِ لَا يُفِيدُ فَسَادَهُ إلَّا بِالنَّقْدِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ النَّقْدِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْدِ بِشَرْطٍ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ، وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا شَهْرًا لِإِفَادَةِ جَوَازِ مَا دُونَهُ كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ حَاضِرَةً وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ، وَلَوْ نَقَدَ [قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ إلَخْ] ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَبَّرَ فِي الدَّابَّةِ بِالِاكْتِرَاءِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاكْتِرَاءَ بَيْعُ مَنْفَعَةِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ.

وَقَالَ بَعْدُ: وَكَذَا الْأَجِيرُ فَعَبَّرَ فِي الْعَاقِلِ بِالْأَجِيرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِلِ فَهِيَ بَيْعُ مَنْفَعَةِ حَيَوَانٍ يَعْقِلُ [قَوْلُهُ: مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا] احْتَرَزَ بِهِ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِي زَمَنٍ إبَّانَ الْكِرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْكِرَاءِ دَاخِلَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ قَبْلَ الْإِبَّانِ فَيَكْفِي تَعْجِيلُ نَحْوِ الدِّينَارِ، وَالدِّينَارَيْنِ

[قَوْلُهُ: وَيُعَيِّنُهَا بِالْإِشَارَةِ] أَيْ فَلَا بُدَّ فِي كَوْنِهَا مُعَيَّنَةً مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا مَعَ حُضُورِهَا، فَالْمَضْمُونَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تُعَيَّنْ بِهَذَا الْمَعْنَى بِأَنْ قَالَ: أَكَتْرِي مِنْكَ دَابَّةً أَوْ دَابَّتَك، وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَمُشَاهَدَةً وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا، وَقَالَ لَهُ: دَابَّتَك الْفُلَانِيَّةَ الْبَيْضَاءَ أَوْ السَّوْدَاءَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ سِوَاهَا فَلَا تَنْفَعُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا وَيَلْزَمُ الْمُكْرِي أَنْ يَأْتِيَ لِلْمُكْتَرِي بِبَدَلِهَا. [قَوْلُهُ: أَوْ غُصِبَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ] أَيْ أَوْ رَدَّهُ التَّخَوُّفُ مِنْ الطَّرِيقِ أَوْ الْوَادِي أَوْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بِهَا دَبْرَةٌ مُنْتِنَةٌ لَا يَتَأَتَّى لَهُ الرُّكُوبُ مَعَهَا تَحْقِيقُ [قَوْلِهِ: انْفَسَخَ الْكِرَاءُ إلَخْ] وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِالْبَدَلِ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ أَوْ نَقَدَ وَاضْطُرَّ كَمَا إذَا كَانَ فِي مَفَازَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِالْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجَدُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ.

[قَوْلُهُ: بِقِيمَةٍ أُخْرَى إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا سَارَ مِنْ الطَّرِيقِ وَيُعْرَفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>