للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْمَجْعُولِ لَهُ (إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ) نَحْوُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ بَهْرَامُ: وَلَعَلَّهُ فِيمَا لَا يَحْصُلُ لِلْجَاعِلِ فِيهِ نَفْعٌ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَإِلَّا فَمَتَى حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ الْعَمَلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مِقْدَارُ مَا اُنْتُفِعَ بِهِ انْتَهَى. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا طَلَب الْآبِقَ فِي نَاحِيَةٍ وَلَمْ يَجِدْهُ بِهَا فَإِنَّهُ وَقَعَ النَّفْعُ لِلْجَاعِلِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ.

وَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّيْخِ، وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُتِمَّ الْعَمَلَ لَا شَيْءَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: ٧٢] مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ لَا شَيْءَ لَهُ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يُنْقَدَ بِشَرْطٍ إذْ قَدْ لَا يُتِمُّ الْعَمَلَ فَيَكُونُ تَارَةً جُعْلًا وَتَارَةً سَلَفًا، وَيَجُوزُ النَّقْدُ بِغَيْرِ شَرْطٍ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ (وَالْأَجِيرُ عَلَى الْبَيْعِ) بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ (إذَا تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَبِعْ وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ، وَإِنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَلَهُ نِصْفُ الْإِجَارَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا تَعَلَّقَتْ بِمَنَافِعَ كَانَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْمَنَافِعِ مِثَالُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ عَلَى بَيْعِ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعَرِّفَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ مَتَى عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ فُسِخَ الْعَقْدُ، وَإِذَا تَمَّ الْعَمَلُ فَقَدْ عَلِمْت حُكْمَهُ. [قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَخْ] فَإِذَا تَمَّ الْعَمَلُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ الْمُسَمَّى لَهُ وَجُعْلَ مِثْلِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ تَسْمِيَةً حَيْثُ كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِتْيَانَ بِالْإِبَاقِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الشَّيْءَ الْمُجَاعَلَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِحُرِّيَّةٍ، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي تَحْصِيلِهِ بِخِلَافِ مَوْتِهِ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ، وَمِثْلُ الْمَوْتِ هَرَبُهُ أَوْ أَسْرُهُ أَوْ غَصْبُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يَغْلِبُ كَوْنَهُ نَاشِئًا عَنْ عَدَاءِ الْجَاعِلِ.

تَنْبِيهٌ:

قَوْلُهُ: إلَّا بِتَمَامٍ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَبُّهُ عَلَى التَّمَامِ أَوْ جَاعَلَ عَلَيْهِ أَوْ أَتَمَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ عَبِيدِهِ، فَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ الِانْتِفَاعُ بِالْعَمَلِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِنِسْبَةِ عَمَلِ الثَّانِي سَوَاءٌ عَمِلَ الثَّانِي قَدْرَ عَمَلِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِثْلُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةً عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَبَلَّغَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ وَتَرَكَهَا، فَجَعَلَ لِلْآخَرِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ عَلَى تَبْلِيغِهَا النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَأْخُذُ عَشَرَةً؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنُوبُ فِعْلَ الْأَوَّلِ مِنْ إجَارَةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا اُسْتُؤْجِرَ نِصْفُ الطَّرِيقِ بِعَشَرَةٍ عَلِمَ أَنَّ قِيمَةَ إجَارَتِهِ يَوْمَ اُسْتُؤْجِرَ عِشْرُونَ

وَلَا يُقَالُ إنَّ الْأَوَّلَ قَدْ رَضِيَ أَنْ يَحْمِلَهَا جَمِيعَ الطَّرِيقِ بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ الْجَعَالَةِ مُنْحَلًّا مِنْ جَانِبِ الْمَجْعُولِ لَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَمَّا تَرَكَهُ بَعْدَ أَنْ حَمَلَ نِصْفَ الْمَسَافَةِ صَارَ تَرْكُهُ لَهُ إبْطَالًا لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ. [قَوْلُهُ: بَهْرَامُ] بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ [قَوْلُهُ: مِثَالُ ذَلِكَ إذَا طَلَبَ إلَخْ] ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاحِيَةِ الْفُلَانِيَّةِ نَعَمْ إذَا تَعَاقَدَ مَعَ آخَرَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَيَنْظُرَ إلَيْهِ فِي بَقِيَّةِ النَّوَاحِي وَأَتَى بِهِ يَسْتَحِقُّ بِحَسَبِ فِعْلِهِ. [قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنْقُدَ بِشَرْطٍ] أَيْ لَا يَشْتَرِطُ النَّقْدَ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ بِالْفِعْلِ لِمَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: وَالْأَجِيرُ عَلَى الْبَيْعِ] أَيْ عَلَى السَّمْسَرَةِ لَا عَلَى الْبَيْعِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً إذَا لَمْ يَبِعْ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ] الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْأُجْرَةُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَبِيعَ أَيْ الْبَيْعَ الْمُتَلَبِّسَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَكُونُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ شَهْرًا مَثَلًا وَأَحْضَرَ لَهُ شَيْئًا فَبَاعَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَلْيَأْتِهِ بِمَتَاعٍ آخَرَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ جَمِيعَ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلِهِ شَهْرًا قَالَ عج: ثُمَّ إنَّ تَعْيِينَ الْمَبِيعِ يَشْمَلُ تَعَيُّنَهُ بِالشَّخْصِ كَبِعْ لِي هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذِهِ الثِّيَابَ أَوْ بِالْعَدِّ كَبِعْ لِي ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَوْبًا، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا بِالشَّخْصِ، وَالثَّانِي مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ مِثَالُهُ إلَخْ هـ.

[قَوْلُهُ: وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ] أَيْ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ قَدْ اسْتَوْفِي مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَهُوَ النِّدَاءُ عَلَى السِّلْعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ [قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يُعَرِّفَهُ] بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى بَيْعِ ثَوْبٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الْبَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>