للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ نَجَاسَةَ ذَلِكَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَالْوَقْتُ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ اللَّيْلُ كُلُّهُ، وَمَنْ صَلَّى عَامِدًا أَعَادَ أَبَدًا.

(وَكَذَلِكَ مَنْ تَوَضَّأَ) نَاسِيًا (بِمَاءٍ نَجِسٍ) أَيْ مَحْكُومٍ بِنَجَاسَتِهِ عِنْدَهُ (مُخْتَلَفٍ فِي نَجَاسَتِهِ) عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَالْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا، وَكَذَلِكَ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَ جَسَدَهُ وَثَوْبَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ.

(وَأَمَّا مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ) يَعْنِي أَوْ رِيحُهُ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ أَوْ نَجِسٍ (أَعَادَ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَوُضُوءَهُ) سَوَاءٌ تَوَضَّأَ بِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهَا بِوَضُوءٍ لَمْ يَجُزْ وَيُعِيدُ الِاسْتِنْجَاءَ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَذَكَرَهُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ:

أَوَّلُهَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَرُخِّصَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَكَذَلِكَ فِي طِينٍ وَظُلْمَةٍ) مَا ذَكَرَ أَنَّهُ رُخْصَةٌ مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَهَا أَهُوَ الْإِبَاحَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى إذْ الْأَوْلَى إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا، أَوْ هُوَ الْأَوْلَى لِمَا فِي سُنَنِ الْأَثْرَمِ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ «مِنْ السُّنَّةِ إذَا كَانَ يَوْمُ مَطَرٍ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» انْتَهَى.

وَالرُّخْصَةُ لُغَةً التَّيْسِيرُ وَشَرْعًا إبَاحَةُ الشَّيْءِ الْمَمْنُوعِ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمَانِعِ مَا ذَكَرَهُ فِي سَبَبِ الْجَمْعِ فَهُوَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ بِالشَّامِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ أَوْ بِالْيَمَنِ أَمَامَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُقَلِّدُ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ تَحَيَّرَ الْمُجْتَهِدُ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ جِهَةً تَرْكَنُ إلَيْهَا نَفْسُهُ وَيُصَلِّي.

[قَوْلُهُ: نَاسِيًا] أَيْ أَوْ مُتَذَاكِرًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهَا وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَكَانَتْ تِلْكَ النَّجَاسَةُ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، هَذَا إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ إزَالَتِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ] احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ، كَمَا لَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ فِيهَا وَلَكِنْ يُقَيِّدُ الْبُطْلَانُ بِمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا وَكَانَ قَادِرًا عَلَى إزَالَتِهَا بِوُجُودِ الْمُطْلَقِ، وَاتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَمِثْلُ وُجُودِ الْمُطْلَقِ الثَّوْبُ أَوْ الْمَكَانُ الطَّاهِرُ فَيُصَلِّي فِيهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا يُكْمِلُ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ طَرْحِ مَا عَلَيْهِ أَوْ تَحَوُّلِهِ إلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ لِبُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ.

[قَوْلُهُ: وَالْوَقْتُ فِي إلَخْ] أَيْ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ

[قَوْلُهُ: نَاسِيًا] هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ ثَابِتٌ مُطْلَقًا كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا [قَوْلُهُ: نَجِسٌ] الْأَوْلَى مُتَنَجِّسٌ.

[قَوْلُهُ: عِنْدَهُ] أَيْ الْمُصَنِّفِ.

[قَوْلُهُ: مُخْتَلَفٌ فِي نَجَاسَتِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ] الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى فَرَغَ] مُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ فِيهَا لَبَطَلَتْ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ إلَخْ] لَعَلَّ وَجْهَ الْإِعَادَةِ مَعَ أَنَّ الْمَاءَ نَجِسٌ عِنْدَهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ الَّذِي حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ مُتَنَجِّسٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَنَجِّسٍ وَعَلَيْهِ فَلَا إعَادَةَ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُعِيدُ الْوُضُوءَ] أَيْ اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمُسْتَحَبٍّ فَيَكُونُ مُسْتَحَبًّا.

[قَوْلُهُ: وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَ] أَيْ اسْتِحْبَابًا

[قَوْلُهُ: يَعْنِي أَوْ رِيحُهُ] وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ اعْتِبَارَهُ.

[قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الِاسْتِنْجَاءَ] أَيْ إذَا كَانَ اسْتَنْجَى بِهِ أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا مَنْ تَوَضَّأَ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَتَدَبَّرْ.

[الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

[قَوْلُهُ: إذْ الْأَوْلَى إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا] قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَيْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ لَا جَمْعَ لَيْلَةَ الْمَطَرِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ الْأَوْلَى] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلسُّنِّيَّةِ وَالنَّدْبِ وَلَكِنْ جَزَمَ عج بِالنَّدْبِ أَيْ فَقَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ السُّنَّةِ مُرَادُهُ الطَّرِيقَةِ.

[قَوْلُهُ: التَّيْسِيرُ] كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ تَسَامُحًا فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهَا لُغَةً السُّهُولَةُ.

[قَوْلُهُ: مَعَ السَّبَبِ الْمَانِعِ] أَيْ لَوْلَا وُجُودُ تِلْكَ الْمَشَقَّةِ وَالسَّبَبُ الْمَانِعُ هُنَا كَوْنُهَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>