للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ، أَمَّا الْمَطَرُ فَقَطْ أَيْ لَا ظُلْمَةَ مَعَهُ وَلَا طِينَ فَعَلَى الْمَشْهُورِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ وَابِلًا لَا خَفِيفًا جِدًّا سَوَاءٌ كَانَ وَاقِعًا أَوْ مُتَوَقَّعًا، وَأَمَّا الطِّينُ مَعَ الظُّلْمَةِ فَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْجَمْعِ وَالْمُرَادُ بِالطِّينِ الْوَحْلُ وَبِالظُّلْمَةِ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ قَمَرٍ، فَلَوْ غَطَّى السَّحَابُ الْقَمَرَ فَلَيْسَ بِظُلْمَةٍ فَلَا يَجْمَعُ لِذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ لِلظُّلْمَةِ وَحْدَهَا وَلَا لِلطِّينِ وَحْدَهُ، أَمَّا الظُّلْمَةُ فَاتَّفَقَ الْمَذْهَبُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ لَهَا وَحْدَهَا، وَأَمَّا الطِّينُ فَكَذَلِكَ عَلَى مَا صَرَّحَ الْقَرَافِيُّ بِمَشْهُورِيَّتِهِ.

وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وَنَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ صَاحِبِ الْعُمْدَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ الْجَمْعِ وَنَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ ك. وَاَلَّذِي رَأَيْته مِنْ كَلَامِهِ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا مِنْ شَرْحِ الرِّسَالَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَمْعِ، وَظَاهِرُ قَصْرِهِ الرُّخْصَةَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ غَيْرِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْمَنْصُوصُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ: (يُؤَذِّنُ لِلْمَغْرِبِ أَوَّلَ الْوَقْتِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) عَلَى الْمَنَارِ (ثُمَّ يُؤَخِّرُ) صَلَاةَ الْمَغْرِبِ شَيْئًا (قَلِيلًا فِي) مَشْهُورِ (قَوْلِ مَالِكٍ) لِيَأْتِيَ الْمَسْجِدَ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ ج: تَرَدَّدَ شَيْخُنَا هَلْ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَمْرٌ وَاجِبٌ لَا بُدَّ مِنْهُ أَمْ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ؟ قَوْلَانِ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ قَلِيلًا (يُقِيمُ) لَهَا الصَّلَاةَ (دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَيُصَلِّيهَا) وَلَا يُطَوِّلُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

ــ

[حاشية العدوي]

وَقْتِهَا.

[قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ وَقِيلَ بِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ لَهُ.

[قَوْلُهُ: وَابِلًا] وَهُوَ الْمَطَرُ الْغَزِيرُ وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ أَوَاسِطَ النَّاسِ عَلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَمِثْلُ الْمَطَرِ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ [قَوْلُهُ: لَا خَفِيفًا جِدًّا] أَرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ الْوَابِلَ الْمُفَسَّرَ بِمَا ذَكَرَ.

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ وَاقِعًا] وَانْظُرْ هَذَا الْوَاقِعَ هَلْ حَصَلَ وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يَشْمَلُ الْحَاصِلَ قَبْلَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ الْمَطَرَ الشَّدِيدَ الْمُسَوِّغَ لِلْجَمْعِ مُبِيحٌ لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ التَّخَلُّفِ لَا تُنَافِي أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ إذَا لَمْ يَتَخَلَّفُوا.

[قَوْلُهُ: أَوْ مُتَوَقَّعًا] فَإِنْ قُلْت الْمَطَرُ إنَّمَا يُبِيحُ الْجَمْعَ إذَا كَثُرَ وَالْمُتَوَقَّعُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ قُلْنَا: يُمْكِنُ عِلْمُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ، ثُمَّ إذَا جَمَعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ الْوَقْتَ كَمَا ذَكَرُوا.

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا الطِّينُ مَعَ الظُّلْمَةِ إلَخْ] يَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا وَجَدَ الطِّينَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ دُونَ بَعْضٍ، فَهَلْ لِمَنْ لَمْ يُوجَدْ طِينٌ فِي طَرِيقِهِ أَنْ يَجْمَعَ تَبَعًا لِمَنْ وَجَدَ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ مَعَهُ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُمْ يَتَأَخَّرُونَ لِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَيُصَلُّونَهَا جَمَاعَةً لَزِمَ إعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ، وَإِنْ قُلْنَا يَخْرُجُونَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يَجْمَعُونَ مَعَهُمْ فَرُبَّمَا لَا يَتَيَسَّرُ لَهُمْ صَلَاتُهَا جَمَاعَةً.

[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: يُؤَذِّنُ لِلْمَغْرِبِ] أَيْ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ [قَوْلُهُ: فِي مَشْهُورِ قَوْلِ مَالِكٍ] مُقَابِلُهُ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَالْعِشَاءَ تَلِيهَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ وَهْبٍ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ فِي مَشْهُورِ قَوْلِ مَالِكٍ الْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْبَيَانِ أَيْ فِي مَشْهُورٍ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِمَالِكٍ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ وَهْبٍ؛ لِأَنَّ لِمَالِكٍ الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ، هَذَا مَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: لِيَأْتِيَ الْمَسْجِدَ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ إلَخْ] زَادَ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صُلِّيَتْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لَفَاتَتْهُ الْمَغْرِبُ لِتَعَذُّرِ الْإِسْرَاعِ بِالْمَشْيِ فِي الْمَطَرِ وَالطِّينِ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: أَمْ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ] هُوَ الرَّاجِحُ وَالتَّأْخِيرُ بِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ وَقْتُ الِاشْتِرَاكِ لِاخْتِصَاصِ الْأُولَى بِثَلَاثٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا بِقَدْرِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ.

[قَوْلُهُ: يُقِيمُ لَهَا الصَّلَاةَ] أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنِّيَّةِ، [قَوْلُهُ: دَاخِلَ الْمَسْجِدِ] وَيَجُوزُ خَارِجَهُ قَلْشَانِيٌّ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُطَوِّلُ عَلَى الْمَشْهُورِ] ؛ لِأَنَّ تَقْصِيرَهَا مَطْلُوبٌ فِي غَيْرِ هَذَا فَهَذَا أَوْلَى وَمُقَابِلُهُ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يُطِيلُ ثُمَّ يُقَدِّمُ الْعِشَاءَ، ثُمَّ يُطِيلُ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ أَوْ مَعَهُ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ وَهُوَ ضَعِيفٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْجَمْعِ حِينَئِذٍ لِانْصِرَافِهِمْ فِي الظُّلْمَةِ قَالَهُ بَهْرَامٌ فِي الْوَسَطِ [قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>