تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَنْوِي الْجَمْعَ أَوَّلَ الْأُولَى فَإِنْ أَخَّرَهُ إلَى الثَّانِيَةِ فَقَوْلَانِ (الثَّانِي) : صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ مَنْعُ التَّنَفُّلِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ (يُؤَذِّنُ لِلْعِشَاءِ) إثْرَ الْمَغْرِبِ بِلَا مُهْلَةٍ أَذَانًا لَيْسَ بِالْعَالِي (فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ) ظَاهِرُهُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَالْمَشْهُورُ يُؤَذِّنُ فِي صَحْنِهِ.
(وَ) إذَا فَرَغَ مِنْ الْأَذَانِ (يُقِيمُ) الصَّلَاةَ (ثُمَّ يُصَلِّيهَا) الْإِمَامُ بِالنَّاسِ بِلَا مُهْلَةٍ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الصَّلَاةِ (وَيَنْصَرِفُونَ) إثْرَ الصَّلَاةِ بِلَا مُهْلَةٍ (وَعَلَيْهِمْ إسْفَارٌ) أَيْ شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ بَيَاضِ النَّهَارِ فَقَوْلُهُ: (قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ) تَكْرَارٌ فَلَا يَتَنَفَّلُ أَحَدٌ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْجَمْعِ وَلَا يُوتِرُ بِإِثْرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَإِنَّمَا يُوتِرُ بَعْدَ الشَّفَقِ.
وَالْمَوْضِعِ الثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَالْجَمْعُ بِعَرَفَةَ) يَوْمَ وُقُوفِ الْحَاجِّ بِهَا (بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عِنْدَ) بِمَعْنَى بَعْدَ (الزَّوَالِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ، وَقَدْ كَرَّرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الْحَجِّ وَفِي بَابِ جُمَلٍ، وَقَدْ عَدَّ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ هَذَا الْجَمْعَ فِي بَابِ الْحَجِّ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ، وَصِفَتُهُ أَنْ يَخْطُبَ الْخَطِيبُ
ــ
[حاشية العدوي]
فَقَوْلَانِ] أَيْ بِالْإِجْزَاءِ وَبِعَدَمِهِ كَمَا رَاجَعْت شَرْحَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ الْأُولَى وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِجْزَاءِ عِنْدَ الثَّانِيَةِ عَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ نَوَى عِنْدَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّهَا الصَّلَاةُ الْأُولَى وَتُطْلَبُ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَلَوْ تَرَكَهَا فَلَا بُطْلَانَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِمَامِ فِيهِمَا فَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ بَطَلَتَا حَيْثُ تَرَكَهَا فِيهِمَا، وَأَمَّا لَوْ تَرَكَهَا فِي الثَّانِيَةِ وَأَتَى بِهَا فِي الْأُولَى فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا وَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ وَلَا يُصَلِّيهَا إلَّا عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَأَمَّا تَرْكُهَا عِنْدَ الْأُولَى وَنِيَّتُهُ الْجَمْعُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهَا مَشْرُوطَةٌ بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ.
[قَوْلُهُ: صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ الْكَرَاهَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّحْقِيقِ وَفِي التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُهُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّنَفُّلَ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَهُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَلَوْ تَنَفَّلَ لَمْ يُمْنَعْ الْجَمْعُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى قُرْبِ دُخُولِ الشَّفَقِ وَإِلَّا مُنِعَ فِعْلَ الْعِشَاءِ قَبْلَ وَقْتِهَا الْمُحَقَّقِ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ] أَيْ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ وَلَا تَسْبِيحٍ وَلَا تَحْمِيدٍ.
[قَوْلُهُ: يُؤَذِّنُ لِلْعِشَاءِ] قَالَ بَعْضٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَذَانَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي جَمَاعَةٍ تُطْلَبُ غَيْرُهَا وَلَا يَسْقُطُ طَلَبُ الْأَذَانِ فِي وَقْتِهَا بِهِ فَيُؤَذِّنُ لَهَا عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا.
[قَوْلُهُ: أَذَانًا لَيْسَ بِالْعَالِي] الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ يُؤَذِّنُ فِي صَحْنِهِ] وَمُقَابِلُهُ يُؤَذِّنُ فِي مِحْرَابِهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ لِئَلَّا يَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ دَخَلَ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَلِّيهَا الْإِمَامُ بِالنَّاسِ بِلَا مُهْلَةٍ] هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ جَمْعٍ وَلَيْسَ خَاصًّا بِالْجَمْعِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ.
[قَوْلُهُ: يَنْصَرِفُونَ] قَالَ زَرُّوقٌ: فَلَوْ جَمَعُوا وَلَمْ يَنْصَرِفُوا حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ أَعَادُوا الْعِشَاءَ وَقِيلَ: لَا إعَادَةَ وَقِيلَ: إنْ قَعَدَ الْجُلُّ أَعَادُوا لَا الْأَقَلُّ انْتَهَى، وَهُوَ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ، وَرَجَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِيَ قَالَ تت، فِي قَوْلِهِ يَنْصَرِفُونَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ لَا يَجْمَعُونَ.
[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمْ أَسْفَارٌ] أَيْ قَلِيلٌ فَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِنِصْفِ الْوَقْتِ قَالَهُ الْقَلْشَانِيُّ [قَوْلُهُ: فَلَا يَتَنَفَّلُ أَحَدٌ إلَخْ] قَالَ بَعْضٌ أَنْ يُمْنَعَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ صَاحِبَ التَّوْضِيحِ رَجَّحَ الْكَرَاهَةَ فَلَوْ تَنَفَّلَ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ زَرُّوقٌ فَلَوْ جَمَعُوا وَلَمْ يَنْصَرِفُوا إلَخْ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ إذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ حَتَّى يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ يَعُودَ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُوتِرُ إلَخْ] ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الشَّفَقِ كَتَرَاوِيحِ رَمَضَانَ فَفِعْلُ الْوِتْرِ حِينَئِذٍ فِعْلٌ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَتَكُونُ بَاطِلَةً فَيَكُونُ النَّهْيُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ لَا يُوتِرُ إلَخْ لِلتَّحْرِيمِ.
[قَوْلُهُ: وَقَدْ عَدَّ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُخْتَصَرُ قَالَ: وَجَمَعَ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ وَفِي تَغْيِيرِ الْمُؤَلِّفِ الْأُسْلُوبَ لِقَوْلِهِ ثُمَّ أَذَّنَ وَجَمَعَ إلَخْ، إشَارَةٌ أَنَّ حُكْمَ الْأَذَانِ وَالْجَمْعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ الْحُكْمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا السُّنِّيَّةُ لَا اسْتِحْبَابٌ اهـ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَخْطُبَ الْخَطِيبُ] أَيْ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ