بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ
(بَابٌ) أَيْ هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ (مَا) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي (يَجِبُ مِنْهُ) أَيْ بِسَبَبِهِ (الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَهُوَ لُغَةً الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ. وَشَرْعًا تَطْهِيرُ أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ بِالْمَاءِ لِتَنْظُفَ وَتَحْسُنَ وَيُرْفَعَ عَنْهَا حُكْمُ الْحَدَثِ لِتُسْتَبَاحَ بِهِ الْعِبَادَةُ الْمَمْنُوعَةُ، قِيلَ: وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ هَلْ هُوَ اسْمٌ لِمُطْلَقِ الْمَاءِ أَوْ لَهُ بَعْدَ كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْعِبَادَاتِ فِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ أَنَّهُ بِفَتْحِ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ]
بَابُ فِيمَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ
أَيْ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ [قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ مَا] أَيْ تَبْيِينِهِ [قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِهِ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ الَّتِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَرَادَ بِهِ السَّبَبَ لُغَةً حَتَّى يَشْمَلَ الْأَحْدَاثَ، وَلَوْ جَعَلَ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ بِحَيْثُ يَقُولُ: أَيْ مِنْ أَجْلِهِ لَصَحَّ [قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قِيلَ: بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ، وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ فَيُقَدِّمَ لَفْظَةَ قِيلَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْفَتْحَ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، أَيْ وَقِيلَ: إنَّهُ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْمَاءِ وَبِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ، وَقِيلَ: مُتَرَادِفَانِ وَأَرَادَ بِالْفِعْلِ نَفْسَ الْهَيْئَةِ الْمَفْعُولَةِ لِلشَّخْصِ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ] فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحُسْنَ وَالنَّظَافَةَ مَعْنًى لِلْوَضَاءَةِ الَّتِي الْوُضُوءُ مُشْتَقٌّ مِنْهَا لَا أَنَّهُمَا مَعْنَى الْوُضُوءِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا كَلَامُ الْمِصْبَاحِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ تت: مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالْحُسْنُ. [قَوْلُهُ: بِالْمَاءِ] هَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ حَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ بِالْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ وَالرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ [قَوْلُهُ: لِتَنْظُفَ وَتَحْسُنَ إلَخْ] اللَّامُ بِالنَّظَرِ لِلنَّظَافَةِ وَالْحُسْنِ لِلْعَاقِبَةِ لَا لِلتَّعْلِيلِ، وَبِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ: وَيُرْفَعَ إلَخْ لِلتَّعْلِيلِ فَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا لَا لِلتَّعْلِيلِ فَقَطْ الَّذِي هُوَ الْحَقِيقَةُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مِنْ الْبَاعِثِ النَّظَافَةَ وَالْحُسْنَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْبَاعِثُ شَرْعًا إنَّمَا هُوَ الرَّفْعُ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ تت: تَطْهِيرُ أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ بِالْمَاءِ لِرَفْعِ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا لِاسْتِبَاحَةِ الْعِبَادَةِ اهـ.
بَقِيَ أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّارِحِ وتت يُفِيدُ أَنَّ الْوُضُوءَ لِغَيْرِ اسْتِبَاحَةِ الْعِبَادَةِ كَزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ لَيْسَ بِوُضُوءٍ شَرْعًا، وَهُوَ خِلَافُ إطْلَاقَاتِهِمْ عَلَيْهِ وُضُوءًا شَرْعًا كَمَا يُفِيدُهُ عج. قُلْت: وَلَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ وَالدَّلْكَ وَالْفَوْرَ مِنْ أَجْزَاءِ الْوُضُوءِ.
وَالتَّعْرِيفُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا إلَّا بِاللُّزُومِ وَهِيَ غَيْرُ كَافِيَةٍ، فَلَوْ قَالَ: تَطْهِيرُ أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ بِالْمَاءِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ لَكَانَ أَشْمَلَ، وَعَطْفُ الْحُسْنِ عَلَى النَّظَافَةِ مِنْ عَطْفِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ [قَوْلُهُ: حُكْمُ الْحَدَثِ إلَخْ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ إنْ أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالْأَعْضَاءِ قِيَامَ الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ أَوْ عَلَى مَعْنَى اللَّازِمِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْخَارِجُ أَوْ الْخُرُوجُ. [قَوْلُهُ: لِتُسْتَبَاحَ بِهِ إلَخْ] أَيْ بِالرَّفْعِ أَوْ التَّطْهِيرِ الْمُعَلَّلِ بِعِلَّتِهِ الَّتِي هِيَ الرَّفْعُ، وَالتَّاءُ وَالسِّينُ زَائِدَتَانِ وَقَوْلُهُ: الْمَمْنُوعَةُ أَيْ الْمَمْنُوعُ مِنْهَا فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَلَوْ حُذِفَ بِهِ مَا ضَرَّهُ.
[قَوْلُهُ: لِمُطْلَقِ الْمَاءِ] أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُعَدًّا أَوْ لَا مُسْتَعْمَلًا أَوْ لَا. [قَوْلُهُ: لِلْوُضُوءِ] بِضَمِّ الْوَاوِ [قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْعِبَادَاتِ] الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ تَصْدُقُ بِالْغُسْلِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُغْتَسَلَ بِهِ يُسَمَّى وَضُوءًا بِالْفَتْحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَأَلْ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِعِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute