بِالْحَاضِرِ مِنْ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَا يُحَازُ عَلَيْهِ كَذَا أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مُدَّةَ الْحَوْزِ عَشْرُ سِنِينَ هُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَصَرَّحَ د بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ وَالْمَرْجِعُ إلَى الْعُرْفِ.
تَنْبِيهٌ
ع: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخَالِفَةٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ هَذَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ.
وَقَالَ ق: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا ذُكِرَ أَوَّلَ الْبَابِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حِيَازَةِ الْأَقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ فَقَالَ: (وَلَا حِيَازَةَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَالْأَصْهَارِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ عَشْرِ سِنِينَ بَلْ أَكْثَرَ ج كَخَمْسِينَ سَنَةً وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ.
وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ: الْأَقَارِبُ كَغَيْرِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَلَدَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ بَيْنَ الْوَلَدِ وَأَبِيهِ حِيَازَةٌ وَإِنْ طَالَتْ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الصِّهْرَ كَالْقَرِيبِ نَصَّ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَقَالَ: (وَلَا يَجُوزُ) بِمَعْنَى لَا يَصِحُّ (إقْرَارُ الْمَرِيضِ) مَرَضًا مَخُوفًا (لِوَارِثِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْقِيَامُ بِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ.
[قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ] الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ قَوْلِهِ: كَذَا أَطْلَقَ فَيَقُولَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ بَعِيدَةٌ وَالْأَمْرُ فِيهَا كَمَا قَالَ، وَقَرِيبَةٌ كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ ثَبَتَ عَجْزُهُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِذَاتِهِ أَوْ بِالنِّيَابَةِ عَنْهُ بِالتَّوْكِيلِ فَكَالْأَوَّلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ، وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فَفِي سُقُوطِ حَقِّهِ قَوْلَانِ لِابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: ثُمَّ إنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْبَتَهُ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَاصِمٍ: وَمِثْلُ الْحَاضِرِ الْغَائِبُ عَلَى يَوْمَيْنِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ.
[قَوْلُهُ: وَقَالَ مَالِكٌ] ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: وَلَا حِيَازَةَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَالْأَصْهَارِ فِي مِثْلِ هَذِهِ إلَخْ] وَمِثْلُهُمْ الْمَوَالِي أَعْلَوْنَ أَوْ أَسْفَلُونَ، أَيْ أَصْهَارٌ وَمَوَالٍ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ
[قَوْلُهُ: ج كَخَمْسِينَ سَنَةً] كُلٌّ مِنْ قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ سَوَاءٌ الشُّرَكَاءُ وَغَيْرُهُمْ. لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَإِنَّمَا تَكُونُ بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ فِي الْأَمَدِ الطَّوِيلِ الزَّائِدِ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى الرَّاجِحِ. وَهَذَا فِي أَقَارِبَ لَيْسَ بَيْنَهُمْ تَشَاجُرٌ وَإِلَّا فَكَالْأَجَانِبِ.
[قَوْلُهُ: الْأَقَارِبُ كَغَيْرِهِمْ] أَيْ فَيَكْفِي الْعَشْرُ سِنِينَ أَيْ مَعَ التَّصَرُّفِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، لَكِنَّ هَذَا الْقَيْدَ مَذْكُورٌ فِي خَلِيلٍ فِي الْأَقَارِبِ الشُّرَكَاءِ.
[قَوْلُهُ: وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
[قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَتْ] أَيْ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ بِحَيْثُ تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ وَيَنْقَطِعُ فِيهِ الْعِلْمُ وَالْحَائِزُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي لِغَيْرِ الْإِصْلَاحِ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ وَلَا مَانِعَ فَلَا قِيَامَ لِلْحَاضِرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا تُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ.
وَأَمَّا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا أَوْ وَهَبَهُ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ مَعَ غَيْرِ كَلَامٍ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَاهُ مَعَ حُصُولِ هَذَا الْفِعْلِ.
[قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الصِّهْرَ] هُوَ قَرِيبُ الْمَرْأَةِ
[بَاب الْإِقْرَارِ]
[قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْإِقْرَارِ] وَلَهُ أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ: الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ وَالْمُقَرُّ بِهِ وَالصِّيغَةُ، فَشَرْطُ الْمُقِرِّ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَشَرْطُ الْمُقَرِّ لَهُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَحَمْلٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَأَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ تَكْذِيبٌ لِلْمُقِرِّ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّكْذِيبِ، وَأَنْ لَا يُتَّهَمَ الْمُقِرُّ عَلَى الْإِقْرَارِ وَشَرْطُ الْمُقَرِّ بِهِ كَوْنُهُ حَقًّا بِحَيْثُ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ وَصِيغَتُهُ عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ فَعَلْت كَذَا مِمَّا يُوجِبُ فِعْلَهُ حُكْمًا.
[قَوْلُهُ: مَرَضًا مَخُوفًا] وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا فَحُكْمُهُ كَالصَّحِيحِ.
[قَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ] الْأَقْرَبُ أَوْ الْمُسَاوِي، أَمَّا الْأَقْرَبُ فَذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَالْمُسَاوِي كَمَا إذَا أَقَرَّ لِأَحَدِ وَلَدَيْهِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْبِرِّ وَالْعُقُوقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِلْعَاقِّ فَفِي صِحَّتِهِ خِلَافٌ بِالْجَوَازِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ الْجَوَازِ نَظَرًا لِصُورَةِ الْوَلَدِ، وَيَجُوزُ إقْرَارُهُ لِصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَقَرَّ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ كَخَالِهِ أَوْ أَقَرَّ