للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِدَيْنٍ) لَهُ فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ بِقَبْضِهِ) أَيْ بِقَبْضِ دَيْنٍ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ صُورَةُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ أَنْ يَقُولَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، وَصُورَةُ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِهِ أَنْ يَقُولَ: الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ قَبَضْته، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ تُهْمَةٌ مِثْلُ أَنْ تَرِثَهُ ابْنَتُهُ وَابْنُ عَمِّهِ فَيُقِرَّ لِابْنَتِهِ بِمَالٍ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْتَضِي التُّهْمَةَ فِي الْمَيْلِ إلَى ابْنَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ تُهْمَةٌ جَازَ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ عَمِّهِ بِدَيْنٍ أَوْ بِقَبْضِهِ.

(وَمَنْ أَوْصَى بِحَجٍّ أَنُفِذَ) مِنْ الثُّلُثِ عَلَى الْمَشْهُورِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ: إنَّ مَنْ لَمْ يَحُجَّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مَا يَحُجُّ بِهِ عَنْهُ (وَالْوَصِيَّةُ بِالصَّدَقَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا) أَيْ إلَى الْمَالِكِيَّةِ مِنْ الْإِيصَاءِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا وَأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ وَلَا خِلَافَ فِي انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِهَا، (وَإِذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ) أَيْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لَأَنْ يَحُجَّ عَمَّنْ أَوْصَى بِحَجٍّ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ (قَبْلَ أَنْ يَصِلَ) إلَى مَكَّةَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ أَفْعَالَ الْحَجِّ (فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ) مِنْ الطَّرِيقِ (وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ كُلَّهُ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ (وَ) أَمَّا (مَا هَلَكَ بِيَدِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ قَرِيبٌ أَوْ صَدِيقٌ مُلَاطِفٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَقَارِبِ الَّذِينَ قَدْ وَرِثُوا فَلَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ الْوَلَدِ بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَرِثَهُ أَقْرَبُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَغْرِقُ أَوْ لَا.

تَنْبِيهٌ

يَصِحُّ إقْرَارُ الْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَجُرْحٍ أَوْ قَتْلِ عَمْدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ قِصَاصٌ أَوْ حَدٌّ كَسَرِقَةِ نِصَابٍ، وَأَمَّا فِي الْمَالِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمُكَاتَبِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَيَكُونُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ أَوْصَى بِحَجٍّ] اعْلَمْ أَنَّ كِرَاءَ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ ضَمَانٌ مَضْمُونٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ، وَضَمَانٌ مُعَيَّنٌ بِذَاتِهِ وَبَلَاغٌ وَجَعَالَةٌ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَتَارَةً يَكُونُ مَضْمُونًا فِي السَّنَةِ وَتَارَةً مُعَيَّنًا بِهَا، وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنَّمَا تَكَلَّمَا عَلَى الْبَلَاغِ وَعَلَى الضَّمَانِ الْمُحْتَمِلِ لَأَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا بِذَاتِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ.

[قَوْلُهُ: أُنْفِذَ] أَيْ وُجُوبًا وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً لِوُجُوبِ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَكْرُوهِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ. وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يُنَفَّذُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بَدَنِيٌّ وَمَحَلُّ الْإِنْفَاذِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي حَالِ مَرَضِهِ ضَرُورَةً أَوْ غَيْرَهُ. أَوْ فِي صِحَّتِهِ وَكَانَ غَيْرَ صَرُورَةً لَا إنْ كَانَ صَرُورَةً فَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِالْحَجِّ.

[قَوْلُهُ: إنَّ مَنْ لَمْ يَحُجَّ] أَيْ فِي حَيَاتِهِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ.

[قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِ] هَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ الْمُرَادُ يُوصِي بِالْحَجِّ وَلَعَلَّهُ الظَّاهِرُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: أَحَبُّ إلَيْنَا] أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا] أَيْ فِي الْوَصِيَّةِ بِالصَّدَقَةِ أَيْ فِي إنْفَاذِهَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ، فَقَدْ عَلِمْت الْخِلَافَ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: وَإِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ أَيْ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْحَجِّ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ.

وَقَوْلُهُ: وَلَا خِلَافَ فِي انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِهَا أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ» إلَخْ أَيْ وَأَمَّا الْحَجُّ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ هَلْ ثَوَابُهُ لِلْمَيِّتِ أَمْ لَا، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَيِّتُ. ج: وَمَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالتَّصَدُّقِ بِالْمَالِ أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِ الْمَالِ لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ لِلْخِلَافِ فِي حُصُولِ ثَوَابِهِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَيِّتُ. عَبْدُ الْحَقِّ وَلِذَلِكَ لَا تُقْرَأُ الْفَاتِحَةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ] أَيْ أَوْصَدَ أَوْ أَخْطَأَ فِي الْعَدَدِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ أَفْعَالَ الْحَجِّ] أَيْ أَوْ بَعْدَ الْوُصُولِ لِمَكَّةَ وَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ أَفْعَالَ الْحَجِّ.

[قَوْلُهُ: فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ] أَيْ مِنْ حَيْثُ الصُّعُوبَةُ وَالسُّهُولَةُ وَالْخَوْفُ وَالْأَمْنُ لَا بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ، فَقَدْ يَكُونُ رُبْعُهَا يُسَاوِي نِصْفَ الْكِرَاءِ لِصُعُوبَتِهِ وَعَكْسُهُ، فَيُقَالُ: بِكَمْ يَحُجُّ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ الْإِجَارَةِ مِنْ مَوْضِعِ الِاسْتِئْجَارِ؟ فَإِنْ قِيلَ بِعَشَرَةٍ قِيلَ: وَبِكَمْ يَحُجُّ مِثْلُهُ مِنْ مَكَانِ الْمَوْتِ؟ فَإِنْ قِيلَ بِثَمَانِيَةٍ رَدَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا بَقِيَتْ أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَخَذَ وَارِثُهُ خُمُسَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا وَهَذَا فِي أَجْرِ الضَّمَانِ إذَا وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ وَأَبَى وَارِثُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>