فَهُوَ) أَيْ ضَمَانُهُ (مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مُعَاوَضَتَهُ فِيهِ وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِ الْعِوَضَ (وَإِلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْبَلَاغِ فَ) إنَّهُ إذَا هَلَكَ يَكُونُ (الضَّمَانُ مِنْ الَّذِينَ وَاجْرُوهُ) صَوَابُهُ آجَرُوهُ بِغَيْرِ وَاوٍ وَإِنَّمَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الْبَلَاغِ هُوَ أَنْ يُعْطَى مَالًا لِيَحُجَّ بِهِ فَإِنْ أَكْمَلَ الْعَمَلَ كَانَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةٍ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (وَيَرُدُّ مَا فَضَلَ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ بِعِوَضٍ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ مَا اُسْتُؤْجِرَ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ كِفَايَتِهِ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ لَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية العدوي]
مِنْ الْإِتْمَامِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِمَوْتِهِ أَوْ صَدِّهِ قَبْلَ التَّمَامِ. وَحَقِيقَةُ أَجْرِ الضَّمَانِ الْعَقْدُ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ.
تَنْبِيهٌ
وَحَيْثُ مَاتَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُسْتَأْجَرُ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا، وَفِي الْبَلَاغِ الْآتِيَةِ مِنْ مَحَلِّ الِانْتِهَاءِ أَيْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ يَبْتَدِئُ الْحَجَّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْهُ إلَّا الْقَلِيلُ، أَيْ يَبْتَدِئُ أَفْعَالَ الْحَجِّ لَا أَنَّهُ يَبْتَدِئُ مِنْ أَوَّلِ الْمَسَافَةِ بَلْ يُحْرِمُ مِنْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ وَيَفْعَلُ جَمِيعَ الْحَجِّ.
[قَوْلُهُ: ضَمَانُهُ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ.
[قَوْلُهُ: فِيهِ] لَا حَاجَةَ لَهُ فَكَانَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مُعَاوَضَتَهُ أَيْ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ وَتَحْتَمِلُ عَلَيْهِ عِوَضُهُ وَهُوَ الْعَمَلُ، فَحِينَئِذٍ إذَا ضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ تَكُونُ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ إلَخْ] شُرُوعٌ فِي الْبَلَاغِ، وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا بِالْعُرْفِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ، فَإِذَا رَجَعَ رَدَّ مَا فَضَلَ مِنْ النَّفَقَةِ وَيَرُدُّ الثِّيَابَ أَيْضًا الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَا يُوَسِّعُ كَثِيرًا وَلَا يَقْتُرُ بَلْ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا. وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْخُذَ مَفْهُومَهُ لَوْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ النَّفَقَةِ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بَلَاغًا جَائِزًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ فِيهِ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ فَلَا تَصِحُّ تِلْكَ الْإِجَارَةُ.
[قَوْلُهُ: مِنْ الَّذِينَ وَاجْرُوهُ] أَيْ لِتَفْرِيطِهِمْ بِعَدَمِ إجَارَةِ الضَّمَانِ الَّتِي هِيَ أَحْوَطُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ هُوَ الَّذِي أَوْصَى بِإِجَارَةِ الْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ وَلَوْ قُسِمَ.
[قَوْلُهُ: صَوَابُهُ آجَرُوهُ] أَيْ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ. وَقَوْلُهُ: كَانَ لَهُ أَيْ اسْتَحَقَّهُ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَاجَ إلَخْ] هَذَا رُوحُ التَّعْلِيلِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ مِنْهُ شَيْئًا] ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ التَّكْمِيلِ لِعُذْرٍ مِنْ مَوْتٍ أَوْ صَدٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَتُحْمَلُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا تَرَكَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا، وَإِذَا ضَاعَ الْمَالُ مِنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ رَجَعَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى الْعَمَلِ وَالْإِنْفَاقِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لَا فِي الذَّهَابِ وَلَا فِي الْإِيَابِ لِمَوْضِعِ الضَّيَاعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَاعَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى عَمَلِ الْحَجِّ وَيُكْمِلُ الْعَمَلَ، وَأَمَّا إذَا فَرَغَ الْمَالُ فَيَسْتَمِرُّ وَلَوْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ بِعِوَضٍ] أَيْ عِوَضٍ مُعَيَّنٍ كَثَلَاثِينَ. وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ أَيْ فَإِنْ عَجَزَ الْمَالُ عَنْ كِفَايَتِهِ أَيْ الْمُسْتَأْجَرِ. وَقَوْلُهُ: إتْمَامُهُ أَيْ لَزِمَ الْمُسْتَأْجَرَ إتْمَامُ الْحَجِّ.