للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٢٧ - بَابٌ فِي الْحَجِّ] لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ الشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى خَامِسِهَا وَهُوَ الْحَجُّ فَقَالَ:

(بَابٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (الْحَجِّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا (وَ) فِي بَيَانِ (الْعُمْرَةِ) وَصِفَتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَاصْطِلَاحِيٌّ. أَمَّا الْحَجُّ فَهُوَ لُغَةً الْقَصْدُ وَقِيلَ بِقَيْدِ التَّكْرَارِ مِنْ قَوْلِك: حَجَّ فُلَانٌ فُلَانًا إذَا كَرَّرَ زِيَارَتَهُ وَاصْطِلَاحًا فَهُوَ الْقَصْدُ إلَى التَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ بِالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوعَةِ فَرْضًا وَسُنَّةً، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ لُغَةً فَهِيَ الزِّيَارَةُ وَاصْطِلَاحًا فَهِيَ زِيَارَةٌ مَخْصُوصَةٌ لِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ.

وَبَدَأَ بِحُكْمِ الْحَجِّ فَقَالَ: (وَحَجُّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الَّذِي بِبَكَّةِ) بِالْبَاءِ لُغَةً فِي مَكَّةَ (فَرِيضَةٌ) بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَحَدُهَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (عَلَى كُلِّ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَى ذَلِكَ) أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي الْحَجِّ] [حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

[قَالُوا: بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا إلَخْ] الْفَتْحُ هُوَ الْقِيَاسُ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ سَمَاعًا وَكَذَا اللُّغَتَانِ فِي الْحَجَّةِ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِقَيْدِ التَّكْرَارِ] أَيْ قَصْدِ الشَّيْءِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ، قَوْلُهُ: إذَا كَرَّرَ زِيَارَتَهُ فَإِنَّ التَّكْرَارَ فِيهِ فِي الْفِعْلِ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّكْرَارَ فِي الْقَصْدِ وَآخِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّكْرَارَ فِي الْفِعْلِ، ثُمَّ رَأَيْت تت قَالَ مَا نَصُّهُ: وَهَلْ هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ إلَى الشَّيْءِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ أَوْ فِعْلِ الشَّيْءِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِقَيْدِ التَّكْرَارِ أَوْ مُجَرَّدِ الْقَصْدِ أَقْوَالٌ انْتَهَى.

الْمُرَادُ مِنْهُ فَظَهَرَ مِنْ كَلَامِ تت أَنَّهُمَا قَوْلَانِ، وَأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِك حَجَّ فُلَانٌ فُلَانًا إذَا كَرَّرَ زِيَارَتَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ لُغَةً فِعْلُ الشَّيْءِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، أَيْ لِتَكْرَارِ النَّاسِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَثَابَةً لِلنَّاسِ} [البقرة: ١٢٥] أَيْ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ كُلَّ عَامٍ. [قَوْلُهُ: الْقَصْدُ إلَى التَّوَجُّهِ] فِيهِ أَنَّ الْحَجَّ عِبَارَةٌ عَنْ عِبَادَةٍ ذَاتِ أَرْكَانٍ مَخْصُوصَةٍ لَا نَفْسَ الْقَصْدِ إلَى التَّوَجُّهِ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ الَّتِي هِيَ الْقَصْدُ لَيْسَ مُتَعَلَّقُهَا التَّوَجُّهَ، كَمَا قَالَ بَلْ مُتَعَلَّقُهَا الْأَعْمَالُ الْمَخْصُوصَةُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: عِبَادَةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ وَوُقُوفٍ وَطَوَافٍ وَسَعْيٍ هَذَا إنْ أَرَدْت الْمَاهِيَّةَ الْغَيْرَ الْكَامِلَةِ وَإِلَّا زِدْت بَعْدَ مَا قُلْنَا وَغَيْرُ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: ضَمَّنَ الْقَصْدَ مَعْنَى الْمَيْلِ فَعَدَّاهُ بِإِلَى. [قَوْلُهُ: بِالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوعَةِ] أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُتَوَجِّهِ مُتَلَبِّسًا بِالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: فَرْضًا وَسُنَّةً] أَرَادَ بِالسُّنَّةِ مَا يَشْمَلُ الْمُسْتَحَبَّ، أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ فَرْضًا وَسُنَّةً وَمُسْتَحَبًّا، وَأَرَادَ بِالْفَرْضِ مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ لِأَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبَ فِي الْحَجِّ مُتَغَايِرَانِ، فَالْفَرْضُ لَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَالْوَاجِبُ يَنْجَبِرُ بِهِ. [قَوْلُهُ: فَهِيَ الزِّيَارَةُ إلَخْ] أَيْ يُقَالُ: اعْتَمَرَ فُلَانٌ فُلَانًا إذَا زَارَهُ. [قَوْلُهُ: زِيَارَةٌ مَخْصُوصَةٌ] أَيْ زِيَارَةُ الْبَيْتِ، وَقَوْلُهُ: الْأَفْعَالُ مَخْصُوصَةٌ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: زِيَارَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تِلْكَ الْأَفْعَالَ لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي مَاهِيَّةِ الْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ: عِبَادَةٌ ذَاتُ طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَإِحْرَامٍ لَكَانَ أَحْسَنَ

[قَوْلُهُ: بَيْتُ اللَّهِ] إضَافَتُهُ إلَى اللَّهِ إضَافَةُ تَشْرِيفٍ، وَمِنْ شَرَفِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلُوهُ طَيْرٌ إلَّا لِعِلَّةٍ بِهِ، وَإِذَا عَلَاهُ ذُو عِلَّةٍ شَفَى اللَّهُ عِلَّتَهُ، وَإِذَا عَمّ الشِّتَاءُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِهِ عَمَّ ذَلِكَ، الْبَلَدَ الَّذِي يُوَالِيهِ، وَإِذَا عَمَّ الشِّتَاءُ جَمِيعَ أَرْكَانِهِ عَمَّ الشِّتَاءُ جَمِيعَ الْبِلَادِ. [قَوْلُهُ: الَّذِي بِبَكَّةِ] وَصْفٌ كَاشِفٌ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>