للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٦ - بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ] (بَابٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (السَّلَامِ) وَصِفَتِهِ (وَ) بَيَانِ حُكْمِ (الِاسْتِئْذَانِ) وَصِفَتِهِ (وَ) صِفَةِ (التَّنَاجِي وَ) بَيَانِ ذِكْرِ (الْقِرَانِ وَ) فِي (الدُّعَاءِ وَذِكْرِ اللَّهِ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (وَالْقَوْلِ فِي السَّفَرِ) أَيْ مَا يَقُولُهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا، وَعَكَسَ فِي الْبَابِ بَعْضَ مَا تَرْجَمَ لَهُ وَبَدَأَ بِحُكْمِ رَدِّ السَّلَامِ فَقَالَ: (وَرَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ) وُجُوبَ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَالِابْتِدَاءُ بِهِ سُنَّةٌ) كِفَايَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ (مُرَغَّبٌ فِيهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦] وقَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: ٦١] الْآيَةُ (وَالسَّلَامُ) أَيْ وَصِفَةُ الِابْتِدَاءِ بِهِ (أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ) أَوْ غَيْرُهُ: (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ السَّلَامِ]

قَوْلُهُ: وَصِفَتُهُ] الْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ لَفْظَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِلْحُكْمِ وَالصِّفَةِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُ الْمُصَنِّفَ قَاصِرًا عَلَى الْحُكْمِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي [قَوْلُهُ: وَصِفَتُهُ] أَرَادَ بِهَا الْحَقِيقَةَ [قَوْلُهُ: وَصِفَةُ التَّنَاجِي] الْأَوْلَى وَحُكْمُ التَّنَاجِي.

[قَوْلُهُ: وَبَيَانُ ذِكْرِ الْقُرْآنِ] لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ ذِكْرٍ أَيْ فِي بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرْآنِ مِنْ طَلَبٍ أَوْ تَرْكٍ أَوْ قَدْرٍ.

[قَوْلُهُ: وَفِي الدُّعَاءِ] أَيْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ كَوْنِهِ كَذَا وَكَذَا وَفِي مَوْضِعِ كَذَا [قَوْلُهُ: وَذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى] أَيْ وَفِي حُكْمِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى [قَوْلُهُ: وَعَكَسَ فِي الْبَابِ] أَيْ فَقَدَّمَ الذِّكْرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ، وَقَدَّمَ الدُّعَاءَ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَهَذَا الصُّنْعُ جَائِزٌ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: ١٠٦] الْآيَةُ.

[قَوْلُهُ: وُجُوبَ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَعَلَى كُلٍّ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِ الْمُسَلِّمِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَقَدَّمَ حُكْمَ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ التَّصْدِيرَ بِحُكْمِ الِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ اهْتِمَامًا بِشَأْنِ الْوَاجِبِ.

[قَوْلُهُ: وَالِابْتِدَاءُ بِهِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ فَرْضٌ: [قَوْلُهُ: مُرَغَّبٌ فِيهَا] أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَقَدْ جَاءَ أَنَّ مَنْ قَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، فَإِذَا قَالَ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِشْرِينَ حَسَنَةً، وَإِذَا قَالَ: وَبَرَكَاتُهُ كَتَبَ لَهُ ثَلَاثِينَ حَسَنَةً، وَقِيلَ: إنَّهُ لَفْظٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ إذْ مَعْلُومٌ أَنَّ السُّنَّةَ مُرَغَّبٌ فِيهَا.

[قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى. . . إلَخْ] دَلِيلٌ لِلْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَرَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ، اعْلَمْ أَنَّ التَّحِيَّةَ فِي دِينِنَا بِالسَّلَامِ فِي الدَّارَيْنِ، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَقُولُ: حَيَّاك اللَّهُ فَأُبْدِلَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا " قُولُوا: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ إذَا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَإِذَا قَالَ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ قُولُوا: وَبَرَكَاتُهُ، وَقَوْلُهُ: " أَوْ رُدُّوهَا " أَجِيبُوهَا بِمِثْلِهَا كَأَنْ يَقُولَ الْمُبْتَدِئُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَيَرُدُّ مِثْلَهَا وَلَا يَزِيدُ شَيْئًا.

[قَوْلُهُ: قَوْله تَعَالَى] دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَ فِيهَا مَا يُفِيدُ خُصُوصَ السُّنَّةِ فَضْلًا عَنْ التَّرْغِيبِ [قَوْلُهُ: فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ] فَابْدَءُوا بِالسَّلَامِ عَلَى أَهْلِهَا الَّذِينَ هُمْ مِنْكُمْ دِينًا وَقَرَابَةً أَوْ بُيُوتًا فَارِغَةً، فَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ بِهَذَا الِاسْتِدْلَال فَقَوْلُهُ الْآيَةُ لَا حَاجَةَ لَهُ.

[قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ] أَيْ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الرَّجُلِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي التَّصَرُّفِ [قَوْلُهُ: بِصِيغَةِ الْجَمْعِ] فَلَوْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك لَمْ يَكُنْ مُسَلِّمًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>