للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٣ - بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ] (بَابٌ فِي) بَيَانِ صِفَةِ (صَلَاةِ السَّفَرِ) وَحُكْمِهَا وَسَبَبِهَا وَمَحَلِّهَا وَبَعْضِ شُرُوطِهَا، وَبَعْضِ مَا يُبْطِلُ الْقَصْرَ، وَمَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِهَا. وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْخَمْسَةِ الْأُوَلِ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ سَافَرَ إلَى قَوْلِهِ: حَتَّى يُجَاوِزَ إلَخْ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (وَمَنْ سَافَرَ) أَيْ قَصَدَ سَفَرًا فِي الْبَرِّ أَوْ فِي الْبَحْرِ، وَاجِبًا كَانَ كَسَفَرِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ، أَوْ مَنْدُوبًا كَسَفَرِ الْحَجِّ التَّطَوُّعِ، أَوْ مُبَاحًا كَسَفَرِ التِّجَارَةِ (مَسَافَةَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ) جَمْعِ بَرِيدٍ وَهُوَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَالْمِيلُ أَلْفَا ذِرَاعٍ. (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْبَعَةُ بُرُدٍ. (ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْصُرَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَضَمِّ الصَّادِ (الصَّلَاةَ) الْمَفْرُوضَةَ الْمُؤَدَّاةَ فِي السَّفَرِ وَالْمَقْضِيَّةَ لِفَوَاتِهَا فِيهِ (فَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ إلَّا الْمَغْرِبَ فَلَا يَقْصُرُهَا) ؛ لِأَنَّهَا وِتْرٌ لَا نِصْفَ.

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ]

[قَوْلُهُ: بَيَانِ صِفَةِ صَلَاةِ] أَيْ مِنْ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ [قَوْلُهُ: وَحُكْمِهَا] أَيْ السُّنِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ: وَسَبَبِهَا وَهُوَ السَّفَرُ [قَوْلُهُ: وَمَحَلِّهَا] أَيْ صَلَاةِ السَّفَرِ، أَرَادَ بِالْمَحَلِّ مَا فَوْقَ بُيُوتِ الْمِصْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الرُّبَاعِيَّةَ؛ إذْ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرُّبَاعِيَّةِ.

وَقَوْلُهُ: وَبَعْضُ شُرُوطِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ. [قَوْلُهُ: وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْخَمْسَةِ الْأُوَلِ] أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: صِفَةِ صَلَاةِ السَّفَرِ وَحُكْمِهَا وَسَبَبِهَا وَمَحَلِّهَا وَبَعْضِ شُرُوطِهَا [قَوْلُهُ: حَتَّى يُجَاوِزَ] بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ [قَوْلُهُ: وَمَنْ سَافَرَ] أَيْ قَصَدَ فَفِيهِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ [قَوْلُهُ: وَاجِبًا إلَخْ] أَيْ لَا مَكْرُوهًا وَلَا حَرَامًا كَصَيْدِ اللَّهْوِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ مَكْرُوهٌ وَالثَّانِيَ حَرَامٌ فَإِنَّهُمَا لَا يَقْصُرَانِ كَمَا فِي ابْنِ عُمَرَ أَيْ تَحْرِيمًا فِي الْحَرَامِ وَكَرَاهَةً فِي الْمَكْرُوهِ، فَإِنْ قَصَرَا لَمْ يُعِيدَا عَلَى الرَّاجِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَاصِيَ إمَّا بِهِ كَالْآبِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَإِمَّا فِيهِ كَالزَّانِي وَشَارِبِ الْخَمْرِ. فَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فَإِنْ تَابَ الْأَوَّلُ قَصَرَ إنْ بَقِيَ بَعْدَهَا مَسَافَةُ قَصْرٍ، وَإِنْ عَصَى فِي أَثْنَائِهِ أَتَمَّ مِنْ حِينَئِذٍ.

[قَوْلُهُ: مَسَافَةَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ] أَيْ مَسَافَةً هِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ [قَوْلُهُ: وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا] فَإِنْ قَصَرَ فِيمَا دُونَهَا فَإِنْ كَانَ فِيمَا مَسَافَتُهُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ مِيلًا أَعَادَ أَبَدًا وَفِيمَا مَسَافَتُهُ أَرْبَعُونَ لَا إعَادَةَ، وَفِيمَا مَسَافَتُهُ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ هَلْ يُعِيدُ فِي جُلِّ الْوَقْتِ أَمْ لَا، أَيْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ.

وَفِي التَّوْضِيحِ يُعِيدُ مَنْ قَصَرَ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا أَبَدًا عَلَى الْمَذْهَبِ.

[قَوْلُهُ: وَالْمِيلُ أَلْفَا ذِرَاعٍ] فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَوْنَهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَخَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَالذِّرَاعُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ الْمَرْفِقِ إلَى آخِرِ الْأُصْبُعِ الْمُتَوَسِّطِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أُصْبُعًا كُلُّ أُصْبُعٍ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ بَطْنُ إحْدَاهُمَا إلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى، كُلُّ شُعَيْرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ، وَهَذَا بَيَانٌ لِأَقَلِّ الْمَسَافَةِ الَّتِي تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَحَدُّهَا بِالزَّمَانِ سَفَرُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ الْمُعْتَادَةِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا وِتْرٌ وَلَا نِصْفَ لَهَا] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: إذْ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ نِصْفُ رَكْعَةٍ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ تُكْمَلْ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى تُقَدِّرَ النِّصْفَ كَمَا فُعِلَ فِي طَلَاقِ الْعَبْدِ وَفِيمَنْ طَلَّقَ نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةِ؟ قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ فُعِلَ ذَلِكَ لَذَهَبَ مَقْصُودُ الشَّرْعِ مِنْ كَوْنِ عَدَدِ رَكَعَاتِ الْفَرْضِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وِتْرًا وَلِلشَّرْعِ قَصْدٌ فِي الْوِتْرِ، وَانْظُرْ لِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>