للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: فَعَلَيْهِ أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ وَاجِبٌ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ جُمَلٍ حَيْثُ قَالَ: وَالْإِقْصَارُ فِيهِ وَاجِبٌ وَأَوَّلَهَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بِوُجُوبِ السُّنَنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

وَلِلْقَصْرِ شُرُوطٌ:

أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْمَسَافَةُ الْمَذْكُورَةُ مَقْصُودَةً فِي ذَهَابِ ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً مِثْلَ أَنْ يَمْشِيَ فِي طَلَبِ حَاجَةٍ لَهُ يَظُنُّ أَنَّهَا أَمَامَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي ذَهَابِهِ وَلَوْ مَشَى أَرْبَعَةَ بُرُدٍ، وَيَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ، ثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ مُبَاحًا بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِيهِ، فَيَدْخُلَ فِيهِ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُبَاحُ، ثَالِثُهَا: عَلَى مَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِمُقِيمٍ. ابْنُ قَاسِمٍ فِي الْكِتَابِ: يُتِمُّ وَرَاءَهُ إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ.

قَالَ مَالِكٌ: لَا يُتِمُّ، رَابِعُهَا: عَلَى مَا فِيهَا أَيْضًا عَنْ الْكِتَابِ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَ الْمِصْرِ) ج: ظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ جُمُعَةٍ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. ع: قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية العدوي]

سَكَتَ عَنْ الصُّبْحِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُقْصَرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّرْعِ قَصْرُهَا.

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا بِأَنْ تُجْعَلَ رَكْعَةً، وَاَلَّذِي يُغْنِي عَنْ تَطْوِيلِ الْقَوْلِ فِيهَا وَفِي الْمَغْرِبِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يُقْصَرَانِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلسَّفَرِ فِيهِمَا.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ إلَخْ] سُنَّةٍ وَمُسْتَحَبٍّ وَمُبَاحٍ وَفَرْضٍ كَمَا حَكَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الْبُلُوغُ وَلَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ عَيْنَ الْحُكْمِ هَلْ هُوَ السُّنِّيَّةُ أَوْ النَّدْبُ وَالظَّاهِرُ النَّدْبُ.

[قَوْلُهُ: بِوُجُوبِ السُّنَنِ] أَيْ فَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ كَمَا فِي تت

[قَوْلُهُ: فِي ذَهَابِ] الْأَوْلَى حَذْفُ ذَهَابِ.

[قَوْلُهُ: دَفْعَةً وَاحِدَةً] أَيْ مَقْصُودَةً دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَخَرَجَ بِهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

الثَّانِي: أَنْ يُقِيمَ فِيمَا بَيْنَهَا إقَامَةً تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ، فَمَنْ قَصَدَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ وَنَوَى أَنْ يَسِيرَ مِنْهَا مَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ثُمَّ يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ ثُمَّ يُسَافِرَ بَاقِيَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَقْطَعَهَا عَلَى ظَهْرٍ وَاحِدٍ أَيْ يَقْطَعَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً.

وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَقْصُودَةً وَالثَّانِي دَفْعَةً، فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ مُحْتَرَزُ مَقْصُودَةً، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مُحْتَرَزُ دَفْعَةً، وَدَفْعَةٌ بِفَتْحِ الدَّالِ.

[قَوْلُهُ: يَظُنُّ أَنَّهَا أَمَامَهُ] بَلْ وَلَوْ جَزَمَ بِأَنَّهَا أَمَامَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْرِ عَيْنَ مَوْضِعِهَا.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا] قَدَّمْنَا مُحْتَرَزَهُ.

[قَوْلُهُ: وَالْمُبَاحُ] أَيْ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ.

[قَوْلُهُ: إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً] هَذَا إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا كَمَنْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَأَمَّا إنْ نَوَى الْقَصْرَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ.

وَقَوْلُهُ: لَا يُتِمُّ هَذَا إذَا أَحْرَمَ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ وَإِلَّا بِأَنْ نَوَى الْإِتْمَامَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَإِنَّهُ يُتِمُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَأْمُومَ الْمُسَافِرَ خَلْفَ الْمُقِيمِ تَارَةً يَنْوِي الْإِتْمَامَ خَلْفَهُ، وَمِثْلُهُ الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَتَارَةً يَنْوِي صَلَاةَ سَفَرٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً أَمْ لَا. فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ يَتْبَعُهُ مُطْلَقًا، وَفِي الثَّانِي إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا صَحَّتْ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ [قَوْلُهُ: قَالَ مَالِكٌ] عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُتِمُّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ.

تَنْبِيهٌ: بَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْ مَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ إلَى طَوِيلَةٍ بِلَا عُذْرٍ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَ الْمِصْرِ] أَيْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْبُيُوتُ خَرَابًا لَا سَاكِنَ بِهَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَسَاتِينُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْدِيَةِ الْبَلَدِيِّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ الْمُتَّصِلَةَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا كَالْبَسَاتِينِ الَّتِي يَرْتَفِقُ أَهْلُهَا وَسُكَّانُهَا بِمَرَافِقِ الْمُتَّصِلَةِ مِنْ أَخْذِ نَارٍ وَطَبْخٍ وَخَبْزٍ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسْكُونَةِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَمِثْلُ الْبَسَاتِينِ الْقَرْيَتَانِ إذَا اتَّصَلَتَا أَوْ اشْتَدَّ قُرْبُهُمَا بِحَيْثُ يَرْتَفِقُ أَهْلُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِأَهْلِ الْأُخْرَى فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْ إحْدَاهُمَا حَتَّى يُجَاوِزَ الْأُخْرَى وَيَنْفَصِلَ عَنْهُمَا لَا إنْ بَعُدَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَلَا يَعْتَبِرُ مُجَاوَزَةَ الْأُخْرَى، وَأَمَّا الْمَزَارِعُ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>