[١٩ - بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ] وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى ثُلُثِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ ابْتَدَأَ الثُّلُثَ الثَّانِيَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْجَنَائِزِ فَقَالَ: (بَابُ مَا) أَيْ فِي بَيَانِ الَّذِي (يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ) بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا، الْمَيِّتِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَجَلَهُ حَضَرَهُ (وَفِي) بَيَانِ كَيْفِيَّةِ (غُسْلِ الْمَيِّتِ) وَمِنْ يُغَسِّلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَ) فِي بَيَانِ (كَفَنِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ وَفِي بَيَانِ عَدَدِهَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(وَ) فِي بَيَانِ (تَحْنِيطِهِ) وَتَحْنِيطِ كَفَنِهِ (وَ) فِي بَيَانِ (حَمْلِهِ) تَرْجَمَ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَابِ (وَ) بَيَانِ كَيْفِيَّةِ (دَفْنِهِ) أَيْ وَضْعِهِ فِي قَبْرِهِ وَمَا يُوضَعُ فِيهِ، وَبَدَأَ بِمَا صَدَّرَ بِهِ فِي التَّرْجَمَةِ فَقَالَ: (وَيُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْمُحْتَضَرِ) حِينَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ وَيُوقَنُ بِمَوْتِهِ، وَعَلَامَةُ ذَلِكَ إشْخَاصُ بَصَرِهِ وَلَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ، وَالْمُسْتَحَبُّ فِي صِفَةِ الِاسْتِقْبَالِ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ وَصَدْرُهُ إلَى الْقِبْلَةِ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (إغْمَاضُهُ) أَيْ تَغْلِيقُ عَيْنَيْهِ (إذَا قَضَى) نَحْبَهُ، وَيُقَالُ عِنْدَ ذَلِكَ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّت]
بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ هَذِهِ الْعِلَّةُ تُنَاسِبُ الْفَتْحَ وَفِي زَرُّوقٍ وَالْمِصْبَاحِ: بِفَتْحِ الضَّادِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْكَسْرَ أَوْ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ حَضَرَتْهُ لِنَزْعِ رُوحِهِ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، أَوْ لِحُضُورِ أَهْلِهِ غَالِبًا أَوْ لِحُضُورِ الشَّيَاطِينِ لِفِتْنَتِهِ، وَهَذِهِ الْعِلَلُ كُلُّهَا تُنَاسِبُ الْفَتْحَ الَّذِي هُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ قَامَ بِهِ الِاحْتِضَارُ، وَالْأَجَلُ لَهُ إطْلَاقَانِ مُدَّةُ الْحَيَاةِ وَانْتِهَاءُ تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَلَا تَقْدِيرَ، وَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ أَيْ آخِرِ أَجَلِهِ. [قَوْلُهُ: وَفِي غُسْلِ الْمَيِّتِ] لَمْ يُضْمَرْ بِأَنْ يَقُولَ: وَفِي غُسْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُغَسَّلُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يُسَمَّى مُحْتَضَرًا إلَّا عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ.
[قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ] أَيْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْغُسْلِ كَكَوْنِهِ يَعْصِرُ بَطْنَهُ رِفْقًا.
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا] فَأَمَّا الْفَتْحُ فَهُوَ مَا يُكَفَّنُ بِهِ الْمَيِّتُ، وَأَمَّا السُّكُونُ فَهُوَ إدْرَاجُ الْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ أَيْ فِي بَيَانِ حُكْمِ كَفَنِهِ [قَوْلُهُ: أَيْ وَفِي بَيَانِ عَدَدِ إلَخْ] رَاجِعٌ لِلْفَتْحِ [قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ] أَيْ مِمَّا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَمَّصَ وَيُعَمَّمَ [قَوْلُهُ: وَتَحْنِيطِهِ إلَخْ] أَيْ حُكْمُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: تَرْجَمَ لَهُ إلَخْ] وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي تَرْجَمَ لَهُ هُوَ قَوْلُهُ: وَلَا يُتْبَعُ الْمَيِّتُ بِمِجْمَرٍ وَلَيْسَ هَذَا حَقِيقَةَ الْحَمْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَكَتَ عَنْهُ لِأَجْلِ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْحَمْلَ.
[قَوْلُهُ: كَيْفِيَّةِ دَفْنِهِ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَصْدَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الدَّفْنِ لَا نَفْسُ الدَّفْنِ. [قَوْلُهُ: وَمَا يُوضَعُ فِيهِ] أَيْ مِنْ اللَّبِنِ. [قَوْلُهُ: حِينَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ] أَيْ حِينَ يَغْلِبُ الْحَالُ عَلَيْهِ وَتَظْهَرُ عَلَامَاتُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ وَيُوقِنُ بِمَوْتِهِ عَطْفٌ لَازِمٌ. [قَوْلُهُ: إشْخَاصُ بَصَرِهِ] يُقَالُ: أَشْخَصَ الرَّجُلُ بَصَرَهُ إذَا فَتْحَ عَيْنَيْهِ لَا يَطُوفُ. وَقَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَقْبَلُ أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ فِيمَا يَظْهَرُ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يُجْعَلَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ] كَمَا يُنْدَبُ أَنْ يُوضَعَ فِي قَبْرِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلًا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى ظَهْرِهِ، وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَضْعِهِ لِلْغُسْلِ فَيُسْتَحَبُّ وَضْعُهُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ لِيَبْدَأَ بِغُسْلِ الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ. [قَوْلُهُ: وَصَدْرُهُ إلَى الْقِبْلَةِ] عِبَارَةُ تت وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ. [قَوْلُهُ: إذَا قَضَى نَحْبَهُ] النَّحْبُ النَّذْرُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ حَيٍّ لَا بُدَّ أَنْ يَمُوتَ فَكَأَنَّهُ نَذْرٌ لَازِمٌ، فَإِذَا مَاتَ قَضَى نَحْبَهُ أَيْ نَذْرَهُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مَاتَ، بِالْفِعْلِ جَزْمًا وَلِذَلِكَ أَتَى بِإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute